عقدت مجموعة السلام العربية مؤتمرها الثاني في مقر جامعة الدول العربية على مدار يومين الاثنين والثلاثاء 29 و30 إبريل الماضي وافتتح الرئيس على ناصر محمد أعمال الاجتماع بكلمة هامة عكست الاهتمام العربي بقضية العرب المركزية، وناب د. سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته المعبرة حيث احتلت فلسطين لب وجوهر الكلمة، وقدم معالي سمير حباشنة الأمين العام للمجموعة تقريراً عن أعمال المجموعة خلال العام والنصف الماضية، وكذلك قدم معالي د. عبد الله عويدات التقرير المالي. وتركزت كلمات المتحدثون على قضية فلسطين عمومًا وحرب الإبادة الجماعية خصوصًا في قطاع غزة والضفة الفلسطينية بما فيها القدس العاصمة، ولم تغفل أو تغبن الكلمات الملفات العربية في السودان وسوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها، حيث قدم الأشقاء العرب من الأقطار العربية إضاءات عليها.

وشاركت العديد من الوجوه والشخصيات العربية الجديدة الوازنة أعمال المؤتمر، بالإضافة للأعضاء المؤسسيين. كما تم إحداث نقلة إيجابية في عضوية المجموعة مع تبنيها إبراز دور الشباب كرديف للشيوخ والرموز العربية لتعزيز دورهم في معالجة القضايا العربية المتعددة. رغم وجود بعض التباينات والاجتهادات بشأن اشراكهم في هذه المرحلة التأسيسية، ليس رفضًا أو انتقاصًا من دورهم ومكانتهم في المجتمعات العربية، وإنما انطلاقًا من ضرورة تكريس وجودها في الوسط العربي، ومنحها فرصة إثبات الذات، وتقدمها خطوة للأمام في الملفات العربية الملقاة على عاتقها، وبحيث تفتح الباب لاحقًا أمامهم، غير أنه تم التوافق في الاجتماع الثاني على انضمامهم للمجموعة. 
كان الهاجس الأساس في كلمات المتحدثين، ومحور الرحى على مدار اليومين الطويلين من المناقشات الهادفة والمسؤولة حول قضية العرب المركزية، فلسطين وتداعياتها، حتى أن الرئيس علي ناصر محمد، طالب المجموعة بإقتصار جدول الأعمال على قضية فلسطين وحدها دون سواها من الملفات العربية. لأن تداعياتها تنعكس على كل الملفات العربية، لكن البعض ارتأى افساح المجال أمام القضايا العربية الأخرى. ورغم ذلك تركز الحوار على فلسطين وارتدادات حرب الإبادة الجماعية على غزة في جلسة العصف الفكري، وعلى دور الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الرأسمالي في قيادة دفة حرب الإبادة الجماعية، التي أدمت قلوب أبناء الشعب العربي الفلسطيني عمومًا والأطفال والنساء خصوصًا، وحماية دولة إسرائيل اللقيطة، والتركيز على ملف الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، دون الالتفات للمذابح والمجازر التي يرتكبونها ضد الشعب الفلسطيني، رغم سقوط ما يزيد عن 34 ألف شهيد و77 ألف جريح ونحو 13 ألف مفقود، وتدمير مئات الالاف من الوحدات السكنية والجامعات والمدارس وإخراج غالبية المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، وتم التركيز على أن منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإعطاء أولوية للوحدة الوطنية كرافعة للكفاح الوطني التحرري الفلسطيني، والتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضرورة وقف الحرب فورًا وبشكل دائم، وإدخال المساعدات الإنسانية من مختلف المعابر وبكميات كبيرة، ورفض التهجير القسري من فلسطين وانسحاب إسرائيل الكامل من غزة، ورفض إقامة مناطق عازلة داخل حدود القطاع.

وثمن المجتمعون الدور الإيجابي والهام لحراك طلبة الجامعات الأميركية والأوروبية، والتطور الإيجابي وإلهام في الرأى العام العالمي، والتأثيرات النسبية الإيجابية في انزياحات نسبية في أوساط الحكومات الأوروبية لجهة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم مواصلة الإدارة الأميركية دور الشرطي البلطجي على دول الاتحاد الأوروبي عمومًا، وإدانة موقفها في تعطيل دور مجلس الأمن من القيام بمهامه الدولية تجاه وقف الحرب الاجرامية من خلال استخدامها عصا حق النقض "الفيتو" ضد 3 مشاريع قرارات بهذا الشأن.

وتم تبني إرسال رسالة لمؤتمر القمة العربية القادمة في المنامة في 16 مايو الحالي لحث مؤسسة القمة على إيلاء أهمية أكبر للقضايا العربية عمومًا وقضية فلسطين تحديدًا، واتفق على تشكيل لجان متخصصة بالملفات العربية لإحداث نقلة نوعية في مسار عمل المجموعة الرائدة في مجال المصالحات العربية الداخلية في الأقطار الشقيقة، والعربية العربية. أضف إلى المصادقة على تعديل النظام الداخلي للمجموعة، كما وأصدرت المجموعة بيانًا ختاميًا ركز على النقاط الأساسية المثارة، والتي تم المصادقة عليها بروح عالية من المسؤولية، وفي إطار التوافق الكامل بين أعضاء المجموعة، وبحيث تكون عناوينه بمثابة بوصلة لعمل المجموعة بالتلازم مع برنامج عملها الناظم لتوجهاتها وسياساتها القومية الإيجابية. 
وبالنتيجة يمكن الافتراض الواقعي أن المؤتمر الثاني كان خطوة إيجابية في مسار مجموعة السلام العربية، وحمل في ثناياه التأكيد على حرص المجموعة على مشروعها القومي في تجسيد المصالحات العربية الداخلية والعربية العربية. رغم إدراك الأعضاء جميعًا، وليس المجلس التنفيذي فقط بوجود صعوبات وتعقيدات موضوعية وذاتية في الملفات المختلفة، بيد أن هناك إصرارًا على تجاوز والتغلب على الصعوبات والارباكات، التي تنتصب أمامها. مازال مشوار مجموعة السلام العربية طويلاً، لكنها شقت طريق الألف ميل بخطوات جادة نحو الأمام.