السفير: «فتح»: لن نسمح بإلغائنا في عين الحلوة

ما زالت تداعيات الاشتباكات الاخيرة في عين الحلوة تلقي بثقلها داخل المخيم وخارجه. وتؤكّد المعطيات السياسية والأمنية أنّ ما حصل كان أشبه بمناورة ميدانية بالذخيرة واللحم الحي من قبل القوى الاسلامية السلفية المتشددة للسيطرة على أيّة بقعة في المخيم وفرض أمرتها على الجميع، بمن فيهم «الحركة الإسلامية المجاهدة» و «عصبة الأنصار». في حين كان لافتاً للانتباه انخراط الجميع من سلفيين متشددين باطلاق النار الكثيف والاستخدام المفرط للنيران مع القذائف الصاروخية والرشاشات الخفيفة والمتوسطة للسيطرة على مركز «فتح» في الحي.

واذا كانت جولة الاشتباكات في عين الحلوة قد توقفت، فإن التداعيات السياسية لتلك المعركة لم تنته. فحتى اليوم، «لم تهضم» حركة «فتح» نتائج ما حصل، وأصدرت بياناً استخدمت فيه عبارة «لجوء البعض الى سياسة الحسم السياسي والامني وتحويلها الى مربعات امنية والهيمنة عليها، واغلاقها لتحويل المخيم الى جزر امنية متصارعة».

واكدت «فتح» أنّه «رغم شراسة الهجوم، ومن عدة محاور ومشاركة جهات اخرى في محاولة السيطرة والتخلص من وجود هذا المقر الفتحاوي، الا أن العدد المحدد منهم قاوموا الاعتداء وصدوا الهجوم رغم الضحايا التي سقطت».

واعتبرت أن «هدف الاطراف التي شنت الهجوم على مقر الحركة في طيطبا البركسات تهدف إلى تنظيفه من وجود حركة فتح، وتحويله الى مربع خاص بتنظيم اسلامي معيّن»، واصفةً الأمر بأنّه «خطير جدا، ونحن نقرع ناقوس الخطر على مسمع الجميع، لأن هذه سياسة تدميرية ونحن في حركة فتح لن نسمح بتدمير وتكريس هذه السياسات التي تُعرِّض المخيم للخطر».

وبالأمس، انتقل ملف الوضعين السياسي والامني الفلسطيني من عين الحلوة الى صيدا بعد الصرخة الاستنكارية التي كان قد اطلقها أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد. حيث عقد، أمس، «اللقاء السياسي اللبناني الفلسطيني» اجتماعاً وصف بـ «الاستثنائي» في «مركز معروف سعد الثقافي» برئاسة سعد.

وأشارت مصادر المجتمعين إلى أنّ سعد عبّر عن استيائه مما جرى ويجري في المخيم و «ان هناك من اضاع الطريق واضاع البوصلة ويريد اخذ الجميع الى المجهول».

وقد أكّد المجتمعون، في البيان الصادر عنهم، أنّ «الاشتباكات التي جرت تستهدف الأمن والاستقرار داخل المخيم وجواره»، داعياً القوى السياسية الفلسطينية إلى تفعيل دورها الوطني والقوة الأمنية الفلسطينية داخل المخيم إلى تعزيز حضورها وتفعيل دور القوة الأمنية المشتركة ودعمها لاتخاذ إجراءات رادعة بحق أي شخص أو جهة تحاول العبث بأمن المخيم.

الى ذلك، أثيرت أمس تساؤلات عدة في عين الحلوة عن الاسباب التي تمنع انتشار «القوة الامنية المشتركة» في الحي حتى اليوم بغية طمأنة الاهالي ومنع اي توتير جديد، بالإضافة إلى غياب المبادرة من قبل الفصائل لإجراء مسح للاضرار بغية التعويض على المتضررين، فيما لا زالت آثار الاشتباك في حي طيطبا موجودة في الشارع الذي بقي مقفلا بالسيارات المحترقة والمتضررة جراء الاشتباك. علماً ان عشرات الشبان من الجمعيات الاهلية الفلسطينية قد تطوعوا ورفعوا ما استطاعوا نقله من الانقاض والركام وبقايا اثات المنازل التي احترقت.

 

اللواء: «اللقاء السياسي اللبناني الفلسطيني» المشترك يدعو «القوّة الأمنية» في عين الحلوة لتعزيز حضورها

الاربعاء,24 حزيران 2015 الموافق 7 رمضان 1436هـ

صيدا – سامر زعيتر:

عقد «اللقاء السياسي اللبناني الفلسطيني» المشترك اجتماعاً استثنائياً في «مركز معروف سعد الثقافي» برئاسة أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد، وقد صدر عن المجتمعين بيان أدانوا فيه «المشروع الأميركي المشبوه الذي يستهدف تفتيت المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة وكانتونات مذهبية وطائفية تتحكم فيها الدولة الصهيونية «إسرائيل».

كما عبّر اللقاء عن استنكاره للأحداث التي جرت مؤخراً في مخيم عين الحلوة والتي تستهدف الأمن والاستقرار داخل المخيم وجواره، داعياً القوى السياسية الفلسطينية إلى تفعيل دورها الوطني والاجتماعي، كما دعا القوة الأمنية الفلسطينية داخل المخيم إلى تعزيز حضورها.

واتفق المجتمعون على تفعيل دور القوّة الأمنية المشتركة في عين الحلوة ودعمها لاتخاذ إجراءات رادعة بحق أي شخص أو جهة تحاول العبث بأمن المخيّم.

واستنكر اللقاء تقليص خدمات «الأونروا» داخل المخيّمات الفلسطينية، مناشداً الهيئة العامة للأمم المتحدة إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وتوجّه إلى الحكومة اللبنانية للأخذ بعين الاعتبار الظلم الاجتماعي اللاحق بالشعب الفلسطيني من خلال حرمانه من التملك وحق العمل ومن حقوقه الاجتماعية بحدها الأدنى.

وختاماً، عبّر اللقاء عن تضامنه مع الأسير الشيخ خضر عدنان وسائر الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، داعياً المؤسّسات الإنسانية الدولية إلى التحقّق من الانتهاكات غير الإنسانية التي ترتكبها دولة العدو الصهيوني بحق الأسرى الفلسطينيين.

 

اللواء: لقاء تضامني مع الشيخ عدنان والأَسرى في «دار الندوة»

الاربعاء,24 حزيران 2015 الموافق 7 رمضان 1436هـ

في إطار «الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة»، وبدعوة من «اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني»، انعقد في «دار الندوة» «اللقاء التضامني الثاني مع الأسير المجاهد الشيخ خضر عدنان» بصموده الأسطوري وهو يواجه خطر الموت لإضرابه عن الطعام وتضامناً مع كافة اسرى الحرية، حضره المنسق العام «للحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الامة» معن بشور، المحامي مر زين مُنسّق «اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين»، ويحيى المعلم أمين سر اللجنة مُنسّق «خميس الاسرى»، النائب مروان فارس، وممثلو أحزاب لبنانية وفلسطينية وأمنية وعدد من الشخصيات.

افتتح اللقاء المحامي عمر زين مُنسّق اللجنة الوطنية، الذي دعا «المجتمع الدولي ومجلس الأمن ومنظمة الصحة العالمية بتشكيل لجنة فورية للوقوف عند ظروف مرض الأسير المحرر رامي شلامش واستشهاده وكل ما يتعرّض له الاسرى في سجون الاحتلال. وقال بشور: «نؤكد لأبطالنا الأسرى انهم ليسوا وحدهم في معركتهم في سبيل الحرية والتحرير، وأن كلما تواجهه أمتنا من حالات التطرف والغلو، لن تحول دون ان تبقى ابصارنا شاخصة إلى المعركة الرئيسية والقضية المركزية في فلسطين».

واقترح دعوة «جميع القوى والهيئات والأحزاب الوطنية اللبنانية والفلسطينية إلى زيارة يومية بعد الإفطار لخيمة التضامن مع الأسرى التي قامها «تكتل الهيئات والروابط الأهلية اللبنانية - الفلسطينية» امام مقر الأمم المتحدة (الاسكوا).

وتشكيل وفد من اللقاء يقوم بزيارة عاجلة إلى الصليب الأحمر الدولي لعرض معاناة الشيخ الأسير خضر عدنان وجميع الأسرى والمعتقلين.

ودعوة المرجعيات الدينية إلى تخصيص الخطب طيلة شهر رمضان المبارك للدفاع عن الأسرى والانتصار لقضية الشيخ خصر عدنان.

ودعوة السلطة الفلسطينية إلى إحالة ملف الأسرى في سجون الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما إلى القضاء الدولي والقضاء الوطني حيث امكن ذلك».

كما كانت كلمات بالمناسبة لكل من: النائب مروان فارس، الشيخ حسن غبريس باسم «تجمع العلماء المسلمين»، المحامي رمزي دسوم ممثّل «لتيار الوطني الحر»، الشيخ عطا حمود بإسم «حزب الله»، سمير شركس مقرر الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، ممثّل حزب «الاتحاد» عبد الفتاح ناصر، ومحفوظ منور باسم «الجهاد».

 

الجمهورية/السفير/الوكالة الوطنية للإعلام: قزي عرض وضع المخيمات مع المدير الجديد للانروا

الأربعاء 24 حزيران 2015

عرض وزير العمل سجعان قزي مع نائب المدير الاقليمي في منظمة العمل الدولية – مكتب بيروت فرانك هاغمن، للمشاريع التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع المنظمة.

 

كما عرض قزي مع مدير مكتب الانروا الجديد في لبنان ماتياس شيمال وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وبرنامج الانروا في ضوء التطورات السكانية داخل المخيمات وخارجها.

واكد وزير العمل ان الدولة اللبنانية منفتحة على الموضوع الفلسطيني لمساعدة اللاجئين في اطار القوانين اللبنانية، من دون ان يؤدي اي اجراء الى تعزيز فرص التوطين الفلسطيني في البلاد.

واشار الى ان موقف لبنان الانساني والتضامني مع الاخوة الفلسطينيين لا يجوز ان يمس باستقرار لبنان وتوازناته التاريخية.

 

المستقبل/السفير: البداوي: تسليم المتورطين بقتل نازح

ساهمت عملية تسليم المتورطين الأربعة بقتل أحد النازحين من مخيمات سورية في مخيم البداوي قبل أيام، بتعميم حالة من الارتياح في صفوف المواطنين والمعنيين بعد تحركات شعبية ضاغطة واجتماعات واتصالات شاركت فيها السفارة الفلسطينية في بيروت ومسؤول «الجبهة الشعبية القيادة العامة» رامز مصطفى (ابو عماد).

وجاءت عملية تسليم القوّة الامنية الفلسطينية، أمس، أربعة اشخاص الى مخابرات الجيش، بعد ايام من الاجتماعات المفتوحة للفصائل الفلسطينية، والتي عقدت بين سندان الحسابات التنظيمية الضيقة ومطرقة المواطنين الغاضبين من ظاهرة تفلت السلاح الفردي والمنظم وعدم القدرة على لجمه نهائيا ليهدّد أمن المخيم واستقراره.

وشهد المخيّم على مدى الايام الماضية حملات إعلامية ضاغطة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب المعنيين بوضع حد لتفلت السلاح وظاهرة إطلاق الرصاص في المناسبات وخلال الاشكالات الفردية، ومحاسبة كل المتورطين بالاحداث الامنية التي كانت قد وقعت وتسببت بسقوط قتلى وجرحى، وترافق ذلك مع تحركات شعبية.

وهذا الأمر الذي وضع الفصائل الفلسطينية في المخيم أمام تحد صعب، خصوصا ان الإشكالات التي وقعت كانت ذات طابع فردي، إلا ان معظم المتسببين بها يتبعون الى تنظيمات في المخيم، وهذا ما فسر حالة الغليان الشعبي والتأخير الذي حصل في تسليم المتورطين.

وقد أعطى تدخّل السفير الفلسطيني أشرف دبور لمعالجة هذه المسألة مؤشرا على وجود تراجع نسبي في قدرة الفصائل على تجاوز مطبات كهذه رغم إجماعها على ضرورة محاسبة كل المتورطين بالإشكالات الفردية التي كان شهدها المخيم والتي كانت تسببت في يوم واحد بمقتل شخص وإصابة سبعة آخرين.

وعلمت «السفير» أن الاتصالات التي جرت بين القيادات الفلسطينية والمسؤولين الامنيين اللبنانيين، تركزت حول كيفية الحفاظ على امن المخيم وعدم فتح المجال للمصطادين بالماء العكر من اجل الزج بالمخيم في اية إشكالات قد تتخذ طابعا فرديا وتنحو باتجاهات خطيرة لا تحمد عقباها.

 

السفير: البداوي.. بين فوضى السلاح وعجز «الفصائل»

تعكس التحركات الشعبية الرافضة لفوضى السلاح في مخيم البداوي، حجم المخاوف المتزايدة لدى الأهالي والمعنيين على حد سواء من انفلات الامور الى ما هو أسوأ من مجرد إشكالات فردية متنقلة من حي الى آخر، في ظل عدم اتضاح الصورة حيال الاجراءات المزمع اتخاذها من قبل الفصائل التي تواجه حملة انتقادات واسعة من قبل ابناء المخيم.

ربما يرى البعض ان ما يحصل من إشكالات فردية داخل المخيم، والتي تمثلت في الايام الماضية من خلال الاشكالين الفرديين المنفصلين اللذين وقعا في اقل من 24 ساعة وتسببا بمقتل شخص واصابة سبعة آخرين، لا يختلف شكلا ومضمونا عما يحصل في مناطق لبنانية اخرى، نتيجة انتشار السلاح وارتفاع نسبة البطالة والوضع الاقتصادي المتردي والذي تفاقم بعد تقليص «الاونروا» خدماتها. إلا ان المقارنة بين تلك الحالات تبدو غير منطقية لاعتبارات عديدة، ابرزها ان المخيم محكوم بتوازنات حزبية وعائلية وبواقع اجتماعي صعب، ضاعف منه وجود آلاف النازحين السوريين والفلسطينيين من مخيمات سوريا ومخيم البارد، فضلا عن مئات اللبنانيين، ما رفع عدد قاطنيه الى اكثر من 40 الف نسمة موزعين على مسافة لا تتجاوز كيلومترين مربعين.

من هنا، يبدو أن اتخاذ أي قرار من قبل الفصائل الفلسطينية بمعاقبة المخلين بالامن تترتب عليه في حالات معينة مراعاة كل تلك الظروف المحيطة، وهو الامر الذي سهل للبعض ارتكاب تلك الخروق الامنية، والتي باتت تهدد المخيم برمته، بعدما كان على مدى السنوات الماضية نموذجا في الحفاظ على الامن والاستقرار، رغم وجوده على خطوط التماس سابقا بين القبة والمنكوبين وجبل محسن، ورغم كل التناقضات السياسية داخله.

وكان المخيم شهد قبل أيام سقوط قتيل وجريح من النازحين من مخيمات سوريا، وسبق ذلك بساعات سقوط ستة جرحى في إشكالين فرديين استخدمت فيهما الاسلحة الرشاشة، الامر الذي أدى الى تعكير صفو المخيم والى خلق حالة من الرعب بين الاهالي، الذين بدورهم سارعوا الى تنظيم حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد فوضى السلاح وتطالب بإيجاد حل سريع منعا من تفاقم الامور وتحول المخيم الى ساحة لتصفية الحسابات، فضلا عن تنظيم اعتصام للغاية نفسها تحت عنوان «صرخة ألم من شباب البداوي».

بدورها، سارعت الفصائل الفلسطينية الى فتح باب الاجتماعات في محاولة منها للوصول الى قرار حاسم حيال ما يحصل، لجهة فتح تحقيق بالحادثين وتسليم كل المتسببين، إلا ان ذلك لم يخفف من حالة الغليان في الشارع، وسجل رفض لمشاركة الفصائل في تشييع القتيل وتقديمهم التعازي، وهو ما دفع بأحد ضباط الفصائل الى تقديم استقالته احتجاجا على الآلية المعتمدة في مكافحة هذه الظواهر السلبية.

وكشفت معلومات لـ «السفير» ان المخيم، الذي كان وضع بعد أحداث سوريا تحت المجهر الامني، وجرى خلال تلك الفترة تحصينه تحصينا كبيرا ونجحت الفصائل بالتنسيق الدائم مع الاجهزة الامنية في حمايته، كما نجحت في ذلك خلال جولات العنف في طرابلس، لكن الوضع اليوم مختلف كليا، اذ ان هناك سلاحاً غير محكوم بأية ضوابط، وهو نتاج وضع اقتصادي واجتماعي صعب، وما يخشى منه ان لا يكون هناك قرار حاسم بمواجهته ما قد يفتح الامور نحو المجهول.

 

النهار: فرنسا وشرف الشرعية الدولية

راجح الخوري راجح الخوري

24 حزيران 2015

في الحسابات الإسرائيلية أن العالم العربي ينهار وأن قضية فلسطين إن لم تكن قد انتهت بالتقادم، فإنها تنتهي على وقع الانهيارات المتلاحقة التي تعصف بالدول العربية، وترسم ملامح تبدلات عاصفة وكارثية ستعيد رسم الخرائط والهويات بعد فترة طويلة من الصراعات المدمرة والمآسي!

طبعاً المبادرة الفرنسية لتحريك التسوية وحل القضية الفلسطينية لن تصل إلى أي نتيجة، لنقل إنها مجرد حجر يُلقى في بركة الحل المنسي ليس بالنسبة إلى اسرائيل وحدها بل بالنسبة إلى الدول العربية الغارقة في مشاكلها الأمنية وفي مخاوفها المتصاعدة مما قد تحمله التطورات من سيناريوات مقلقة، فمنذ عام 1948 لم يكن الوضع العربي أسوأ مما هو الآن.

باراك أوباما سيذهب إلى بيته خائباً حيال وعوده المتكررة بإقامة الدولة الفلسطينية، في حين ليس في وسع بوتين أن يفعل أي شيء في هذا السياق، ولا في استطاعة الرباعية الدولية والأمم المتحدة أن توقفا جرافة واحدة تهدم بيتاً فلسطينياً، وبكثير من الألم والغضب أقول إنه يُخشى أن تصبح قضية فلسطين إحدى القضايا الخاسرة في العالم وما أكثر هذه القضايا!

لكل هذا لا أتردد في أن أرفع صوتي صارخاً تحية إلى فرنسا التي تثبت مرة جديدة أصالتها الأخلاقية وحرصها كدولة مسؤولة ومحترمة على الحق والعدل والقانون الدولي وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة، فعلى رغم ان مبادرتها التي حملها لوران فابيوس الى الرئيس محمود عباس وبنيامين نتنياهو لن تتمكن من أن تخرق جدار الاحتلال الذي يرفض أي تسوية، فإن مجرد تحريك القضية الفلسطينية يعتبر تصرفاً مسؤولاً ونبيلاً وخصوصا في هذا الوقت الصعب.

فرنسا التي وجدت ان المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية وصلت الى حائط مسدود، تؤمن على ما يعلن وزير خارجيتها ان على الأسرة الدولية وخصوصا الدول الأوروبية أن تتدخل بفاعلية أقوى وأشد من أجل تحريك العملية السلمية، ولهذا اقترحت مبادرة متوازنة وذكية تقضي بإعطاء الفلسطينيين والاسرائيليين فرصة أخيرة مدتها سنة ونصف سنة للتفاوض، فإذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام تعترف الأمم المتحدة بدولة فلسطين المستقلة في حدود 1967، على أن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين وأن يتم تبادل متساوٍ للأراضي بموافقة الطرفين!

نتنياهو الذي كان قد اعلن أن التطورات تجاوزت "مبادرة السلام العربية" رفض المبادرة الفرنسية مستعملاً حجة الأمن، بالقول إنهم يحاولون حشرنا في حدود لا يمكن الدفاع عنها، تماما كما كان اسحق رابين يقول "إن سلام المنطقة ينبع من أمن إسرائيل"، بما يضع شروط السلام تحت وصاية الأمن الاسرائيلي!

والمهزلة أن إدارة أوباما طلبت تأجيل التحرك الفرنسي بسبب المفاوضات مع إيران، لكن فرنسا تحاول حفظ شرف الشرعية الدولية الذي مزقته إسرائيل ودمّرته أميركا!

 

المستقبل: ترجم انتماءه إخلاصاً متوازناً لفلسطين ولبنان رحيل المعجمي أحمد شفيق الخطيب

هنري عويس ولينا صادر الفغالي()

في ذلك اليوم، 7 آذار 2003، أوفد دولة الرئيس رفيق الحريري، راعي الحفل، معالي وزير الثقافة، غسان سلامه، وكانت اللجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلم والثقافة (الأونسكو)، ومكتبة لبنان- ناشرون ومدرسة الترجمة بيروت جامعة القديس يوسف قد تنادت إلى حفل تكريم المعجمي الأستاذ أحمد شفيق الخطيب (1926- 13 حزيران 2015).

وتكريمه كان من المفترض أن يأتي على مستويَيْن: مستوى الكلمات والشهادات فيه ومستوى آخر أراده الرئيس الحريري تكريماً من نوع آخر إذ سعى لمنحه الجنسيّة اللبنانية هو الذي لم ينسَ لحظةً فلسطين التي غادرها للتحصيل الجامعي تم تحوّل هذا التحصيل إلى إقامة دائمة في بيروت. وكما هو معروف، كرّس جُلّ حياته للعمل المعجمي، والمصطلحي والترجمي ولكنه لم يجد مُقابلاً أو مُعادِلاً للبلد الذي تركه ولا نحت مصطلحاً يُضاهيه ولكنه بالطبع ترجم شعوره وانتماءه إخلاصاً متوازناً لفلسطين وللبنان. إلا أن رياح المراسيم يومها لم تسلك طريقها السوي فلم يتسلّم أحمد شفيق الخطيب الجنسية اللبنانية علماً بأنه أسدى للبنان خدمات جليلة لا سيما تمثيله في مجامع اللغة العربية في الأردن، والقاهرة، ودمشق، وفلسطين والتزامه بواحدة من أهم دور النشر فيه مكتبة لبنان. فاقترن اسمه بمؤسّسها خليل الصايغ ، وهو صاحب الرؤيا القائمة على تلبية حاجات العربية ومعاجمها، فمنذ تعرّف الخطيب في عام 1964 أسند إليه دائرة المعاجم التي أدى فيها، وطيلة 50 عاماً، عملاً معجمياً قلّ نظيره تأليفاً وتحريراً. ولعل الشاهد الأكبر على نشاطه المعجمي هو خليل الصايغ نفسه الذي اعترف بجميله على الدار ناعتاً إياه بـ»المنارة التي هدتني إلى ولوج عالم الخالدين، أنافس بمنشوراتنا كبرى دور النشر في العالم التي أوصلتك وأوصلتنا إلى ولوج المجامع العربية من القاهرة إلى الرباط مروراً بدمشق وعمان والقدس وقريباً بإذن الله بغداد العزيزة علينا جميعاً«.

فهذا الوجه الفلسطيني - اللبناني أدرك بحسّه القومي أن وحدة المصطلحات أي وحدة التعامل بين الناس إنما هي اللبنة الأولى لبناء وحدة قائمة على حاجيات الناس البسيطة وعلى تسهيل أمورهم وزرع الاعتزاز في انتمائهم إلى أمة لم يغب عنها يوماً التسامح وقبول الآخر والاعتراف به.

وفي حفل التكريم، لم يبخل المُكرّم بكلمة يشكر فيها من دبّر هذا اللقاء ولكن الأهم أنه وصف نفسه، ولعل هذه هي المرة الأولى التي على خفره وزهده يتكلّم عن ذاته، فقال: «الماثل أمامكم ليس أكثر من جندي في خدمة العربية مع جيش العاملين أمثال الكثيرين منكم الذين همُّهم الإفادة من مرونة اللغة العربية وطواعيتها وقُدُراتها في استيفاء متطلّبات العِلم وحاجات الحضارة؛ - وهي على ذلك قادرة، حتى لا تبقى اللغة ألفاظاً جامدة في المعاجم بل بضاعة متداولة ينتفع بها الناس على مستوياتهم المختلفة وحاجاتهم إلى التفاهم الدقيق والتعبير الصحيح في شتى مجالات الحياة«.

ولعلنا اليوم عندما نعود بالذاكرة إلى ذلك اللقاء تتراءى في بالنا صور عمالقة اشتغلوا من أجل لبنان وما زال قسم منهم يعمل في خدمته فمن الثنائي الصايغ-الخطيب، إلى جوزف زعرور وباسمه الصالة التي جرى فيها الاحتفال، إلى كوكبة العاملين في مدرسة الترجمة بيروت في جامعة القديس يوسف التي قال فيها وزير الثقافة يومها: «أن دولة الرئيس كلّفني وشرّفني، ولكنه أيضاً أمتعني، بتكليفي تمثيله ذلك أن المحتفى به (أي احمد شفيق الخطيب) كريم تعلّمتُ منه وتعلّم منه أمثالي الكثير، ولأن أيضاً عليَّ دين أعترف به إزاء هذه المدرسة التي تُسهم مع مكتبة لبنان واللجنة الوطنية لليونسكو في تكريم المحتفى به. إني أعود فأفكر كيف كان بإمكاني أن أنظّم قِمتَيْن كبيرتَيْن في لبنان دون أي تجربة سابقة لو لم تكن مدرسة الترجمة بيروت إلى جانبي في قمة بيروت العربيّة في آذار 2002، ثم في قمة بيروت الفرنكوفونية في تشرين الأول 2002. ولم يوفّر الوزير غسان سلامه شهادة يبديها بالمدرسة التي توزع خريجوها على أقطاب الدنيا الأربعة فذكر قمة كوالالمبور حيث وجد «أربعة من خريجيها يقومون بأفضل تعريب للخطب الرنّانة بكل اللغات».

وفي العودة إلى أستاذي أحمد شفيق الخطيب أذكر على الصعيد الإنساني أنه لم يتأخر يوماً في أية مناسبة عن الاتصال بي وإبداء عاطفته أو تشجيعه لبحثٍ أعالجه إلى حد اتهمه البعض بأنه يزيّن صبيانه الثلاثة بابنة شبّت على نهجه في المصطلحية والمعجمية. وأذكر أن المعجمي الكبير، أندره كلاس من جامعة مونتريال كندا، لفت الانتباه إلى أن حفل التكريم هذا هو من النوادر لأن عمل المعجمي لا يقدره الناس حق قدره لأنهم يرون فيه عملاً رتيباً.

وإذا كان الكبار على موعد مع بعضهم البعض دائماً فإن ميدالية جوزف زعرور التي سلمتها زوجته، السيدة تيريز سلامه زعرور، للمحتفى به هي الإشارة الواضحة على أن المكان لا زال محفوظاً لهؤلاء الذين صنعوا سمعة لبنان الثقافية والجامعية وذلك بشهادة المؤسسات الدولية كالأونسكو، على سبيل المثال. فوجهت السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، بصفتها يومها الأمينة العامة لللجنة الوطنية اللبنانية للتربية والعلم والثقافة « تحية إكبار وتقدير لأحمد شفيق الخطيب وجليل بذله وعطائه«.

ولم يُثِر تفضيل الخطيب ابنته عليّ يوماً أي حسد ذلك أنه خصّني أيضاً بمكان مميّز في قلبه الكبير. وكنت أشعر بذلك كلّما التقيته في مؤتمر إقليمي وبلهفة التوجّه إليً. ولم يأتِ يوماً إلى مدرستنا إلا حاملاً، كمن يمتلك بستاناً من الفاكهة، سلة من بواكير مقالاته وقواميسه.

غريبٌ أمر الذين يشتغلون بالكلمة فإنهم يعيّنون نتاجَهم الفكري سفراءً لهم دائمين فيبعدون عنّا إلى حد كبير حسرة الغياب وحزن الرحيل.

مدرسة الترجمة بيروت كلية اللغات جامعة القديس يوسف