ابتكرت طالبتان من مدرسة بنات مخيم الجلزون القريب من رام الله، مبيدا عضويا للحشرات  اثبت نجاحه في قتل الصراصير المنزلية بكفاءة عالية وبزمن قياسي لا يتجاوز 17 ثانية.

المبيد العضوي عبارة عن محلول مكون من الماء، والثوم، والفلفل الحار الطازج، وصابون مصنوع من زيت الزيتون، وهي مواد متوفرة في كل منزل يتم مزجها في خلاط بنسب تركيز محددة حيث تمنح المنتج الفعالية.

والمنتج الذي جرى اختبار فعاليته بنجاح في المدرسة ومنازل هو من ابتكار الطالبتين سخاء نبيل الطيراوي، وسندس عيد قطامي، ونفذ تحت إشراف مدرسة العلوم المعلمة رغدة راشد وبرعاية مديرة المدرسة رويدة البرغوثي.

واضافة الى كونه منتجاً صديقاً للبيئة وللصحة فهو أيضا صديق للجيوب، وقد لا تزيد كلفة عبوة سعة نصف لتر منه على شيقل واحد، وربما يتضاعف الرقم الى  نحو 4 شواقل للمستهلك في حال انتج على نحو صناعي في عبوات مزود بالبخاخ.

الحاجة أم الاختراع

وعن فكرة المشروع تقول سخاء انها تولدت نتيجة ظهور الصراصير بأعداد كبيرة خاصة في المخيم؛ بسبب التصاق البيوت ببعضها، وعدم وصول أشعة الشمس بشكل مباشر ما يوفر البيئة الرطبة المناسبة لعيش هذه الحشرات التي تأوي أيضا في بنى المنزل التحتية، وأثاثه الخشبي مسببة الأمراض والقلق والتوتر والاشمئزاز والضرر المادي، من ناحية، ومن ناحية أخرى فان محاولة المواطنين التخلص منها عبر المبيدات الكيميائية المتاحة في الأسواق أدت إلى إصابة كثرين بالأمراض مثل الربو والحساسية إضافة إلى كونها مكلفة مادياً، ولا تحقق النتائج المرجوة، ومن هنا جاءت فكرة البحث.

وتضيف: فكرة المبيد الحشري العضوي ليست جديدة، وهذه المبيدات موجودة وتستخدم في الزراعة العضوية لقتل وابعاد الحشرات عن المزارع والنباتات، ونحن قمنا بتطويرها لناحية المكونات والتركيز  لتلائم القضاء على الصراصير المنزلية.

شح المراجع

وعن الصعوبات التي واجهت المشروع قالت سخاء: المشكلة الأساسية تمثلت في شح الدراسات والأبحاث عن المبيدات العضوية، حيث لم نجد الكثير، لكن كانت هناك دراسة فلسطينية لمعهد "ماس" عن الزراعة العضوية وإمكانية تطبيقها في فلسطين وجاء في ملخصها ان الزراعة العضوية نظام إنتاج بيئي يعتمد على التنوع الحيوي ونظام إعادة التدوير التي تعتمد على مدخلات الإنتاج لتحافظ على صحة التربة والكائنات الحية.

وخلصت الى ان المزارع يعتمد بشكل كبير على المبيدات والمواد الكيميائية لضمان إنتاج مربح  وأن الزراعة المحلية بحاجة إلى مراجعة شاملة لطرق ووسائل مكافحة الحشرات والأمراض بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية من دون رقابة فعالة لحماية المستهلك بالدرجة الأولى  وكانت التوصية الأهم لهذه الدراسة بضرورة إطلاق برنامج أبحاث تطبيقية لمعالجة المشاكل الحادة فيما يخص تغذية النبات ومكافحة الحشرات على ان يقدم حلولا فعالة ومجدية اقتصاديا  ومن هذه التوصية انطلقنا لاستنباط البدائل البيئية الصالحة لواقعنا الصعب.

بحث وتجريب

تقول سندس: بدأنا بإحضار المكونات المطلوبة لعمل المبيد، وقمنا بتقطيع المكونات ووزنها بميزان حساس ومن ثم خلطها في محاليل بنسب مختلفة للمكونات للحصول على تركيز مختلف وقمنا بتجربتها عمليا في وقت كنا فيه نوزع استبانة متعلقة بالمبيدات الحشرية على مجموعة من المواطنين لتعبئتها وإجراء أبحاث متعلقة بالموضوع، وتحليل نتائج الاستبانة ودراستها وتلخيصها.

وتابعت: تم تحضير محاليل بتركيز مختلف وتجريبها على الصراصير وتسجيل الوقت المستغرق في قتلها، فاستنتجنا أن الثوم هو العامل الفعال الأساسي، وكذلك كانت الرائحة عاملا آخر، وخلصنا الى انه كلما زاد تركيز المحلول زادت سرعة الابادة.

معرض فلسطين للعلوم والتكنولوجيا

بعد أربعة شهور من البحث والتجريب واعادة الاختبار من نقطة البداية إثر إتلاف العينات المحضرة بالخطأ، حظي المشروع بمكانة ضمن مسابقة معرض فلسطين للعلوم والتكنولوجيا لعام 2017 لمدارس محافظة رام الله والبيرة الذي تنظمه مدير التربية والتعليم سنويا، استعدادا للمنافسة الوطنية وتحضيرا للمسابقتين العربية والدولية.

وفي أروقه المعرض شارك المبيد العضوي "63" مشروعا آخر، وبه حضرت بنات مخيم الجلزون ضمن 34 مدرسة حكومية وخاصة، وكانت سخاء وسندس ضمن 100 طالب وطالبة مبتكرين تحت إشراف رغدة راشد و42 معلما ومعلمة في مهرجان حفل بالابتكار والإبداع والتطوير في شتى المجالات العلمية والتكنولوجية وحتى الطبية.

سندس وسخاء عرضتا منتجهما على الزوار معبأ يدويا في قوارير مياه بلاستيكية وتقولان: ان جميعها ناجعة ومثبت فعاليتها، والفرق بينها هو في سرعة قتل الحشرات التي تتراوح مدتها بين 17 ثانية و 3 دقائق  للقضاء على الصراصير بكلفة مالية لا تكاد تذكر.

عائق الرائحة النفاذة

وتقر الباحثتان ان الرائحة النفاذة والقوية للمبيد قد تسبب عائقا أمام استخدامه وترويجه بشكل اقتصادي، فاستنادا الى النتائج تبين ان المبيد ذو التركيز العالي يأخذ وقتا أقل لقتل الصراصير، وأن رائحة المبيد تلعب دورا كبيرا في قتلها. وأقرتا بان بعض الأفراد في المدرسة وفي منازل اختبر فيها المنتج تضايقوا من الرائحة القوية المنبعثة من المبيد. ولحل هذه المشكلة أضافتا إلى المنتج مسحوق الفحم وعندها استغرق الأمر 3 دقائق لإبادة الحشرات لكنه بقي فعالا.

سندس وسخاء قدمتا شرحا وافيا مدعما بأشرطة مصورة عن المنتج وفعاليات استوقف الحضور  ونالت الاستحسان لكنهما تأملان ان يجد المشروع داعمين لتطويره  ويعود بعبوة مزينة بعبارة "صنع في فلسطين".