اسرائيل تحاول هضم صفقة الاتفاق النووي الايراني بين الدول الست وتحاول حلب الضرع الاميركي ماديا واسلحة ودعما سياسيا مقابل الصمت, والثمن عادة لا يدفعه الاميركيون فقط بل ندفعه كفلسطينيين حيث يصمت الاميركيون عن الممارسات الاسرائيلية ويواصلون اقامة مصدات حماية لاسرائيل لاحباط اية مساع فلسطينية في المحافل الدولية لعزل السياسة الاحتلالية المعادية للسلام والامن في العالم، وكذلك مواجهة الحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل بالضغط على اوروبا لوقف حملة تمييز منتجات المستوطنات وسحب الاستثمارات الاجنبية من اسرائيل والمستوطنات. ومع الأسف فانه بينما تتعرض اسرائيل لعزلة ومقاطعة دولية نجد باب الفرج فتح لها عربيا حيث اقامت اتصالات وعلاقات دبلوماسية سرية وعلاقات امنية مع كثير من الدول العربية بحجة مواجهة ثورات ما يسمى الربيع العربي مع العلم ان اسرائيل تقيم علاقات مع المعارضة السورية المعتدل منها والمتطرف الاسلامي والعلماني على حد سواء. فكأنما التنافر العربي الداخلي افرز عشقا للاحتلال الاسرائيلي.

فاسرائيل تروج لخطر داعش من جهة وللخطر الايراني للتسلل الى غرف نوم الانظمة العربية وكأنه لا اخطار ولا اطماع اسرائيلية من النيل الى الفرات. وهذا التساقط العربي في السلة الاسرائيلية يذكرنا بمراسلات الفاطميين في مصر مع الصليبيين للتوحد ضد نور الدين زنكي وكذلك اتصالات البابا في روما مع حركة الحشاشين لاحقا لمواجهة صلاح الدين اضافة الى خيانة الكثيرين من الحكام في حينه لأوطانهم وتسهيلهم الغزو المغولي. فالتاريخ هنا يكرر نفسه خيانات ومؤامرات وفتن وخذلان, لكن كل ذلك لم يحم حاكما فتخاذل الخليفة العباسي واستسلامه لم يحفظ رأسه من القطع بسيف مغولي والتواصل بين الفاطميين والصليبيين لم يحم مصر من حملة صليبية تالية هزمها المصريون في المنصورة.

عندما حاصر هولاكو بغداد عمد وزير الخليفة المستعصم بالله الى تقليل عدد عساكر الخليفة بوقف رواتبهم فانخفض عدد الجيش من مئة الف الى عشرة آلاف وبث الفتنة بين الشيعة والسنة في بغداد واقتتل الجميع في المدينة والمغول يقتربون منها واقنع الخليفة بالاستسلام وكان لاهيا وكان طلبه من هولاكو ان يبقي على جواريه ونسائه وكانت نهايته بحد السيف. بقي ان نقول ان نتاج الغزو المغولي والحملات الصليبية التي لم يصدها سوى جيش مصر مهدت للدولة الصفوية في ايران والعراق والتمدد التركي في العالم العربي والاستعمار الفرنسي والبريطاني لاحقا الذي انجب اسرائيل. فالمخططون للفتن يريدون بقاء ايران وتركيا واسرائيل كقوى مهيمنة في المنطقة ولا يبقى اي امل الا في صمود مصر.