في العراق يكاد يكون لكل اسم كنية خاصة به، فكل محمد هو ابو جاسم، وكل ابراهيم ابو خليل، وكل علي ابو حسين، وكل حسن ابو علي، وكل خالد ابو الوليد، وكل طارق ابو زياد، وكل فاضل ابو العباس، وكل سليمان ابو داود، وكل يوسف ابو يعقوب، وكل فيصل ابو غازي، وكل احمد ابو شهاب، وكل نضال ابو عزيز، وكل فهد ابو نمر، وكل خليل ابو اسماعيل.

ولا شك لدي بان كل مظفر عراقي سيحمل كنية ابو عادل تيمنا بالنواب، وكل مهدي عراقي سيكنى بابي فرات تيمنا بالجواهري وكل بدر سيكون ابو شاكر تيمنا بالسياب.

وفي العراق ايضا كل عسكري هو ابو خليل، ويقال والعلم عند الله، ان السبب هو القرعة التي حددت لكل جيش من الجيوش العربية التي دخلت فلسطين مدينة ليدافع عنها، حيث كانت محافظة الخليل من نصيب الجيش العراقي، وان صحت هذه الرواية الضعيفة، فمن الصحيح القول ان القرعة لم تنفذ فالجيش العراقي عسكر واستبسل في مدينة جنين وليس في الخليل.

كان اسم احد مدرسينا العراقيين (جنين) تيمنا بوالده الذي استشهد من اجل فلسطين ودفن في مقبرة الشهداء العراقيين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية.

وكل شرطي عراقي هو بالضرورة ابو اسماعيل، ويقال في سبب ذلك ان اول من تسجل للخدمة في جهاز الشرطة سنة 1921 تحت امرة البريطانيين والهنود كان اسمه خليل.

وفي العراق اسماء غريبة، كنت اتسلى بقراءة اعلانات الصحف عن أولئك الذين يبدلون اسمائهم في المحاكم، فيختارون اسماء اكثر غرابة كبديل لاسمائهم الغريبة، من قبيل مزاحم ومطشر وعبد الزهرة.

الا ان العراقيين ماهرون جدا في استنباط الاسماء الجميلة مثل سندس واستبرق وسرمد وديالى وفرات وتالة ولين وخزامى وجالا وجوان وجلنار وارغد وآصف وأنمار ويامن ونيروز وسادن وبسمان ورجوان وياس وارشد (اخترته لابني البكر) .

ويكفي ان نقول ان "سرور من رأى" اصبحت سامراء، للتدليل على قدرة العراقيين في نحت اللغة لاستخراج الاسماء الجميلة، وان الطريق الذي شقه مهندس هندي ووصفه بالانجليزية "Tow Wy Reach” اصبح بفضل النحت العراقي منطقة طويريج.

وفي العراق يكنى الاب باسم مولوده الاول حتى لو كان انثى، ويظل يكنى بها مهما انجب من ذكور بعدها، ومن الطبيعي ان ترى حجيا عراقيا ينادي رفيقه في البار : يا ابو مريم او ابو سندس او ابو لقاء.

وتقول النكتة السيئة (إن كان هناك نكتة اسوأ من الواقع) ان عراقيا ذهب لاستخراج دفتر العائلة فاخذ يسمي اسماء ابائه لموظف الاحوال المدنية: ابو بكر، عمر، عثمان، عبد العزيز، فقاطعه الموظف مستفسرا: لماذا لا يوجد بينهم علي؟ اجاب المراجع: لقد مات في شهره الاول. فعقب الموظف: طبعا لازم يموت بينهم.

لا وجود تقريبا لاسم معاوية او يزيد في العراق، عندما ذهب صديقي معاوية لزيارة العتبات المقدسة في عاشوراء اضطر مستقبلوه الى تغيير اسمه، ثم هددوه بإفشاء السر والبوح باسمه الحقيقي ان لم يطاوعهم في كل شيئ.

كان اسم صديقي التونسي طويلا :الناصر لدين الله الكبير شطبري، وكان يدرس الهندسة، احد المدرسين العراقيين كان على قناعة تامة بان فخامة الاسم تؤهل صاحبها لفتح الاندلس من جديد، لو ترك الهندسة ودرس العلوم العسكرية.

كان لدينا ثلاث معيدات في الكلية تحمل كل منهن اسم نيران، كانت الكلية مشتعلة بهن، توظفت رابعتهن صار همّ الجميع هو الاطمئنان الى اسمها، كان سندس، اصبحت اجملهن رغم انها لم تكن كذلك. احدهم رفض الاعتراف بالاسم وظل يناديها رابعة.

تحتل السودان لدي المرتبة الثانية في جمال وفرادة واصالة الاسماء ، صحيح ان اسم عثمان والذي يلفظونه عصمان، هو الاكثر رواجا لكن هناك الكثير من الاسماء الفريدة مثلا: تاج السر ، سر الختم، سوار الذهب ، جبر الدار ، الله جابو، حوي النبي ، جار النبي ، ست ابوها ، ست الستات، الزبير والسموأل، آدم، الهادي، نمارق ، ابرار ، كرار ، الصادق ، المهدي، تنزيل ، ترتيل ، تسنيم، تاج الملوك، الصبر جميل، تقيل ميزانه، بحر النيل، كعب الغزال، ام حقين، الله معانا، فضل الساتر، كيّ الحاسد، الطيب ، محجوب ، مكاشفي .

كان حكماء قبيلتي الدينكا والمسيرية في منطقة ابيي جنوب السودان، يحلون مشاكلهم قديما بتبادل تسميات المواليد الجدد تسميات دينية، فاصبحت ترى مسيحيا من قبيلة الدينكا واسمه محمد، ومسلما من المسيرية اسمه جورح، واذا ما استفحل الخلاف، كان زعيم كل قبيلة يضع ابنه البكر عند زعيم القبيلة الاخرى لسنوات معلومة.

في السودان وفي غيرها ، تم استبدال الحكماء بحكومات ووزراء، اللهم امنح القادة والوزراء بعض الحكمة وبعض الفن وبعض الجرأة لكي تدور الآت المصالحة، فإنما للصلح فنون .