في غزة يجتمع عدد من النساء مع بعضهن يجمعهن هدف واحد، وقواسم مشتركة واحدة، وهي إصابتهن السابقة بمرض سرطان "الثدي"، لذلك يحاولن مساعدة النساء الأخريات على تجاوز صدماتهن النفسية الناجمة عن استئصال جزء من أجسادهن،

وإعطاء المريضات إحساساً بعودة جزء من أنوثتهن، من خلال صناعة "أثداء" صناعية من القماش محشوة بالقطن للنساء التي تم بتر أثدائهن، وذلك ضمن جزء من مشروع متكامل للدعم النفسي، يشرف عليه برنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان بقطاع غزة.
إيناس خضر مسؤولة ملف المرضى في البرنامج قالت لنا: "بعد تزايد أعداد المصابين بمرض السرطان، تم تأسيس البرنامج قبل 6 سنوات بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، حيث يقدم البرنامج خدماته لحوالي 3450 مريضة بالسرطان معظمهن من النساء المصابات بسرطان الثدي.

 بيت للنساء
وأشارت إلى أن فكرة البرنامج جاءت لديهم لأن معظم القائمين عليه، هم إما من الناجين من السرطان، أو أحد من عائلاتهم، لذلك فكرتنا كانت من البداية إيجاد بيت للنساء يجتمعن فيه، خاصة أن مديرة المؤسسة هي ناجية من مرض سرطان"الثدي"، ومن خلال تجربتها في كيفية تعويض الثدي جاءت لديها هذه الفكرة، من خلال تصنيع هذا الثدي الصناعي.
وتابعت: "في بداية الأمر كان البرنامج يتعامل مع مرضى السرطان، سواء أكانوا أطفالاً أو شباباً أو رجالاً، ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية، اقتصر الأمر على السيدات، نظراً لارتفاع أعداد مرضى السرطان بقطاع غزة من السيدات، حيث يبلغ عدد المصابات بسرطان الثدي، 51%، إضافة إلى أن النساء هم الأكثر فقراً، والأكثر تهميشاً في المجتمع.

 مجتمع ذكوري
وبينت الأخصائية خضر أن مجتمعنا ذكوري، فعندما يصاب الرجل بالمرض الكل يتفاعل معه، بعكس المرأة عندما تصاب بمرض السرطان فإنها تصاب مرتين مرة في الجسد حين يصيبها السرطان ومرةً في نفسها حين يهجرها أو يطلقها شريكها فإنها تهجر، مشيرة إلى أن بعض المصابات بالسرطان تحدثن لنا عن هجران من أزواجهن بعد إصابتهن، وهناك أكثر من 75% من النساء الموجودات يهجرهن أزواجهن، ومن هنا كان برنامج العون يقدم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء اللاتي يعانين من سرطان الثدي.
والثدي الصناعي حسب ما تقول خضر فكرته بسيطة، يتكون من قطعة سيلكون محشوة، ومغلفة بقطعة من "القماش" الناعم الذي لا يسبب حساسية للسيدة، خاصة بعد إجراء عملية الاستئصال، لأن السيدة عندما يسُتأصل أي جزء من جسمها ممكن أن يسبب لها حساسية، فكان هدفنا استخدام مواد خام خفيفة، ولا تسبب أي نوع من أنواع الاحتكاك والحساسية للسيدة في منطقة الاستئصال.
وتبلغ تكلفة الثدي الواحد 35 دولاراً وتقوم الجمعية بتوزيعه مجاناً للنساء المصابات، لافتة إلى أنه لا أحد يدعم مركزنا سوى أهل الخير.

دعم نفسي واقتصادي
 وعن طبيعة البرنامج الذي يقدم للنساء المصابات قالت:"نحن اشتغلنا على جهتين، الجهة الاولى هي دعم المرأة المصابة بالسرطان نفسيا، وهذا لا يكفي، لذلك فكرنا بدعم أخر وهو الدعم الاقتصادي من أجل بقائها،قوية وقادرة على ان  تعيل على حالها وأولادها لذلك قمنا بعمل(50) مشروع، لتقوية النساء اقتصاديا كل سيدة حسب مهارتها وقدرتها الجسدية، وعملنا لهم معرض العام الماضي والعام الحالى قبل أيام، والذي جاء بعنوان "بريق الأمل" والذي احتوى على زاوية لأعمال وإنتاجات النساء المصابات بمرض السرطان، واللواتي أنتجن أعمالاً مختلفة.

الأوائل بالشرق الأوسط
وبينت الاخصائية الاجتماعية خضر نحن في برنامج العون والأمل نعتبر الأوائل بالشرق الأوسط بموضوع الأثداء الصناعية، فهي فكرة نوعية ورائعة من السيدات، المرضى هم من يصنعونها، حيث قمنا بتعليمهن كيفية صناعة الأثداء بأنفسهم من أجل أن يقوموا بتسليمها للسيدات المصابات، كنوع من أنواع التكافل والدعم، حيث تم إنتاج أكثر من 2000 قطعة خلال السنوات الأخيرة، وقد أرسلنا عينة للخارج ولبعض المؤسسات.
ودعت خضر إلى الاهتمام بمرضى السرطان، حيث إنهم بحاجة ماسة لدعم معنوي ونفسي، وبعضهم أيضاً بحاجة لدعم مادي، لذلك هم بحاجة أن نرفع معنوياتهم ونقويهم، هم بحاجة أن نرسم ابتسامة على شفاههم، وكلنا نستطيع ذلك.
ونوهت خضر إلى أنه يوجد 130 حالة سرطان جديدة في قطاع غزة شهريًا، حسب التقرير الصادر عن وزارة الصحة، وأن أكثر أنواع الأورام شيوعاً بين الإناث سرطان الثدي والقولون، كما أن السرطان هو المسبب الثاني للوفاة في فلسطين، بعد أمراض القلب والأوعية الدموية، بعدما ظل السرطان لسنوات طويلة المسبب الثالث للوفيات.
بدورها، قالت أنصاف إسماعيل (37عاماً) إحدى المصابات الناجيات من مرض سرطان الثدي المنتسبات للبرنامج، أنها جاءت للبرنامج هنا للتطوع من أجل مشاركة زميلاتي، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن، لأني مررت بهذه التجربة من قبل، حيث قالت إن الأثداء الصناعية تريح الست نفسياً، خاصة أن أصعب شيء هو أن تفقد المرأة جزءاً بارزاً من جسمها. 
كما بينت إسماعيل أنها وجدت في برنامج العون الحضن الدافئ، لأنها ساندتنا وأعطتنا الدعم النفسي المطلوب، كذلك فإن البرنامج  يُمكّن المرأة من إثبات ذاتها، كخطوة على طريق دمجهن في المجتمع، وإثبات قدرتهن على العطاء.

نصائح
ووجهت نصيحة لكل امرأة مصابه بالقول: "لا تجعلي المرض يهزك، كوني أقوى منه، لتنتصري عليه، كما دعت المرأة إلى الاهتمام بصحتها من خلال المتابعة، والمواظبة على أخذ العلاجات اللازمة، مشددة على ضرورة زيادة الاهتمام بالمرأة المصابة وضرورة الكشف الذاتي للمرض، وزيادة الإرشاد الصحي والتثقيفي لها وتحفيز المصابات على العمل والجد، من أجل بناء الثقة بداخلهن.