يوم الجمعة الماضي، الموافق الثاني من تموز الحالي اردت رصاصات العقيد يسرائيل شومر عند حاجز قلنديا الشاب محمد الكسبة، ثلاث رصاصات في الرأس والقدم والظهر، اطلقها مجرم الحرب الاسرائيلي على محمد بحجة "رشق الحجارة"، وهي ذريعة واهية، واوهى من خيوط العنكبوت. سقط الابن الثالث شهيدا للاسرة المكلومة.

أسرة الكسبة الفلسطينية، ليست الوحيدة، التي فقدت ابناءها، لانها جزء من ظاهرة عامة لازمت الكفاح الوطني الفلسطيني منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى يوم الدنيا هذا، وستبقى هذه الظاهرة قائمة إلى ان يندثر الاحتلال الاسرائيلي البشع عن الاراضي الفلسطينية المحتلة وحتى قيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

لكن قصة الاخوة الثلاثة ياسر وسامر ومحمد، الذين قضوا على يد مجرمي الحرب الاسرائيليين، لها ما يميزها. فياسر ابن العاشرة، قام لواء إسرائيلي في الثاني من مايو 2002 باطلاق الرصاص عليه، وهو ملقى على الارض، والتهمة "رشق الحجارة". وسامر لحق به بعد اربعين يوما لذات التهمة الحقيرة، التي تكشف عن وحشية إسرائيلية في مقابل الصمت العربي والعالمي المريب.

سؤال برسم كل صناع القرار في العالم: ما هي معايير العدالة العالمية؟ وإلى متى سيبقى القتل المجاني يستهدف ابناء الشعب الفلسطيني بحجج وذرائع واهية؟ واين اقطاب ودول الغرب من قضية حقوق الانسان؟ وإلى متى ستبقى اليد الاسرائيلية ضاغطة على الزناد  صوب الصدور الفلسطينية ؟ وأي مصلحة دولية في بقاء شلال الدم الفلسطيني نازفاً؟ وهل هذا المشهد يخدم خيار السلام؟ وهل يعتقد الاسرائيليون ومن خلفهم الولايات المتحدة، ان ابناء الشعب الفلسطيني سيبقون إلى ما شاء الله مكتوفي الايدي؟ ام انهم يعتقدون أن الفلسطينيين في ظل الوضع العربي المتهالك، لن يستطيعوا الدفاع عن انفسهم؟ ألم تعلمهم تجارب الثورات الفلسطينية على مر عقود الصراع الطويلة، ان الفلسطينيين اشعلوا ثوراتهم في لحظات وازمان التراجع العربية؟ أم انهم لم يتعلموا من دروس التاريخ؟

استشهاد الابن الثالث لعائلة سامي الكسبة، الاب المنكوب بفقدان ابنائه بالقتل الجبان والعمد وبدم بارد من قبل القتلة الاسرائيليين، تملي على الشرعية الاممية والاقطاب الغربية، التوقف امام عمليات استفحال القتل الاسرائيلية للاطفال والنساء وعموم المواطنين العزل دون سبب او لاسباب واهية، لا علاقة لها بحقوق الانسان، ولا بالقوانين والاتفاقات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف الاربع لعام 1949، وتتنافى مع ما تدعيه القوى الغربية، عن دفاعها عن حرية وحقوق الانسان. والعمل في ذات الوقت لضمان الحماية الدولية لابناء الشعب الفلسطيني، واتخاذ ما يلزم من الضغوط والاجراءات الذاتية والقارية والاممية لالزام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية بالتسوية السياسية، وفتح ابواب مجلس الامن لاصدار قرارات استنادا للفصل السابع لفرض الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي المحتلة وفي مقدمتها القدس الشرقية، وخلق الاجواء الملائمة لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.

وان بقيت القوى الدولية تتعامل بخفة مع ارهاب الدولة الاسرائيلية، وتغاضت عن مجرمي الحرب الاسرائيليين السياسيين والعسكريين، وأذعنت لمشيئة الدولة الاسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، فانها تكون فتحت ابواب جهنم في المنطقة أكثر مما هي عليه الان. الصبر الفلسطيني بات يضيق أكثر فاكثر مما يفترضه او تستقرئه استطلاعات الرأي وتقارير اجهزة مخابرات اسرائيل واميركا والغرب عموما.