محمد صالح السفير:
 هل هي هدنة مؤقتة بانتظار جولة جديدة من العنف في مخيم عين الحلوة بين حركة «فتح» من جهة، والسلفيين المتشددين من جهة ثانية؟
هو سؤال يقض مضاجع اهالي المخيم كما أهالي المنطقة المحيطة به بعد المعركة الاخيرة بين مقاتلي حركة «فتح» وتنظيم «جند الشام»، التي شاركت في بعضها أيضاً «عصبة الأنصار» بوجه «فتح»، واستمرت ليومين متتالين حاصدة اربعة قتلى وأكثر من 25 جريحاً.
استخدمت في الاشتباكات القذائف الصاروخية والقنابل اليدوية وتخللتها أعمال قنص غزيرة طالت عدداً من أحياء مدينة صيدا، منها منطقة الحسبة على الأوتوستراد جنوبي صيدا الذي عملت القوى الامنية على إغلاقه لبعض الوقت وتحويل السير الى الطريق البحرية القديمة.
وقد فشل اتفاق التهدئة الاول الذي جرى التوصل إليه، على ان يسري مفعوله بدءاً من الساعة السابعة والنصف من مساء امس الاول.. فتجددت الاشتباكات وبشكل عنيف.
وطاولت المعارك منطقة تواجد وانتشار الجيش اللبناني عند مدخلي المخيم الفوقاني لجهة المستشفى الحكومي، والتحتاني لجهة التعمير، بعد ان دارت اشتباكات عنيفة على محور البركسات الطوارئ.
اما وقف اطلاق النار الثاني فتم التوصل اليه بعد اجتماع اللجنة الأمنية الفلسطينية في مركز «النور»، وقد انتهى الى التوصل لوقف اطلاق النار بدءاً من الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر امس، مع الاتفاق على تثبيت وقف اطلاق النار والقيام بحراك شعبي ومسيرة اهلية بمشاركة اللجنة الأمنية مع الحراك الشعبي والشبابي على مناطق الاشتباك لسحب المسلحين ونشر القوة الأمنية المشتركة.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل اربعة فلسطينيين عُرف منهم ربيع مشعور ومصطفى الصالح، كما أدت الى اندلاع حرائق في المنازل وتضرر في الممتلكات والسيارات والمحال التجارية وشبكتي المياه والكهرباء، وأجبرت العديد من الفلسطينيين على النزوح في اتجاه صيدا ومنطقة التعمير، وتم فتح قاعة مسجد الموصللي عند مدخل التعمير الذي آوى عشرات العائلات الفلسطينية.
وفي قراءة اولية لنتائج المعركة من قبل متابعين للشأن الفلسطيني، برز استنتاج يشير الى ان محاولة الاغتيال التي تعرض لها قائد «الامن الوطني الفلسطيني» في منطقة صيدا العميد ابو اشرف العرموشي من قبل المتشددين في حي حطين، عصر امس الاول، لم يشكل سوى ذريعة من اجل فتح معركة مع حركة «فتح» في محاولة لإشغالها بمعارك جانبية، بهدف إجهاض المساعي القائمة لتوحيد القرار السياسي والأمني والعسكري والتنظيمي وترتيب البيت الفحتاوي القائمة حالياً كورشة عمل داخلية «لحماية نفسها والإمساك بزمام المبادرة في المخيم، وقد قطعت أشواطاً بعيدة».
وفي القراءة ان «هناك خشية لدى السلفيين في عين الحلوة من انه بمجرد توحيد قرار حركة فتح فإن هذا الامر يعني بداية النهاية لوجودهم، لذا عملت على إطالة أمد المعركة ليومين والهدف اكتشاف من يشارك فيها من اصحاب القرار ومراكز القوى الفتحاويين».
في المقابل، أثبتت المعركة إمكانية اندماج «فتح» ضد الخطر المشترك، وإمكانية التنسيق بين قادتها العسكريين، حتى أولئك المجمدة عضويتهم كالعميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو». ولوحظ المشاركة اللافتة للنظر للقوات التي يشرف عليها قائد القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح، وذلك للمرة الاولى منذ فترة طويلة.
وتشير المصادر الى انه لم يكن هناك اي كسب إستراتيجي مطلق على الارض من قبل «فتح» او السلفيين، برغم ان «فتح» حققت بعض التقدم في الميدان. لكن سرعان ما عاد كل طرف الى مواقعه السابقة مع وقف اطلاق النار.
الى ذلك، عقدت القيادة السياسية الموحدة للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، اجتماعا طارئاً بحضور السفير الفلسطيني أشرف دبور في مقر سفارة فلسطين في بيروت، أدان محاولة اغتيال العرموشي، وأكد على معاقبة كل من يعمل على ضرب الأمن والاسقرار في المخيم.
وشدد المجتمعون على تثبيت وقف إطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع، مؤكدا على نشر القوة الأمنية المشتركة للمحافظة على أمن المخيم واستقراره ومتابعة تطبيق وقف إطلاق النار ومحاسبة المخلين بأمن المخيم.
كما شدد على الحرص على السلم الأهلي في لبنان والمخيمات الفلسطينية.