في خضم حرب الإبادة الصهيو أميركية على الشعب العربي الفلسطيني في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 عمومًا، وفي قطاع غزة خصوصًا لليوم ال52 مع أيام الهدن الخمسة تحل الذكرى ال76 لإصدار قرار التقسيم الدولي لفلسطين رقم 181، والذكرى ال46 ليوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني لتطرح على العالم كله وخاصة دول الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، التي فرضت التقسيم لفلسطين ودفعت لإقامة دولة إسرائيل اللقيطة في أيار / مايو 1948، وتساوقت معها آنذاك  كل من الاتحاد السوفييتي والصين، وغيرها من الدول التي لاحقتها واشنطن بالترهيب والترغيب حتى انتزعت موافقة 33 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورفضت القرار 13 دولة، وفي ذات الوقت، قامت تلك الدول الاستعمارية بتغييب وتعطيل إقامة الدولة الفلسطينية العربية. رغم الجور والغبن التاريخي من حيث المبدأ بالموافقة على قرار ظالم لا يمت للواقع والحقيقة بصلة، وأيضًا لعدم ترجمته بشقيه، أي بالسماح بإقامة الدولة الفلسطينية.  


أضف لذلك ورغم مرور 46 عامًا على إصدار القرار الأممي ليوم التضامن العالمي مع الشعب العربي الفلسطيني في ذات اليوم الموافق 29 تشرين ثاني / نوفمبر 1977، أي بعد ثلاثين عامًا من قرار التقسيم، ورغم تمكن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من انتزاع ما يزيد على الألف قرار أممي لصالح تكريس استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود تصل لنصف ما جاء في قرار التقسيم الدولي 181 استجابة لدفع خيار السلام قدمًا للأمام، ولنزع الذرائعية الإسرائيلية وأكاذيب الخشية من الأمن، إلا أن إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي عطلوا وحالوا دون تطبيق أي قرار أممي ذات صلة بالسلام حتى الآن. 


ومع حلول ذكرى المناسبتين بمرها وحلوها وفي دوامة حرب الأرض المحروقة، الحرب السريالية الجارية من قبل واشنطن وتل أبيب ومعهم عواصم الغرب على قطاع غزة، التي قصفت إعمار ما يزيد عن خمسة عشر الفا من الشهداء، و35 ألفًا من الجرحى جلهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى عمليات تدمير طالت خمسين ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و240 ألفًا تدمير جزئي، وفرض العقاب الجماعي والحصار الظالم على الشعب، وتوسيع دائرة حرب التجويع والعطش والموت والتهجير من الشمال الى الجنوب، وبعد أن تأكد فشل العدو الصهيو أميركي في تحقيق أهدافه وسيناريوهاته الدموية الإجرامية، إلا تقف تلك الدول المنتجة للإرهاب والفاشية القديمة الجديدة وتعيد النظر في حساباتها، وتراجع نفسها وخياراتها، وتقر بالاستجابة لقرارات الشرعية الدولية وتنفيذ قرار التقسيم بشكله المقلص والبائس لنزع فتيل الحرب والموت والدمار من الإقليم؟ الم تدرك للمرة الألف الإدارات الأميركية المتعاقبة ومعها الحكومات الإسرائيلية منذ حكومة بن غوريون الأولى إلى حكومة نتنياهو السادسة الراهنة أن إمكانية تصفية القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني مستحيلاً، حتى بات احد المستحيلات الثمانية. لأن هذا الشعب العظيم بأجياله المتعاقبة يزداد تمسكًا بأرضه وعودته واستقلاله وحريته وحقه في تقرير المصير ومساواته الكاملة مع من يريد السلام والعيش في المنطقة؟ 


مناسبتان تسلطان الضوء بالتزامن مع حرب إبادة وحشية، لا مثيل لها في العصر الحديث من حيث حجم الإبادة والقتل للأطفال والنساء والشيوخ على قضية العرب المركزية، وقضية العصر، قضية الشعب العربي الفلسطيني، الذي مضى على نكبته قرابة ال76 عامًا، وعلى احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 ما يزيد عن 56 عامًا، وتفرضان مع الحرب الهمجية الوقف الفوري للحرب، ورفع الحصار الظالم وتأمين الحماية الدولية للشعب العربي الفلسطيني، ووقف التهجير والتطهير العرقي والذهاب للحل السياسي دون تردد أو التفات للوراء، وإزالة الاحتلال والمستعمرات ورفع القيود عن الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وإلا فإن دوامة الحرب والإرهاب والفوضى والتهديد للامن والسلم الإقليميين سيبقى مشتعلاً في الإقليم الشرق أوسطي والعالم. لأن فلسطين كما كانت دومًا، ستبقى إلى أن ينتهي ويزول الاستعمار الإسرائيلي الجاثم على ارضها بوابة الحرب والسلام في آن. ومن يريد أن يحافظ على مصالحه الحيوية في المنطقة والإقليم وخاصة واشنطن عليها قبل غيرها وأداتها الوظيفية إسرائيل ادراك ذلك جيدًا، مصالحها تتحقق بتحقق استقلال دولة فلسطين وعودة أبناء شعبها لوطنهم الام وفق القرار الدولي 194 وفي يوم التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني يتوجه الشعب بكل مكوناته السياسية والديبلوماسية والثقافية التربوية والاقتصادية والإعلامية بالتحية والتقدير لكل صوت ارتفع ومازال يرتفع في العالم تضامنًا مع قضيته ومع أطفاله ونسائه وشيوخه ومع حقوقه الوطنية العادلة. شكرًا كبيرة لأنصار السلام والحرية والعدالة السياسية والاجتماعية.