تتنقل بين شجرة وأخرى برشاقه.. تتناول مفرشاً لتفترش الأرض خوفاً على حبات الزيتون من السقوط على التراب.. فتمسك غصناً لقطفها.. ثم تجلس جانباً.. وبعيون تحمل العزم والأمل والإصرار بالرغم من تجاعيد وجهها التي تحكي حكايات الألم والحرمان من شيء أحبته يوماً فتفصل ألأوراق عن الحبيبات.. لتردد الحاجة بهية هريشة (77 عاما) من بلدة قفين شمال مدينة طولكرم، " الجزائر تحتاج من يدعمها".
سقطت حبيبات الزيتون من يدها دون أن تشعر.. وتنفست بهية الصعداء وملأت رئتيها بالهواء كأنما تحاول أن تجدد الهواء الرطب الذي يتخلل مساماتها فتجدد بذلك ذكرياتها الرطبة المبللة بدموع الأسى، تماسكت قليلاً حتى لا تفضحها الدموع المتسربلة بين خطوط وتجاعيد وجهها تحاول تذكر الأيام التي كانت تذهب إليها دون قيود قائلة: "من يوم ما وعيت على الدنيا وأنا أهتم بأرضنا "خالة السمن " ونذهب إليها للاعتناء بها وزراعتها بالأشجار إلى أن جاء المحتل وسلبها منا بطريقة وحشية بمنعنا من الدخول إليها، أما الآن فقد حرمنا منها وكانها قطعة من قلبي ".
صمتت لدقائق وأخذت نفساً عميقا و مررت أصبعها السبابة على أخاديد الزمن التي حفرت في ثنايا وجهها الأبيض الصغير وانفلتت من بين جفنيها دمعة حارقة، تدرجت دون وعي على تلك الأخاديد، وعادت لمواصلة حديثها قائلة" "أما الجزائر والتي تقع بالجهة الغربية من البلدة فهي محاطة بمستوطنتي " كيبوتس ميسر وحريش" ومحاطة بشيك وبوابة تتحكم بها أمزجتهم والذهاب إليها ليس بالسهوله، وحسب الهدوء في المنطقه، ومساحتها تقارب (20 دونماً) مزروعة بأشجار الزيتون وعمر الشجرة يتراوح ما بين 25- 30 عاماً.
صمتت لثوانٍ، بلعت ريقها المتحطب لتضيف قائلة: "هناك تقصير من قبل المسؤولين بحقنا كمزارعين،
تركنا الحاجة بهية وذهبنا إلى رئيس هيئة الجدار والاستيطان، وليد عساف، حيث كان في فعالية قطف ثمار الزيتون في المناطق المحاذية للمستوطنات في محافظة سلفيت لنحدثه عن أمنية الحاجه بهية، وكان رده أنه على استعداد لمساعدتها في توفير بئر المياه للجزائر، وطلب منا أن نزوده بمعلومات عن الأرض كرقم القطعة والحوض. ويبقى سؤال الحاجة بهية هل ستتحقق أمنيتها قريباً أم إنها ستبقى حلماً...؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها