خاص-مجلة القدس- حوار: وسام خليفة

تواجه الساحة الفلسطينية العديد من التحديات السياسية والأمنية المؤثّرة في الفترة الأخيرة. فبين بروز الهبّة الجماهيرية كحدث مهم في الكفاح الفلسطيني، وما يُتداوَل من أخبار حول قرارات فلسطينية حاسمة في المرحلة القادمة، وبروز ملف المصالحة بين حركتَي "فتح" و"حماس" ومدى قرب عقد اتفاق نهائي ينهي الانقسام، كلها مسائل ستحدّد مستقبل القضية الفلسطينية في السنوات القادمة لأهمية ما تحمله من تغيير على الساحة الفلسطينية. ومن هنا أجرت مجلة "القدس" مقابلة مع أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" أمين مقبول للاطلاع على اهم المساعي السياسية الفلسطينية التي تجري في هذه المرحلة في ظل كثافة الأحداث الدائرة.


إلامَ آلت الاجتماعات الأخيرة التي حدثت بين حركتَي "فتح" و"حماس" بخصوص المصالحة؟
هناك استعادة لما تم الاتفاق عليه في اوقات سابقة ووضع آليات لتنفيذه، ولكن للآن لا نستطيع أن نقول إن هناك اتفاقات او تفاهمات ثابتة، بل آليات وتفاهمات حدثت، وعادت كل جهة لقيادتها لتراجعها لاقرارها او تعديلها. واللجنة المركزية ستستكمل اجتماعاتها والمجلس الثوري، وخلال هذه الاجتماعات ستتم مناقشة ما جرى التوصُّل اليه من افكار حول تنفيذ الاتفاقات السابقة، وإثر ذلك سيُحدَّد موعد آخر مع حماس اذا وصلنا الى رؤية واضحة. وقد اتفق الوفدان على عدم الإدلاء بأيّة معلومات محددة لوسائل الإعلام لئلا يشوّش ذلك على التفاهمات واللقاء القادم، ونحن ملتزمون بعدم التعليق لتسير الامور بشكل سليم.
ولا بدَّ من التنويه إلى أن الأخبار المتداوَلة عبر وسائل الإعلام مجتزأة وليست كاملة الصورة، فالمسألة لا تتعلّق بحرس الرئيس فقط، بل هي عملية متكاملة، وما يعنينا ليس أن نبعث حراساً للمعبر فقط، وإنما نريد اتفاقاً شاملاً يمنح السلطة والحكومة السيطرة الكاملة على قطاع غزة وليس مجرد حراس للمعبر فهو اتفاق كامل، والمصريون جزء من الاتفاق عدا عن كثير من الاطراف، وبالتالي فما تناوله الإعلام ليس كامل بنود الاتفاق الذي يتم انجازه ونقاشه.

ما موقف فصائل العمل الوطني مما يجري من اتفاقات؟
الكل موقفه واحد وهو أننا لسنا بحاجة لاتفاقات جديدة، ولكننا بحاجة لتطبيق الاتفاقات التي اتفقنا عليها سابقاً، فهناك اتفاقات تم التوقيع عليها في القاهرة عالجت جميع الملفات من حكومة الى أمن الى المجلس التشريعي والمجلس الوطني ومشكلة الموظفين، وهناك وصف واضح للموظفين الذين وظّفتهم حماس بعد الانقلاب ولن يتم تبديله، وقد تحاورنا في القاهرة لأوقات طويلة برعاية اخواننا المصريين، ومن هنا فما نحتاجه فعلياً هو وضع آليات لتنفيذ الاتفاقات السابقة.

ما هي أهم الملفات الموضوعة على ملف جلسة المجلس الثوري القادمة واللجنة المركزية؟
أهم ملفات اللجنة المركزية قضية الوضع السياسي والأُفق المسدود والتحركات حول المؤتمر الدولي للسلام الذي جاء بمبادرة فرنسية والقرارات التي على القيادة تحديدها مع اسرائيل ضمن استمرار العدوان الإسرائيلي والقتل. ودورة المجلس الثوري هي دورة اعتيادية، وهي الدورة السادسة عشرة، دورة شهداء أبناء القدس والهبّة الشعبية والشهيد نضال اسماعيل ابو شمالة والمناضلة نجلاء ياسين، وستتضمّن ثلاثة محاور رئيسة: المحور الاول، الوضع السياسي ويُستهَل بكلمة شاملة للاخ الرئيس ابو مازن، ويتلوها مناقشات حول الوضع السياسي والخطوات التي يجب ان تُتَّخَذ حسب الوضع الراهن والعلاقة مع اسرائيل. أمّا المحور الثاني، فهو مناقشة الوضع الداخلي لحركة "فتح" واستعداداتها للمؤتمر السابع، وتقرير من اللجنة التحضيرية وتقارير من مفوضيات اللجنة المركزية. وبالنسبة للمحور الثالث، فهو المحور الوطني، حيثُ سنبحث موضوع الحوار مع حماس والامور التي ستتم مناقشتها، ووضع تصورات وسياسات العمل، والهبّة الجماهيرية ودور "فتح" في دعمها ومساندتها وقيادتها ووضع القدس، وأيضاً سنناقش موضوع المجلس الوطني والانتخابات العامة للمجلس الوطني ووضع الحكومة واضراب المعلمين في مدارس الضفة الغربية.

ماذا حلَّ بالمؤتمر السابع؟ ومتى سيُعقَد؟
جواب هذا السؤال سهل وصعب في نفس الوقت. فالامور تسير في مسرى إعداد المؤتمر ولكن التجهيزات والتحضيرات لم تُستكمَل بعد. وبرأيي توجد حاجة ملحة في أن نسرع بإنجاز التحضيرات، وهناك اجتهاد حول عدد اعضاء المؤتمر ومكوناته ما زالت قائمة ولكن هناك نقاط خلافية حولهما، وبعض الاقاليم لم تستكمل مؤتمراتها الداخلية لاختيار لجان الاقاليم التي ستشارك في المؤتمر، وبعد ان تتم هذه الامور سيأتي موضوع مكان وزمان انعقاد المؤتمر. بالنسبة للمكان فهناك ظروف اقليمية ومكانية يجب ان تناسب الجميع، إذ يوجد احتمال أن تمنع اسرائيل كادر غزة من الحضور للضفة او الكادر من الخارج او منع الكادر في الضفة من الخروج اذا تقرر عقده خارج فلسطين. ولكن استطيع ان اقول ان اكثر من 80% من التحضيرات باتت جاهزة وعلى اللجنة المركزية في الاجتماع القادم ان تأخذ قراراً نهائياً بالنسبة لسقف عدد الاعضاء، وبعدها ستصبح الأمور أسهل، وبرأيي فإن عقد المؤتمر مهم، ويدفع حركة "فتح" الى الامام، ويجدّد الدم والشباب والقوة ويعطي فرصة للكل بأن يأخذ فرصة بعد سبع سنوات من آخر مؤتمر، ونحن نسعى لعقد المؤتمر كل 5 أعوام كما نص النظام الداخلي وليس كالسابق كل 20 عاماً، وهذا يتطلّب ان نسرع في عقد المؤتمر، إلا أن الظروف السائدة من أمور داخلية في الحركة وظروف أمنية أخّرت الموضوع بعض الشيء، ولكن يبقى الاهم ان نكون جاهزين، ثم نناقش الامور الاخرى. وهنا علينا الاشارة الى وقت انعقاد المجلس الوطني، فالمجلس والمؤتمر يخضعان لنفس الظروف تقريباً، لكن المجلس الوطني مسألة وطنية بغض النظر عن الظروف التي تحيط بالمنطقة، وهو يحتاج الى توافق وطني، ووفق معلوماتي اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني تجتمع وتحضّر برنامجاً واضحاً حالياً.

كيف أثّرت الهبّة الجماهيرية الاخيرة على العملية السياسية الفلسطينية؟
قبل حدوث الهبّة كنا نمرّ بفترة تشهد جموداً وتراجعاً في أهمية القضية الفلسطينية، حيثُ لم تعد أولوية على أجندة المجتمع الدولي نتيجة انشغال العرب في شؤونهم الداخلية وانشغال العالم بسوريا وايران وليبيا وغيرها، وبالتالي جاءت الهبّة الجماهيرية، وتصاعدت المقاومة الجماهيرية والقتل والعدوان الاسرائيلي ليعيد القضية الفلسطينية إلى سلّم الاولويات، ولاحظنا كيف أن وفوداً جاءت لتناقش الوضع كالولايات المتحدة وغيرها، فهذا الوضع أعاد وضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية، وهذه إحدى الثمار الاولية للهبّة الجماهيرية الحالية، وهي محطة من محطات المقاومة الشعبية التي تدعو لها حركة "فتح"، وفي كل مناسبة يدعو لها الاخ الرئيس ابو مازن، وهو أمر متّفقَ عليه من قِبَل جميع فصائل العمل الوطني بما فيها حماس، وبالتالي تأتي في سياق الاستراتيجية الفلسطينية في تصعيد المقاومة الشعبية، وحتى الآن نستطيع الحديث عن ثمار أولية كما ذكرتُ وليس مكاسب سياسية، فالوضع ما زال قائماً والهبّة مستمرة والايام القادمة ستُظِهر النتائج.

ما هو دور حركة "فتح" في الهبّة الجماهيرية الاخيرة؟
حركة "فتح" والاخ الرئيس أبو مازن منذ سنوات يعملون على تفعيل المقاومة الشعبية ويدعون لتصعيدها وانتشارها في كل مكان وليس فقط في مناطق معينة كقرى نعلين وبلعين وبورين وغيرها من القرى التي تنتهج هذا النوع من النضال، ومن هنا جاءت الهبّة لتكون محطة تصعيدية للمقاومة الشعبية لترعاها حركة "فتح" ويقودها أبناء الحركة، وذلك واضح من خلال عدد الشهداء والجرحى والمشاركين والذين أغلبيتهم من أبنائها ومناصريها، فحركة "فتح" موجودة في صلب الهبّة باعتبارها محركاً وأساساً لها، ونحن بصدد تطوير ووضع آليات لتصعيد الهبّة وانتشارها في كل الاراضي الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.

إلى اين وصلت المساعي الفلسطينية لتدويل القضية الفلسطينية والدفاع عن الفلسطينيين من اعتداءات اسرائيل؟
هناك مشروع قرار قُدِّم إلى الامم المتحدة وسيُقدَّم الى مجلس الامن ويطالب بإدانة ووقف الاستيطان وبتوفير حماية للشعب الفلسطيني والعمل جارٍ في هذا الاتجاه. أيضاً هناك جانب آخر وهو اللجنة الوطنية العُليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية، وهذه اللجنة عقدت العديد من الاجتماعات، وتضم كل فصائل العمل الوطني بلا استثناء بما فيها حماس وقادة المجتمع الوطني وحقوقيين، وأنا جزء منها واتشرّف بذلك، وعدد الاعضاء فيها يزيد عن 40 عضواً. وقد وُضِعت تقارير، وشُكِّلت لجان والتقت بالمحكمة الجنائية الدولية وبرئيسة المحكمة، وقدَّمت لها تقارير، ولكن كما هو معروف إن هذه المحكمة، كما نقول بالمثل الشعبي "حبالها طويلة"، وتأخذ سنوات، ونحن نعقد اجتماعات دورية لتقييم ما تقدّمه وتقوم به اللجنة والاضافة على الملفات كما حدث في جريمة إحراق الطفل الشهيد محمد ابو خضير، حيث تم إلحاق قضيته بالملف، وملف الاستيطان، وحرب غزة، والاسرى وما يُرتكَب بحقّهم من قمع واذلال في سجون الاحتلال، وقتل الأطفال بدم بارد على الحواجز وفي الميادين، وهناك فريق من كبار الحقوقيين في العالم مساند وتعتمد عليهم اللجنة الوطنية العليا لمتابعة محكمة الجنايات ويقدّم المشورة، ونحن الآن نعمل على الرد على أسئلة المحكمة، فهناك قضايا قد تسألنا المحكمة عنها بالنسبة لما يعتبرونه خللاً في الساحة الفلسطينية كقضايا الاعدامات التي جرت في غزة او قضايا القصف في الحرب الاخيرة عليها، ونحن نستعد بما لنا وما علينا وهناك لجنة قضائية أخرى شُكِّلت برئاسة رئيس مجلس القضاء الاعلى السابق دكتور فريد الجلاد، وهي تقوم بالتحقيق والتدقيق بما علينا نحن من أُمور قد تُستخدَم لإدانتنا في الساحة القانونية وما سنستخدمه  لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاكمتهم من تقارير واسماء وصور وفيديوهات، وانا شخصياً كعضو باللجنة راضٍ عن أدائها وما انجزته خلال فترة قصيرة من تشكيلها.

البعض يشكّك بقوة المحكمة لإدانة اسرائيل كونها مدعومة من دول قوية مؤثّرة، فما ردك على ذلك؟
هذه المحاكمات لها شكل خاص، فالمحكمة الجنائية الدولية تحاكم اشخاصاً، ونحن نتحدث عن جرائم حرب ارتُكِبت في غزة اثناء العدوان الاخير عليها مثل قصف المدارس وغيرها، وهناك أسماء قادة كانوا مسؤولين عن قتل مدنيين فلسطينيين، ولذلك نعمل على جمع اثباتات وبراهين لإدانتهم، فنحن نسعى لمحاكمة اشخاص وليس دولة اسرائيل لاختصاص هذه المحكمة بمحاكمة الاشخاص وليس الدول.

هل لك أن تطلعنا على التفاصيل المتعلّقة بالمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام؟
نحن دعونا اكثر من مرة لعقد مؤتمر دولي للسلام وكانت موسكو دعت لمؤتمر دولي واستعدّت لاستضافته منذ اكثر من سنتين على ضوء فشل اللجنة الرباعية وتحكُّم الادارة الامريكية في مسار اللجنة الرباعية وفشل المفاوضات التي استمرت عشرين عاماً بدون انجاز شيء. وقد أصبحنا ندعو لشيء للخروج من هذه الحلقة والخروج بشيء جديد والذهاب لمؤتمر دولي، وهذا مطلَب فلسطيني قديم نضغط باتجاهه، وقد تبنّت فرنسا هذا المطلب بدعوة خاصة منها لعقد مثل هذا المؤتمر وهي مشكورة، ولكن حتى الآن لم تتبلوّر صورة نهائية لموعد عقد المؤتمر. نحن نريد افكاراً محدّدة تتبلوّر في هذا المؤتمر الدولي، وهي ان تستند الى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية كمبدأ لإقامة الدولتين، وان يكون هناك سقف زمني للمفاوضات وسقف زمني للانسحاب، وادانة الاستيطان، وان يصدر عن المؤتمر الدولي قرار تتبنّاه الامم المتحدة ومجلس الامن حتى يصبح قابلاً للتنفيذ. ومن الواضح ان اسرائيل تعترض على أي مؤتمر من هذا النوع وتدعمها كالعادة الولايات المتحدة والبعض من الموالين لها، وهم يطالبوننا بالعودة للمفاوضات، ولكننا نقول لهم اي مفاوضات تتحدثون عنها اذا لم تكن المفاوضات تستند الى قرارات الشرعية الدولية وتحديد سقف زمني للانسحاب وسقف زمني محدد لأي مفاوضات ستحدث. أمّا اذا توفّرت أُسُس لنجاح هذه المفاوضات بما يتناسب مع المطالب الفلسطينية وبإشراف دولي فنحن جاهزون عندها للمفاوضات.