على طاولة عمل من الطوب في قطاع غزة الذي دمّره عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ينشغل صانع الدمى مهدي كريرة بتحويل عبوات معدنية مستعملة إلى ألعاب متحرّكة صغيرة، مدركًا أنّ الدمى المتحركة التي يصنّعها سترسم البسمة على وجوه أطفال نازحين، ويقول: "هذه الدمى تجعل الأشياء من حولنا جميلة". 

قبل العدوان، كان لكريرة متجر كامل من الدمى الملوّنة، وغالباً ما كان يستعملها لتقديم عروض في المسارح، وحاليًا باتت العروض التي يوفرها تُقام في مخيمات النازحين، بعدما أُجبر بسبب القصف الإسرائيلي على النزوح من منزله في مدينة غزة إلى دير البلح في وسط القطاع، وعلى جدران مشغله، علّق كريرة مجموعة من الدمى تعلو أجسامها وجوه تعبيرية منحوتة على الخشب أو العبوات المعدنية، في حين أنّ أطرافها مربوطة بخيوط يستخدمها لجعلها تمشي أو لتحرّك أفواهها.

وبما أنّ غزة محاصرة، يصعب الحصول على مواد خام جديدة، لذا يكتفي بالمخلّفات وشباك الصيد وعلب السردين القديمة المختومة بشعار الأمم المتحدة، فيطليها بالألوان لاستخدامها في دماه.

ويقول كريرة: "للأسف، خسرت بعد النزوح الدمى وعملي في المسارح، تركت كل شيء في مدينة غزة، لم أجـــد مواد خام لأصنّع الدمى، ونحن محاطون فقط بعلب معدنية بمختلف الأشكال والأحجام، واستخدام هذه المواد المستعملة يحمل فوائد بيئية"، مشيراً إلى أنّ الدمى التي يبتكرها "تروي قصص النازحين والأطفال".

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إلى أن العدوان على غزة تسببت بنزوح نحو 850 ألف طفل في غزة، ويلجأ عدد كبير منهم إلى مخيمات حول دير البلح.

ويقول كريرة وهو يجلس بجانب كمّاشته ورأس دمية مطلي:"أحاول تقديم عروض لإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال في مخيمات النزوح"، مضيفاً "المهمّ هو أن نبقى متجذّرين في هذه الأرض رغم العدوان، وأن نبقى أوفياء لعملنا من خلال ابتكار فننا رغم العدوان".

وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 34,454، غالبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من تشرين الأول الماضي.