"تؤكد حركة حماس على رفضها التام لاتفاقات أوسلو وملحقاتها وما ترتب عليها من التزامات تتناقض مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه" .

أعلاه هو البند 29 مما سمي بوثيقة حماس التي نشرتها الميادين وأكد سامي أبو زهري  الناطق باسم حماس صحتها، باعتبار قوله ان ما حصلت عليه الميادين مسودة.

لا تعنينا كل بالونات الاختبار، لأننا لم نجد في (الوثيقة البالون) إلا هواء الكلام الذي اعتادت الجماعات الاسلاموية نفخه في وجوه الناس كلما رغبت بالانتقال من مرحلة إلى أخرى تثبت دعائم  سلطتها التي ترفعها كما تدعي على مبادئ الشريعة،  ثم تعود لتهوي بها الى قاع الرغبات السلطوية المادية الدنيوية .. وللتذكير فان محمد مرسي خاطب الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بصديقي العزيز، وتعهدت جماعته باحترام اتفاقية كامب ديفيد التي كانوا يعتبرونها خيانية، فيما اعتذرت الجماعة عن ورود مصطلح دولة إسرائيل في رسالتها الموجهة إلى القمة العربية في المملكة الأردنية الهاشمية، فالتقلب والانقلاب وتقمص الأدوار والباطنية ماركة مسجلة باسمهم.

 ما يعنينا في هذا البند، وحتى تنال حماس واحداً بالمئة من المصداقية، أن تقرر فور إعلان الوثيقة رسمياً الانسحاب من المجلس التشريعي (ابن اوسلو) المعطل بفعل انقلابها قبل 10 سنوات، والإعلان عن ان مشاركتها في الانتخابات التشريعية والبلدية والحكومات الفلسطينية ابتداء من الحكومة العاشرة التي رأسها إسماعيل هنية، كان خطيئة تاريخية، وإنها ستمتنع عن استثمار واستغلال مسمى ومصطلح ورموز السلطة الفلسطينية بعد الآن.. فقادة حماس ومشايخها الذين صاغوا الوثيقة الجديدة هم أنفسهم الذي اعتبروا اوسلو ومخرجاتها كفراً وخيانة، وهم أنفسهم الذين دخلوا ملة الكفر والخيانة برؤوسهم قبل أقدامهم تحت قبة المجلس التشريعي واستلموا مفاتيح حكومة السلطة ومقاعد وزرائها الوثيرة !!، يوم تأكدوا أن قفزهم على التشريعي سيؤمن لهم  اغتصاب السلطة بالانقلاب المسلح.

وثيقة حماس لا تعنينا كوطنيين فلسطينيين ما لم تقر بأن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فالنص كما ورد في (الوثيقة البالون) نفهمه كإقرار خجول من حماس بأن المنظمة إطار وطني للشعب الفلسطيني، وكأنها بذلك لا تريد إلغاء مخططها السيطرة عليها ثم تفجيرها أو تفكيكها من الداخل، أو تحويلها إلى (إطار للبهلوانات السياسية) في سيرك جماعة الإخوان المسلمين.

فالمادة 27 من الميثاق الجديد القديم نصت على ما يلي:"  منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية".

يؤكد نص المادة 27 مسعى حماس لاستغفال الجماهير الفلسطينية، فهي تتحدث عن إطار وكأن منظمة التحرير مجرد هيكل مؤسسة اقتصادية  أو اجتماعية أو خيرية يجب المحافظة عليها لأهميتها بنظر حماس، التي لا يتجاوز مفهومها لمصطلح  المحافظة عليه هنا أكثر من اعتباره الدرج القائم (السلم)  للوصول إلى (ذروة مشروع الإخوان).

لا يفيد (اللت والعجن) فيما سماه القيادي الحمساوي احمد يوسف بالمراجعات، فالنص الذي وضع في المسرب السهل لوسائل الإعلام، يقدم  حماس كشخص لبس ثوبه بالمقلوب!! بعد تراكم آثار الخطايا على الوجه الأصلي، والوثيقة أبعد ما تكون عن المراجعة، حتى لو إن نصوصاً في الميثاق السابق أعيد تجميلها بمفردات جديدة، ذلك إن التناقضات هي الأبرز في هذه الوثيقة..إذ كيف تؤمن حماس بعلاقة طبيعية مع دول العالم وهي- حماس-  لا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وإنما تعتبرها (إطاراً وطنياً) فيما دول العالم قاطبة أقرت واعترفت إنها الممثل الشرعي والوحيد  للشعب الفلسطيني ؟!.

 حماس تتحدث عن إدارة الصراع والمقاومة مع دولة الاحتلال إسرائيل من حيث التصعيد  والتهدئة في رسالة واضحة العنوان لإسرائيل:" انأ الضامن الوحيد للأمن على جانبي الحدود" وهاكم المادة 24 واقرؤوها جيدا: " ترفض حماس المسّ بالمقاومة وسلاحها، وتؤكد على حق شعبنا في تطوير وسائل المقاومة وآلياتها، وإن إدارة المقاومة من حيث التصعيد أو التهدئة، أو من حيث تنوع الوسائل والأساليب، يندرج كله ضمن عملية إدارة الصراع، وليس على حساب مبدأ المقاومة ".

حماس في النصف الأول من المادة 24 تبعث برسالة للداخل الفلسطيني عندما تتحدث عن المس بسلاح المقاومة، أي هي في الحقيقة ترفض وحدانية السلاح  وحصره في المؤسسة الأمنية الشرعية الرسمية وفق النظم والقوانين، أما في الشق الآخر من المادة 24 فهي رسالة مزدوجة مباشرة لإسرائيل الاتجاه الأول: تأكيد قدرتها على إخضاع سلاح المقاومة واستخداماته والهيمنة عليه لمصلحتها الحزبية السلطوية، وفي الاتجاه الآخر يقولون لدولة الاحتلال: سنبقى نتكلم عن المقاومة والجهاد  و(الكلام ما عليه جمرك)!!