لا تتردَّدُ أجهزةُ الاستخباراتِ في مختلفِ دولِ العالمِ في استخدامِ كافّةِ الوسائلِ للحصولِ على المعلوماتِ ومتابعةِ من تضعُهم في دائرةِ الاستهدافِ بغضِّ النّظرِ عن تماشي ما تستخدمهُ من أدواتِ التّتبعِ والتجسّسِ مع القانونِ أو الأخلاق. وغنيٌّ عن القولِ أنَّ انتشارَ استخدامِ الهواتفِ الذكيّةِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ يوفّرُ لأجهزةِ الاستخباراتِ كمًّا هائلاً من المعلوماتِ المجانيّةِ التي كانَ الحصولُ عليها قبلَ سنواتٍ قليلةٍ يحتاجُ إلى جهدٍ بشريٍّ وتقنيٍّ عالي التكلفةِ، إنْ لمْ يكنْ في بعضِ الأحيانِ مستحيلاً.

تتصدّرُ أجهزةُ الاستخباراتِ الإسرائيليةِ قائمةَ الأجهزةِ التي تعملُ باستمرارٍ على تطويرِ أدواتِها التجسّسيةِ، وفي هذا السياقِ يأتي تصميمُ أخطرِ منصّةٍ للتجسّسِ على الهواتفِ المحمولةِ، وهي المنصّةُ المعروفةُ بِاسم Pegasus أي الحصانِ المُجَنّحِ (أتعمّدُ عدمَ استخدامِ تعبيرِ "البُراقِ" كي لا يتمَّ تلويثُه والإساءةُ إليهِ)، وهي منصّةٌ قادرةٌ على اختراقِ الأجهزةِ المحمولةِ بشكلٍ يسمحُ بمتابعةِ كلِّ ما فيها من محتوياتٍ كالصُّورِ والأشرطةِ وأرقامِ الهواتفِ المحفوظةِ في الذاكرةِ، وكلِّ ما يقومُ به المستَخدِمُ من أنشطةٍ عبرَ هاتفهِ، كالمكالماتِ الصوتيةِ أو المرئيةِ والرسائلِ النصيّةِ والحوارِ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، بما يشملُ كلَّ التطبيقاتِ المعروفةِ ومنها تطبيقُ واتساب، إضافةً إلى إمكانيّةِ تشغيل "كاميرا" الهاتف أو "الميكروفون" في أيةِ لحظةِ. هذا ويتمُّ اختراقِ الهاتفِ من خلالِ رابطٍ يتمُّ إرسالُهُ عبر رسالةٍ قصيرةٍ أو خلالَ وجودِهِ في مركزٍ للصيانةِ والتصليح، إضافةً إلى إمكانيةِ تثبيتِ البرنامجِ في الهاتفِ قبلَ بيعِه.

 

الجهةُ المنتِجةُ للتطبيقِ التجسُّسيّ هي شركةٌ إسرائيليّةٌ تعملُ تحتَ اسم NSO GROUP والأشخاصُ القائمونَ عليها معروفونَ بنشاطِهم السابقِ في الجيشِ الإسرائيليّ، ويصرّون على أنَّ الهدفَ من تصميمِ وبيعِ منصّتِهم هو "مكافحةُ الإرهابِ". يصلُ سعرُ النسخةِ الواحدةِ من هذا التطبيقِ إلى عدةِ ملايين من الدولاراتِ، وتسمحُ النسخةُ بتشغيلِ المنصّةِ ضمنَ دولةٍ معينةٍ ومراقبةِ من تشاءُ من مواطنيها، وتمَّ بيعهُ حتى الآن إلى أكثرَ من ٤٥ دولةً، وهو ما يُثيرُ قلقَ ومخاوفَ منظّماتِ حقوقِ الإنسانِ، لأنَّ هذه الدولَ التي لا تجرؤ لأسبابٍ سياسيّةٍ على الإعلانِ رسميًّا عن شراءِ هذه المنصةِ الإسرائيليّةِ، تستخدمُها لمراقبةِ مواطنيها منَ المعارضينَ السياسيينَ والناشطينَ في مجالِ الدفاعِ عن حقوقِ الإنسان.

دولةُ الاحتلالِ والاستيطانِ رائدةٌ في كلِّ المجالاتِ التي تنتهكُ حقوقَ الإنسانِ وتسبيحُ خصوصيتهُ وحريتَهُ وحياتَهُ.

 

*فكّر قليلاً وأنتَ تقرأُ هذه الرسالةَ، فقد تكونُ لستَ الوحيدَ الذي يقرأها.. وتذكَّرْ: لا يوجدُ تطبيقٌ أو هاتفٌ آمِن.

 

٢٩-٨-٢٠١٩

 

رسالة اليوم

رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان