خاص "مجلة القدس"/تحقيق: مصطفى ابو حرب

تفشّت في الآونة الاخيرة ظاهرة تعاطي الحبوب الـمُخدِّرة بين بعض الشباب في مخيم البداوي، علماً ان هذا المخيم كان ولا يزال يُشكّل حصناً منيعاً يصعب اختراقه بمثل هذه الآفات التي تستهدف عنصر الشباب لغايات وأهداف عديدة، عداك عن ظاهرة الاتجار بالحشيشة والعملات المزوَّرة من قِبَل عصابات وأفراد لبنانيين اتخذوا من المخيم ملاذاً لهم وسوقاً لترويج بضاعتهم بعد تنفيذ الخطة الامنية للجيش اللبناني في مدينة طرابلس.

تفشّت في الآونة الاخيرة ظاهرة تعاطي الحبوب الـمُخدِّرة بين بعض الشباب في مخيم البداوي، علماً ان هذا المخيم كان ولا يزال يُشكّل حصناً منيعاً يصعب اختراقه بمثل هذه الآفات التي تستهدف عنصر الشباب لغايات وأهداف عديدة، عداك عن ظاهرة الاتجار بالحشيشة والعملات المزوَّرة من قِبَل عصابات وأفراد لبنانيين اتخذوا من المخيم ملاذاً لهم وسوقاً لترويج بضاعتهم بعد تنفيذ الخطة الامنية للجيش اللبناني في مدينة طرابلس.


استهداف عنصر الشباب
وحول حيثيات تفشي هذه الآفة في المخيم أشار عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية القيادة العامة ومسؤول الفصائل الدوري ابو عدنان عودة إلى أن آفة تعاطي المخدرات آفة قديمة جديدة تعلو وتيرتها وتنخفض باستمرار لافتًا إلى أن ما أدّى لظهورها بشكل فاضح هو اتساع رقعة التعاطي لدى الشباب مؤخّرًا بسبب الاوضاع الامنية والارتباك الذي  يسود مجتمعاتنا العربية ما سمح لعصابات بيع وترويج المخدرات بكافة اشكالها بالتحرُّك بسهولة واستهداف عنصر الشباب وبينهم الشباب الفلسطيني الذي يتمسَّك بمشروعه الوطني، وتحديداً حق العودة، ودفعه نحو اليأس والسفر او تدميره واسرته من اجل دفعه للإقبال على تلك الظواهر الموجودة.
ونوّه عودة إلى أن هذه العصابات لها ارتباطات مع خارج المخيم لأن افرادها ليسوا من ابناء المخيم أو مقيمين فيه وكذلك الأمر بالنسبة للتُّجار لافتًا إلى أن وجودها في المخيم ما هو الا استهداف للمخيم ليكون سوق ترويج وبيع للحبوب المخدرة (كابتغون) والحشيش والعملات المزوَّرة.
وفيما يتعلّق بعملية ضبط هذه العصابات قال عودة "لكون الشريحة المستهدفة هي الشباب العاطلين عن العمل الذين يرتادون المقاهي بشكل دائم وبعض طلاب المدارس بشكل محدّد، فإن هذا لفت نظرنا، وجعلنا نتحرّك بسرعة فائقة لذلك قسّمنا عملنا الى ثلاثة اتجاهات، الأول يُعنى بالتجار الكبار، والثاني بالمروجين، والثالث بالمتعاطين، وتعاملنا مع الملفات الثلاثة بدقة وحذر كون التجار لهم ارتباطاتهم وحمايتهم الامنية من خارج المخيم، وقد تمكّنا بالتفاهم والمهنية من النجاح في وقف هذه العصابات".
وأضاف "ان من اهم اسباب نجاحنا في وقف هذه العصابات هو وحدة الموقف السياسي للفصائل الفلسطينية في الشمال التي وضعت كل الجهود في خدمة اللجنة الامنية، ورفعت الغطاء عن اي متورط لأن استهداف الأمن المجتمعي الفلسطيني خط احمر لا يقبل به احد وتداعياته تفوق وتتعدّى الاستهداف الامني.
وقد أدّت اللجنة الامنية عملها بمهنية عالية كون بعض الحالات كانت تستوجب التعامل معها بحكمة وحنكة فاستطعنا ان نفكّك العديد من هذه الشبكات التي تروج المخدرات والتي اصيبت بالإرباك ونحن نعمل على اجتثاثها من مجتمعنا ومكافحة تفشي المخدرات والاتجار بها وبالعملة المزوَّرة".
دعم من الاهالي وتشكيك من بعض الرموز
حول رد فعل المجتمع المحلي على أداء الفصائل واللجنة الامنية قال عودة: "لقد وجدنا الدعم والمساندة من كل هيئات المجتمع المحلي وتحديداً من اهالي الشباب المستهدَفين الذين طالبونا بالاستمرار في حملة المكافحة وإلقاء القبض على المروّجين ومعالجة من استهدف من اولادهم حتى انهم طالبوا بضرورة وضع خطة باتجاه تصويب عمل الصيدليات وفرض التعامل ببيع الادوية التي تسبّب الادمان فقط من خلال وصفة طبية، والكل شدَّ على ايادينا الا قلة ممن لا يريدون او لا يؤمنون أن الفصائل الفلسطينية كانت ولا زالت تشكّل الغطاء السياسي والأمني لمجتمعنا الفلسطيني".
أمّا نائب قائد قوات الامن الوطني في الشمال ابو عماد الوني، وهو أحد اركان اللجنة الامنية العليا، فأشار إلى أن اللجنة الامنية العليا تشكّلت منذ خمسة اشهر من كوادر أساسية للفصائل على مستوى المسؤول الاول، وكُلّفَت بمحاربة الآفات الموجودة في المخيمات في منطقة الشمال والتي تستهدف ضرب الامن المجتمعي فيها وذلك عبر رفع الغطاء عن أي مسيء او مُخِل من اي فصيل كان.
وأضاف موضحًا "كان هاجسنا الاول حماية المخيمات من دخول المطلوبين وأصحاب السوابق اليها بعد تنفيذ الجيش اللبناني لخطته الامنية في مدينة طرابلس. وكان التركيز على هذه الحالات من كل الاجهزة الامنية لكافة الفصائل وحتى الاهالي الذين شكّلوا مصدرًا مهمًا للمعلومات عن مثل هذه الحالات".
وتابع "منذُ شهرين وصلت الينا معلومات عن انتشار المخدرات وخاصة حبوب الـ"كابتغون" والحشيش والعملة المزوَّرة في المخيم، فقمنا بتقسيم عمل اللجنة الى ثلاثة مراحل الاولى خاصة بالتجار والثانية بالمروجين والثالثة بالمتعاطين، وبعد المتابعة الدؤوبة لمصادر العُملة المزوَّرة التي تم ترويج بعضها في المخيم توصّلنا الى مصدر هذه العُملة تمكّنا من تعقّب عصابة من خارج المخيم مؤلّفة من اربعة اشخاص لبنانيين يُقيمون في منزل نسيب لهم من ابناء المخيم ويقومون بالترويج للمخدرات والعملة المزوَّرة من بيته دون معرفته، وعند مداهمة البيت ضُبِطت كمية من الحبوب المخدِّرة والحشيش وأموال مزوَّرة، وبعد التحقيق مع هذه العصابة أقروا بأن المضبوطات تعود لهم، وتم تسليمهم مع المضبوطات للأجهزة الامنية اللبنانية المختصة، وتابعنا عملنا بشكل حثيث فتبيّن لنا ان هناك عصابة ثانية تقوم بإحضار الحشيش لمروِّجٍ من داخل مخيم البداوي، وهذه العصابة مؤلّفة من شخصين تم القاء القبض عليهما، وبعد التحقيق معهما اعترفا باسم الشخص الذي ارسلهما الى المخيم وتم استدراجه واعتقاله على اطراف مخيم البداوي وجميع افراد العصابة هم لبنانيون وقد تم تسليمهم ايضاً للأجهزة الامنية اللبنانية.
وبعد تسليمهم حضر وفد من اهالي المنطقة التي كان يسكن فيها تجار الحشيش وشكروا فصائل المقاومة الفلسطينية على اعتقالهم لهذه العصابة التي كانت تنشر الموت بين اولادهم وشبابهم".
لماذا المخيمات في الشمال؟!
يلفت الوني إلى أنه بعد تنفيذ الجيش اللبناني للخطة الامنية في الشمال تقلّصت قدرة هذه العصابات على التحرُّك في المدينة فاتجهوا نحو المخيمات وتحديداً مخيم البداوي ظانين بأنهم يستطيعون ايجاد البيئة الحاضنة والسوق لمخدراتهم بسبب الاكتظاظ السكاني وضيق رقعة المساحة، إلا انهم فُوجئوا بأنهم كانوا مرصودين من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية التي بادرت الى اعتقالهم وتسليمهم للجهات الامنية اللبنانية المختصة.
وأشار الوني إلى أنه بعد إلقاء القبض على هاتين العصابتين فرَّ تُجار المخدرات الذين كانوا يلجأون الى جوار المخيم لأنهم عرفوا بأنهم باتوا مرصودين من قِبَل الاجهزة الامنية الفلسطينية التي ما زالت تعمل من خلال اللجنة الامنية لحماية المجتمع الفلسطيني لإلقاء القبض على كل من تُسوِّل له نفسه العبث بشبابنا. والآن الجهد ينصب على علاج من تضرروا وباتوا مدمنين على هذه النوعية من المخدرات وذلك بالتعاون مع الاهالي واللجان الشعبية والهيئات الطبية كون استهداف شريحة الشباب ما بين 18-20 سنة يُعدُّ مؤشّرًا خطيرًا للغاية والهدف منه تدمير الشباب الفلسطيني لغايات عدة مشبوهة.
خطة شاملة لحماية المجتمع
من جهته أكّد عضو اللجنة الشعبية في مخيم البداوي ابو رامي خطار أن اللجنة الشعبية اخذت موضوع انتشار المخدرات بين الشباب في مخيم البداوي والترويج للحبوب والحشيش والعملة المزوَّرة بجدية فائقة  وعقدت اجتماعات طارئة وقررت ضرورة وضع خطة حماية شاملة للشباب والمجتمع المحلي ترتكز على:
- وضع دراسة حول اسباب تعاطي الشباب للمخدرات وإيجاد حلول لتلك الاسباب بعد تشكيل لجنة مختصة
- تشكيل لجنة اعلامية تعمل على توعية الشباب من جهة والاهالي من جهة اخرى، وذلك من خلال اصدارها للنشرات التوعوية وإقامة الندوات التي تركز على ابراز مضار المخدرات وتداعياتها
- توفير فرص عمل للشباب بما امكن لان أكثر شريحة مُستهدَفة هي الشباب العاطل عن العمل، وإشراكهم في البرامج الاجتماعية والثقافية لإبراز وتطوير فرص الابداع لديهم
وشدّد خطار على أن "الجهد الذي قامت به الفصائل الفلسطينية يعدُّ نقطة ارتكاز يجب البناء عليها لأنه لولا اجماع الفصائل ورفع الغطاء والمباشرة باتخاذ الاجراءات اللازمة لما استطاعت اللجنة الامنية القيام بعملها وتوقيف والقبض على التجار والمروجين للمخدرات في المخيم بدون اي تستر على اي مجرم".
ان تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب يُعدُّ آفة خطيرة ومقلقة لا تقع مسؤوليتها فقط على الأهل الذين يكونون اخر من يعلم، وإنما هي مسؤولية الجميع وكل من يغار على مستقبل شبابنا الفلسطيني وقضيتنا. لذلك لا بد من النظر نحو الشباب في الشارع وفي الجامعة وداخل المدارس ويجب ان نرى جيداً حقيقة ما يجري حولنا والمحافظة على اولادنا قبل فوات الاوان، تمامًا كما ينبغي لنا توحيد الجهود بشكل دائم لتفويت الفرصة على المتربصين شرًا بأمن مخيماتنا ومصير شبابنا.