ها هو نتنياهو يسارع في توجيه ضربة عدوانية مزدوجة الأولى نحو الأمم المتحدة رداً على قرارها 2334 الصادر يوم 23/12/2016 ، الرافض للاستيطان وللمستوطنين على أرض دولة الشعب الفلسطيني المحتلة عام 1967، والثانية رداً على قرار قمة البحر الميت العربية الصادر يوم 29/3/2017، الرافض أيضاً للاستيطان وللمستوطنين، فقد أعلنت حكومة المستوطنين وأحزابهم، حكومة نتنياهو الائتلافية بإنشاء مستوطنة مستعمرة جديدة على أرض الضفة الفلسطينية شمال مدينة رام الله، بشكل رسمي وحكومي، بدون لف أو تضليل أو دوران، بل بقرار من الحكومة يشكل غطاء متمادياً لإنشاء مستوطنة جديدة على أرض الفلسطينيين المصادرة ، وإعتماداً على قرار الكنيست الإسرائيلي المعنون بـ " قانون التسوية " والمتضمن سيطرة المستوطنين على أراضي الفلسطينيين عبر الشراء عُنوة وبالقوة، قوة الهيمنة والتسلط والحكم العسكري الاحتلالي، فإذا قبل صاحب الأرض الفلسطيني استلام ثمن أرضه والتنازل عنها يتحول إلى شخص منبوذ من قبل شعبه ومجتمعه، وإذا رفض قرار بيعها وترفع عن استلام مستحقاته من ثمن الأرض، يفقد الأرض وثمنها، وبذلك يخسرهما في نفس الوقت، أمران أحلاهما أسوأ وأقصى من الأخر.

نتنياهو يرد على قراري القمة العربية، ومجلس الأمن الدولي بإصرار ووعي منهجي مسبق وذلك عبر إمعانه في سرقة أرض الفلسطينيين وبناء المستعمرات لمستعمرين أجانب عليها، بما يتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة على أرض وطنه، ورغم صدور قرار مجلس الأمن ضد الاستيطان والمستوطنين .

نتنياهو في سلوكه العدواني الاستعماري لا ينفرد بهذا النهج رداً على قراري القمة العربية ومجلس الأمن، بل سبق وفعلها كافة قيادات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وخاصة شارون حينما رد على  قرار قمة بيروت العربية يوم 30/3/2002 ، بإعادة احتلال مدن الضفة الفلسطينية التي سبق وأنحسر عنها الاحتلال بفعل إتفاق أوسلو عام 1993، فأعاد احتلالها رداً على مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت أنذاك.

هذا هو الرد كلما أمضى العرب بالحديث عن خيارهم الإستراتيجي نحو السلام والتسوية والتمسك بمبادرة السلام العربية التي تتضمن قبول المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي والإعتراف بـ " إسرائيل"، مقابل قبول تل أبيب بحل الدولتين وإنسحاب قوات الإحتلال وإزالة المستوطنات من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة عام 1967 ، كلما طرح العرب مبادراتهم تلك وأصروا على التسوية والتعايش، وتطبيع العلاقات مع المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، كلما تمادى هذا المشروع الإستعماري وإندفع ليلتهم مزيداً من الأرض، ويعمل على تهويدها وأسرلتها ، وإفقار شعبها وجعل أرضهم طاردة لأهلها وسكانها لصالح المستوطنين المستعمرين الأجانب، المتمتعين بكامل أصواف الدعم والإسناد فيمن أغلبية الطوائف اليهودية، وبغطاء وإسناد أميركي، رغم العتب الأميركي على التمادي الإسرائيلي والأيغال بمشاريع الإستيطان والتوسع، مقابل هدم بيوت الفلسطينيين وطردهم وجعلهم بلا مأوى، وبلا أمل، وبلا إمكانات تقيمهم العوز والحاجة والإستقرار.

ليس مطلوباً من العرب إعلان حالة الحرب على المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، ولا أحد يُراهن على هذا الخيا ، وليس له قيمة فعلية يمكن أن تتحقق، بل المطلوب العمل باتجاهين فقط :

 أولاً : العمل على مقاطعة المؤسسات الرسمية الإسرائيلية وشل فعاليتها وتطويقها والعمل على عزلتها على المستوى الدولي إضافة إلى ضرورة كسب المزيد من الأصدقاء الأوروبيين والأميركيين وغيرهما من مناطق نفوذ الطوائف اليهودية في العالم.

وثانياً : تقديم الدعم والإسناد للشعب العربي الفلسطيني لمواصلة صموده على أرضه سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 ، وإحترام خياراته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والحرص على عدم المساس بوحدته السياسية بين مختلف المكونات والفعاليات والإتجاهات الفلسطينية، والحفاظ على مكانة منظمة التحرير، بإعتبارها ممثلة الشعب الفلسطيني داخل وطنهم وخارجه.