خاص "مجلة القدس"/تحقيق: وليددرباس
تماشيًا مع مرحلة مَأسَـسـة مُختلَف أشكال الحراك الوطني التي بدأت بواكيرها بعهـد الرّئيس محمود عباس وبمباركـة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، عقدَت العديد من الأُطـر الفلسطينية مؤتمراتها وانتخبت ممثليها توخيًا لاستكمال كافـة الاستعدادات لمواجهة الاستحقاقات المرتَقَبـة لقيام الدولة الفلسطينية السيدة المستقلة وعاصمتها القدس. وبذات السياق تُدرَج استعدادات الأُطُـر الكشفية الفلسطينية الجارية في لبنان حاليًا برعاية دائـرة التنظيم والعمـل الشعبي.

دائرة التنظيم والعمل الشعبي
تأسّست الحركة الكشفية الفلسطينية وفق حديث مسؤول دائرة التنظيم والعمل الشعبي عضو قيادة الساحة "طالب الصالح" منذ السبعينيات من القرن الماضي، وعُرِفت باسم جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينيات. ويُستَشف من حديث الصالح بأنه من حينه وحتى أيامنا لم تكن الحركة الكشفية بمنأى عن حالة المـد والجـزر التي مرّت بها الحركة الوطنية الفلسطينية ومُختَلف مؤسسات منظمة التحرير إبان عملها في لبنان من جهة، وبعد مغادرتها الساحة اللبنانية للمنافي والمتاهات وصولاً حتى العودة برفقة ربان السفينة الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى أرض الوطن جرّاء مفاعيل اتفاقيات اوسـلو من جهة ثانية، فاكتسبت بالأولى وخلال ما يزيد عن العقدين من الزمن الاحترام وتقدير المرجعيات السياسية والفصائلية وحازت أيضًا على إعجاب وترحاب الأوساط الشعبية والمجتمعية على أكثر من مستوى وصعيد خاصة ممن هم على مقربة ومتابعة ودراية وصلت حد الانشداد لهذا الشكل من الحراك المجتمعي "فلسطينيًا ولبنانيًا"، بوقت تراجع منسوب السمات إياهـا في المرحلة الثانية لصالح تحول التباينات بالرأي والتوجهات إلى اختلافات ومماحكات غالبًا ما تكون على حساب المصلحة العامـة للحراك الكشفي، ما حال دون تنامي وتطور الحراك كما ينبغي ونال من مكانته المعهودة، والسبب كما ينوّه مسؤول الدائرة طالب الصالح يعود لـ"غياب المؤتمرات أولاً، وتغييب اللوائح والنظام، ولجوء المرجعيات المخوَّلة خاصة في الوطن  إلى التعيينات والتنصيبات المصحوبة بأحسن الأحوال بنقص في المعلومات، سواء أكان بالتقدير والاختيار أو مجانية التدقيق والتمحيص أيضًا جـّراء البُعـد عن الساحة والتجاذبات"، ويستذكر الصالح بهذا السياق تشكيل لجنة تحضيرية في العام 2011 من 16 قائدًا كشفيًا وأخرى من 8 بالعام 2013، وبسبب استمرار الإشكاليات قدِم رئيس المفوضية "ابو جميل سوالمة" على رأس وفد من الوطن للوقوف على حقيقة الوضع عن كثب والتقى بالهيئات والمجموعات الكشفية أيضًا، وخلصوا لتشكيل لجنة تحضيرية بمهام لوجستية ذات صلة باستكمال الإستنابات واستمارات العضوية.... الـخ، وتقديمها لجهات الاختصاص خلال فترة زمنية لترسيم كافة قضايا وشؤون الحركة الكشفية في لبنان استعدادًا لعقد المؤتمر العام في الساحة، ويضيف الصالح "عـدم انجاز المهام بالفترة المحددة دفَعَنا لنبادر في دائرة التنظيم والعمل الشعبي بعقد لقاء كشفي في مخيم برج البراجنة حضره 26 ممثل مجموعة كشفية منها ما يتبـع لفصائل وأخرى لكشافة مدارس وثالثة أهلية مستقلة، وعلى ضوئه تشكّلت لجنة تحضيرية من 5 أعضاء بينهم عضوان مستقلان عمَلاً بتوصيات اللقاء وللمرة الأولى يحدث شيء من هذا القبيل، بهدف تعزيز أداء اللجنة"، ويزيد "تواصَلنا مع المجلس الأعلى للشباب والرياضة بالساحة بحكم مكانته ومسؤولياته ومع كل من سفير دولة فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، وأمين سر الساحة لفصائل المنظمة فتحي ابو العردات وتقرَّرَ عقـد لقاء كشفي موسّع. ومن هنا، وتيمُّنا بالشهيد ياسر عرفات وتزامنًا مع الذكرى السنوية العاشرة لرحيله، عُقِـد اللقاء في سفارة دولة فلسطين في بيروت برعاية السفير دبور وأبو العردات وأمين سر اقليم حركة "فتح"ـ لبنان رفعت شناعة، وحضره عملاً بالأجندة المحددة  ممثلو ومندوبو المجموعات الكشفية الفلسطينية المعتمَدة بكشوفات الجمعية برام الله، ومنها من تتبع لفصائل وأخرى مستقلة، وأيضًا أعضاء الهيئة الإدارية السابقة والهيئة الإدارية للعام 2011، وتجاوزت نسبة الحضور 85%".
 ويدرج الصالح استخلاصات اللقاء بالنقاط أدناه:
1. تشكيل لجنة فنيـة بالاستناد الى المرّشحين وبعد رفعها للجهات القيادية للمُصادَقة، على أن تتولّى مهام الوقوف على التنسيبات والرصد والمتابعة على مستوى المجموعات والفرق الكشفية الموجودة
2. تشكيل مفوضيات فرعية في المناطـق
3. تزويـد المرجعيات الكشفية برام الله بكافـة الاستمارات وثبوتيات قيد العضوية ... الـخ، للتمحيص والمصادقـة
4. الإعـداد لعقـد المؤتمـر العام على أن يكون قبل نهاية العام 2014، وعلى ضوئه وعمـلاً بنظام المؤتمرات يحـق حينها لممثلي الحركة الكشفية في لبنان المشاركة بأعمال المؤتمـر الكشفي الفلسطيني العام الـمُزمَع عقده في الوطن في 6/2/2015.
 ويختـم الصالح حديثه بالقول: "بالتعاون مع قيادة الساحة بدأنا مرحلة عقـد المؤتمرات العامـة للمؤسّسات النقابية والشعبية، وأنجزنا بعضها، ونتوخّى النجاح بعقد المؤتمر الكشفي بالساحة"، ويرى باستنهاض المجلس الأعلى للشباب والرياضة بالساحة (فتحي ابو العردات، آمنة سليمان، صلاح صلاح) لدوره وتحمُّل كامل مسؤولياته سَنَدًا غير عادي ولا غنى عنه للدائـرة، ويعجـل بدفـع الحراك الشعبي إلى الأمـام .

المكتب الكشفي الحركي في لبنان
"خالد عوض" قائد كشفي متقدّم، مُعاصِر لمسار الحركة الكشفية في إطار جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، خاصةً أنه التحق بالكشافة منذ نعومة أظفاره في العام 1977، وقضى حتى حينه ما يقارب الأربعة عقود، وهو ما يؤهّله للتأكيد على أن العمل الكشفي هو استحقاق وطني  ومهمة كفاحية وأحد جبهات الصراع على الصعيد المؤسساتي مع العدو الاسرائيلي. ويـرد عوض إطلاق اسم "جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينيات" على العمل الكشفي من قِبَل القائد الشهيد ابو عمار لتجنيبه الطابـع الفصائلي وتماشيًا مع أنظمة الانتماء للمنظمة الكشفية العربية وبالتالي العالمية، ويستذكر القائد الكشفي "أحمد درز" من اوائل المؤسسين لكشافة الجمعية، وعدد مؤتمراتها "1970، 1972، 1974، وآخرها 1978".
 هذا وكان عوض قد تدرّج بالمراتب الكشفية، بسبب ديناميكيته ونشاطه، لمستوى أمين سـر المفوضية العامة في لبنان، واختارته قيادة الساحة فيما بعد، ولذات المزايا، لقيادة المكتب الكشفي الحركي الـمُستحدَث في لبنان. وعطفًا على الاستحداث يُسجّل عوض تثمينه العالي وفخره كون "تشكيل المكتب الكشفي الحركي في لبنان كان السبّاق على المستوى الحركي بهذا المضمار خاصة أن مقومات التأسيس من كشفيين، وكادر، وطواقم عمل ... الـخ، متوفّرة وعلى مستوى من الخبرة والكفاءة"، ويضيف "التأسيس يُساعد في وقف الالتباس وسوء الفهم واللغـط بأوساط العديد من الأفراد والأطراف بين مفهوم العمل التنظيمي الكشفي الحركي والكشفي بإطار الجمعية"، وبرأيه "سيكون المكتب الحركي الكشفي بمثابة العمود الفقري والسياج الحامي للجمعية كونها المرجعية الرسمية لعموم الحركة الكشفية الفلسطينية"، وينوه إلى أن "التأسيس جاء بعد مرحلة من المشاورات والمناقشات على مستوى الهيئات الحركية القيادية ومباركة اللجنة المركزية وجهود مشكورة بذلها كل من القادة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور جمال محيسن وفتحي ابو العردات ورفعت شناعة، وترافقت مع عـقـد العديد من وُرَش العمل ذات الصلة على مستوى المناطق الخمس والساحة، ومنها ورشة عامة بتاريخ 30/6/2013، شارك فيها كافة الهيئات الإدارية الكشفية، وقدّم خلالها العديد من قيادات مفاصل العمل الحركي محاضرات تعبوية وبتعزيز القدرات، وفي نهاية المطاف استُحدث المكتب وبات له لائحة داخلية وشعار خاص، وقرار تنظيمي دعا كل حركي ينتمي للمجموعات الكشفية للإلتحاق بالمكتب الكشفي وحتى حينه تجاوز عددهم  الــ"1800" كشفي، بهيكلية تنظيمية تتصدّرها مكاتب كشفية حركية بالمناطق الخمس ومكتب مركزي على مستوى لبنان من  "11" عضوًا (أمين سر المكتب بكل منطقة + كفاءة كشفية يختارها أمين سر المنطقة)، بقيادة الكشفي عوض بصفته أمين السر بقرار من قيادة الساحة.
 ويردف عوض موضحًا "التشكيل تجنّب استحضار أي صفة من صفات الجمعية الأم كي لا يشعر أحـد أننا قد شكّلنا جمعية جديدة أو قيادة بديلة"، وبخصوص أجندة العمل الكشفي يرى أن نتائج الدراسات الكشفية الدولية تؤشر لمكانة الثقافة المجتمعية بأجندة الكشافة، وهي دعوة لتحديث البرامج ومواكبة المستجدات خاصةً انها تسهم بتجذير القضايا الوطنية، ويختم بالتنويه لصعوبة عقد المؤتمرات الكشفية بالوقت الراهـن جراء عدم استقرار الأوضاع .

استمزاج الكشفيين وفق الصالح العام
 يرى القائد الكشفي وائل عبدالله بتشكيل المكتب الكشفي الحركي خطوة شجاعة، ويوضح "بسبب هذه الخطوة بات لشعبة عين الحلوة أيضًا عملها الكشفي، ولحينه وصل عدد كشفييها إلى 100 كشفي من الجنسَين وبمراتب مختلفة (أشبال، زهرات، مرشدات، كشافة، جوالة، قادة... الـخ)، وفئات عمرية متفاوتة وبينهم حملة مؤهلات علمية كطلبة جامعيين وخريجين، وأساتذة مدارس"، ويتابع "نتعامل مع الكشفيين باعتبارهم من مكوّنات العملية المجتمعية ولكل منهم مزاج ومزايا وأهداف وطموحات خاصة به، وعلينا استمزاجهم والوقوف على حاجاتهم وقدراتهم واستنهاضها وتوجيهها وفق الصالح الفلسطيني العام ومصلحة الكشفي ذاته لا أن نُخضِع الكشفيين كما يُفهَم ويحلو للبعض أحياناً بهدف استثمارهم من هذه الجهة أو تلك سواء أكانت فصائلية أو مجتمعية".
وينوّه عبدالله إلى التحاق أربعة صبية فلسطينيين بالكشافة مؤخرًا تبيّن انهم متسربون دراسيًا، فتحرك قسم خدمة وتنمية المجتمع، واستمزجهم على قاعدة تشجيعهم على العودة للدراسة فوافقوا شريطة التوجه للناحية المهنية، ويضيف "لذلك أجرينا اتصالاتنا بالأونروا، وحصلنا على مباركتها وكفالتها والتحق الصبية بأحد المعاهد المهنية، وهم يدرسون بتخصصات "كهرباء عامة، تكييف وتبريد، صيانة كمبيوتر، إدارة وسكرتارية، فالتحصيل الدراسي للكشفيين يأتي في المقام الأول ومن ثم العمل الكشفي"، ويردف "والـد أحـد الأشبال أحضر ابنه بنفسه طالبًا قبوله بالكشافة، علمًا أن الوالد لا ينتمي لحركة فتح" والسبب وفق ما رشّح عبدالله يكمن في أن الوالد كوّن إنطباعًا طيّبًا عن تصرفات ومسلكية الكشفيين خلال عام ونصف داخل المجموعات الكشفية.
ويتابع عبدالله "كذلك وقفنا على حاجة 40 طالبًا وطالبة كشفيين للتدعيم الدراسي، ما دفعنا لإجراء الاتصالات بالأصدقاء وأصحاب النخوة، وتم فرزهم لبرامج التدعيم الدراسي وبالمجان".
ويقسم عبدالله أجندة المكتب الكشفي طرفهم لمهمتين: الأولى فنية، وتشمل كافة النشاطات والورش التدريبية ذات الصلة بالتنمية المجتمعية، وينوّه بهذا السياق لظاهـرة الرصد الأسبوعي الذي يتّبعه المكتب الحركي، ومفاده عقد جلسة تقييم لفترة شهر من العمل يجري على ضوئها وضع المعالجات المناسبة، وغالبا ما تتطلّب تنظيم الزيارات والمزيد منها لعوائل الكشفيين ومدارسهم ومعلميهم للوقوف على الثغرات والشكاوي احيانًا وتصويبها، ويستدعي التصويب أحيانًا عقد ورش تدريب مجتمعية بالتثقيف والتوعية، أو الدعم الدراسي ببعض المواد"، ويستفاد بهذا الشأن من الكفاءات العلمية الكشفية، وأحيانًا يتم استدعاء الأهالي للإطلاع أو المشاركة إن لزم الأمر؛ والثانية تنظيمية، وتطال تعزيز الروح الوطنية والإنتماء لفلسطين، والتثقيف الحركي بهدف صونها من أي خرق، والتعريف بالنشيد الوطني والحركي والبيان والتعميم السياسي والأدبيات الوطنية، وتنظيم لقاءات وجلسات مع المسؤولين والقادة السياسيين الحركيين، وعقد ندوات... الـخ، ولا تتوقّف بحدود إحياء المناسبات الوطنية والحركية بل وتطال الدينية أيضًا، ويؤكد القائد الكشفي وائل عبدالله "أن تقديم المعلومة ربطًا بما ذُكر يتماشى وقدرات المستهدفين، فتقديم التعميم لفئة معينة يتطلّب منا أحياناَ تلخيصه وتقديمه بأسلوب بسيط ومفهوم".

الكشفية رشـا نعـيـم
قائدة كشفية انشدّت للكشاف إبان حصولها على شهادة (البريفيه)، بعد مشاهداتها نشاط الكشفيين خلال مشاركتهم بإحياء المناسبات وخاصة بأعياد انطلاقة فتـح والثورة الفلسطينية من كل عام، ورغم انضمامها للكشاف، تابعت رشا دراستها وحازت على شهادة السكرتارية، وعملت بحكم سنها بمرتبة مرشدة، وتابعت الكشفيين ووصلت لمرتبة قائدة مرشدات، وهي تدرّب الكشفيين ضمن عدة مهام بينها العزف على الآلات الموسيقية كالقربـة، والطنبـور.
 وتنوه نعيم لمشاركتها بحوالي "5 6" من المخيمات الصيفية، وتسجل بهذا السياق إقبال الكشفيين على هذا النمـط من العمل الكشفي رادةً السبب "لاكتسابهم المهارات، وتعرفهم على تدريبات جديدة وجراء ما يرافقها من انفتاح ونسج للعلاقات وتكوين صداقات جديدة وغيره"، وتضيف"العمل الكشفي يُنَمّي القدرات والمدارك خاصة بأوساط الشرائح العمرية المتدنية. فنحن نعمل على تثقيف وتزويد الكشفيين بأفكار ومعارف جديدة وطنية واجتماعية، والكشافة تُعلِّم الترابط الأخوي واحترام الآخرين حتى الذين نختلف معهم بالسياسة"، وتختم بتوجيه رسالة للجهات المعنية في قيادة منظمة التحرير داعيةً إياهم للوقوف لجانب الكشفيين ومساندتهم بتوفير الدعم والمساندة وبشكل خاص الدعم المالي نظرًا لمتطلبات العمل الكشفي كحاجة بعض أدوات الفرقة الموسيقية مثلاً للتجديد إن لم يكن للأكثـر حداثة وفق حديث الكشفية رشا نعيم.