خاص فلسطيننا/ تكشّفت معالم الخطة الإسرائيلية المبيّتة في العدوان الأخير الذي شّنته على غزة بعدما استعرضت مهاراتها في التأليف وسوق السيناريوهات لنسج ذريعة استباحت بها الضفة والقدس، ثمَّ وسعت دائرة عدوانها الى غزة مرتكِبة أبشع الجرائم الانسانية والأخلاقية في محاولة لتكريس الانقسام وتدجين الشعب الفلسطيني وجعله مطواعًا للقبول بأقل من الحد الأدنى من حقوقه. إلا أن هذا العدوان جُوبِه بصمود ملحمي للشعب الفلسطيني اقترن مع وحدة وطنية في ميدانَي السلاح والسياسة ومع نبض اشتعل في الضفة وأراضي الـ48. وللإطلاع على أبعاد هذا العدوان وما سيتأتى عنه في المرحلة المقبلة، وما رافقه من رد فعل في الأراضي الفلسطينية، والساحة الفلسطينية في لبنان ،كان لنا هذا الحوار مع أمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في لبنان الحاج فتحي أبو العردات.

كيف تقرؤون أبعاد ونتائج العدوان الإسرائيلي الذي استهدف غزة على المستوى الفلسطيني؟

بدايةً فإن هذا العدوان على فلسطين وغزة والضفة الغربية والقدس الذي تجاوز فيه العدو الاسرائيلي كل الحدود الأخلاقية والإنسانية والقانونية لا يزال مستمرًا، ولم يعد محط جدال أن أبعاده تتلخّص بتحقيق هدفين أساسيَّين، أولهما تأليب الجماهير الفلسطينية ضد الفصائل والقيادة الفلسطينية من خلال ايقاع الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين وخصوصًا الأطفال والنساء حيث تجاوز عدد الشهداء 2000 شهيد وبلغ عدد الجرحى أكثر من 10,000 جريح علاوة على حجم الدمار الذي لحق الأبنية والبنى التحتية، ولكنها لم تنجح في ذلك بل على العكس ازداد التلاحم بين الجماهير والقيادة والفصائل الفلسطينية. أمَّا القضية الثانية فهي ضرب المصالحة الوطنية والوحدة من خلال استغلال مواقف بعض الأشخاص من بعض الفصائل في محاولة لإظهار ان الشعب الفلسطيني منقسم بين طرف مقاوم وطرف مستسلم، ولكن الوحدة الوطنية ازدادت صلابة وتماسكًا ورسوخا وتجلَّت بوحدة ميدانية بين كل الفصائل، ما أثبت ان هذه المعركة ليست معركة فصيل وانما معركة الكل الفلسطيني، وهذا ما رسّخه سيادة الرئيس أبو مازن في كلمته من رام الله، وكذلك ما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف" إلى جانب النقاط التي تمسّكت بها القيادة الفلسطينية منذُ البداية وأكّدت أنها حقوق شرعية لا مطالب وعلى رأسها وقف العدوان، ورفع الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين، وفتح المعابر، وتفعيل المطار والميناء، وكان بيان القيادة الفلسطينية من القوة بحيث حدّد المطالب الفلسطينية بكل وضوح وشكّل الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية وفداً موحّداً يتبنى مطالب موحّدة برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الأخ عزام الأحمد وسقفه "م.ت.ف" وتكلّم بلسان واحد. بمعنى آخر فإن هذا العدوان ولّد وحدة تجلَّت في الميدان السياسي، كما في الميدان العسكري، وهي وحدة راسخة لن يزعزعها كل اجرام العدو والمواقف المتراخية لبعض الأشقاء العرب الذين كنا نأمل ان تكون مواقفهم أكثر جذرية وحزمًا لأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية لا بل هي القضية المركزية لكل الاحرار في العالم، والفلسطينيون عندما يضحّون بالأرواح والغالي في غزة والقدس والضفة فهم لا يدافعون فقط عن قضيتهم وإنما يدافعون عن شرف الأمة العربية وكرامتها لأن الخطر الصهيوني يتربّص بالأمة العربية ككل.

وبالنتيجة فنحن حققنا انجازًا بل وانتصارًا بصمود شعبنا أكثر من 40 يومًا حافظ خلالها على وحدته، ولا يزال يقاتل حتى اللحظة، ولا بد ان ننتصر باعتمادنا على قوة الحق الفلسطينية وعلى الوحدة الوطنية الفلسطينية والتفافنا حول قضيتنا وبعضنا البعض، وهنا أؤكد أهمية ما جاء في بيان اللجنة المركزية لـ"م.ت.ف" حول إبعاد القضية الفلسطينية عن التجاذبات العربية والدولية لأن منطقتنا تعيش صراع المحاور والتجاذبات الاقليمية والدولية التي تدفع المنطقة ثمنًا باهظًا جراءها من أجل رسم حدود جديدة لطوائف ودول متناحرة فيما بينها لتبرير قيام الدولة اليهودية التي تحدث عنها نتنياهو باستمرار والتي رفضها ويرفضها الفلسطينيون، ولذلك قلنا اننا نريد مبادرة واحدة برعاية مصرية، وذلك للمكانة التي تتمتع بها مصر إضافة إلى موقعا ودورها في المنطقة، ورفضنا أي مبادرات ورعايات اخرى كانت غير واضحة المعالم، للحيلولة دون تمكن إسرائيل من ان تنفذ من أي ثغرات لتواصِلَ عدوانها.

 

ماذا عن مرحلة ما بعد العدوان؟

اي معركة تقاس بالنتائج. صحيح ان نقطة دم طفل فلسطيني بالنسبة لنا تساوي العالم بما فيه لكن دائمًا وفي أي معركة يكون هناك ثمن يجب أن ندفعه خاصةً في معركة ضد الاحتلال لأن ثمن الحرية باهظ، وفي الوقت نفسه لا ننسى أن إسرائيل فقدت 1500 جندي بين قتيل وجريح معظمهم من ألوية النخبة وأصبحت تخشى دخول غزة، وهذه المعطيات وضعت إسرائيل وحكومة نتنياهو في مأزق ألّب "الكابينت" والشارع الإسرائيلي ضده وقالوها له "أنت فشلت!".

من جهة ثانية فالآن أصبح العالم كذلك يعي أن إسرائيل هي من أفشل ويفشل المفاوضات، وقد أعلن الأخ عزام الأحمد أن إسرائيل أفشلت المفاوضات ومارست المراوغات والمماطلة والتسويف والخداع وبالتالي أصبحت هي من يتحمَّل مسؤولية التصعيد، وأصبحت إسرائيل أمام المجتمع الدولي دولة منبوذة تمارس القتل والإجرام والبربرية ضد المدنيين، وقيمة هذا الامر انه يضع اسرائيل في دائرة الاتهام والمحاسبة. وقد كرّرَت إسرائيل نهجها هذا في المماطلة في مفاوضات القاهرة لذا لم تنجح الجهود المصرية في لجم الاحتلال وإلزامه بالمطالب المحقة لشعبنا.

وبالتالي فالمعركة اليوم معركة عض أصابع، وإن كان لدى إسرائيل السلاح فنحن لدينا قوة الحق الفلسطيني، ووحدة شعبنا في الاراضي الفلسطينية وفي مناطق الشتات وهذا اهم سلاح واستراتيجية في مواجهة الاحتلال، والدعم من قِبَل كل احرار العالم، وقد رأينا رد فعل الشارع العالمي الذي أُثيرَت مشاعره، فخرجت مظاهرات بالآلاف في معظم دول العالم وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية، بل إنَّ وزيرة دولة بريطانية قدّمت استقالتها رفضًا لموقف حكومتها المساند لإسرائيل، وفي أمريكا اللاتينية دول أعلنت إسرائيل دولة إرهابية وأخرى قطعت علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل، أو كانت قد قطعتها مسبقًا كفنزويلا مثلاً، وهنا اغتنمُ الفرصة لأتوجَّه بالشكر والعرفان لدول أمريكا اللاتينية باسم "م.ت.ف" وحركة "فتح" وعموم الفلسطينيين لأن موقفهم كان أفضل باشواط من موقف بعض الدول العربية علاوةً على فعاليات التضامن مع غزة التي ينظمونها في سفاراتهم ومنها في لبنان، ولهذا قررنا تكريم سفراء الدول اللاتينية في سفارة دولة فلسطين ببيروت.

وعلى الرغم من محاولات فتح حوارات جانبية ما بين اسرائيل وبعض الفصائل الفلسطينية بوساطات عربية ودولية إلا أننا، ومن موقعنا كحركة "فتح" بشكل خاص، عملنا مع المصريين لتوحيد الجهود، وقلنا انه اذا اراد احد تقديم الدعم للشعب الفلسطيني فيجب ان يكون الموقف الفلسطيني موحّدًا تتولاه القيادة الفلسطينية لأن هناك رئيسًا للشعب الفلسطيني وهناك قيادة لـ"م.ت.ف" وللفصائل الفلسطينية، وإذا استطاعت هذه الفصائل ان توحّد جهودها في المعركة فلماذا لا نقاتل في المعركة السياسية مجتمعين من خلال القيادة الفلسطينية الشرعية الموجودة. فالرئيس أبو مازن بذل جهًدا كبيرًا في هذا السياق من خلال زياراته التي قام بها إلى كل الدول العربية والاقليمية لأن المعركة السياسية لا تقل أهمية أو شراسة وصعوبة وتعقيداً عن المعركة الميدانية، ومن هنا تمَّ توحيد الجهد باتجاه اعطاء المبادرة المصرية الفرصة للنجاح. وقد اتفقت جميع الفصائل على هذا الموضوع، كما تمَّ الاتفاق على موضوع المحكمة الدولية حيثُ أيدت جميع الفصائل خيار ميثاق روما ومن هنا وقّع الرئيس عليه وباشرت القيادة بالفعل بالإجراءات القانونية وحاليًا تجري متابعة الموضوع من خلال القنوات الدولية.

 

كان حراك الضفة وأراضي الـ48 ورد فعلها على العدوان محط جدل بين عدة آراء بعضها ايد وبارك وآخر دعا لتصعيد أكبر، فكيف تقيّمون رد الفعل هذا؟

في المقام الأول ينبغي ألا ننسى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مهّد لعدوانه على قطاع غزة، بحرب شاملة على شعبنا في الضفة الغربية مستغلاً مسرحية المستوطنين التي بتنا نعرف تفاصيلها، فاستباح البيوت والمقامات الدينية، ومارس عمليات دهم وتفتيش وتكسير وإرهاب وتخويف، سقط خلالها اكثر من 20 شهيدًا واعتُقل اكثر من 700 فلسطيني من بينهم المفرَج عنهم في صفقة "شاليط".

ولا أحد يمكنه أن ينكر أن الضفة الغربية تغلي وقد نُفّذ فيها عدد من العمليات المحدودة، وحدثت فيها مواجهات واحتكاكات وخرجت الجماهير بتحركات حاشدة، والشهداء الذين سقطوا في الضفة والقدس سقطوا في معركة واحدة وانتصروا لإخوتهم في غزة، لذا فالضفة تشهد مقاومة متدرجة وشبه انتفاضة، وقد تعاطت القيادة والفصائل الفلسطينية مع هذا الأمر من باب الدفاع عن النفس وحق المقاومة وهو حق لكل شعب واقع تحت الاحتلال، وبتقديري فمن الممكن أن تُصعّد المقاومة في الضفة من حركة شعبية الى حركة تمارس الدور الكفاحي بطريقة اعلى وتيرة إذا ارتأت الفصائل الفلسطينية مجتمعةً ذلك لأن هذا ضمن مسؤوليتها خاصةً أن هذه الحرب لم تنتهِ وليس هناك سقف زمني واضح لها وهي اشبه بحرب الاستنزاف. وأي حراك ينظّم يجب أن يكون بشكل يضمن ألا تجر إسرائيل السلطة، كما في الانتفاضة الماضية، إلى مواجهة عسكرية تواتي ما يناسب اسرائيل لتكون الغلَبة لها. والقيادة الناجحة هي التي تختار الوسائل النضالية والكفاحية المناسبة في الضفة الغربية التي من شأنها أن تُدفِع اسرائيل ثمنًا للاحتلال الذي تمارسه فتدفع الثمن على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي عبر عملية نضالية متكاملة تتوافق عليها الفصائل بما يتلاءم مع المصلحة الفلسطينية، ومع خصوصية وضع الضفة وحساسيته ووضع القيادة الفلسطينية. فليس اسهل من ان نقول اننا سنخوض حربًا في الضفة ولكن هل ستكون نتائج هذا في مصلحتنا؟! هذا هو ما يجب ان نسأله. وصحيح أن كل فلسطيني ينبغي أن يؤدي واجبه في هذه المعركة ولكن الى اي درجة يسمح الواقع بذلك؟ لا سيما أن الأسلحة الموجودة في غزة ليست موجودة في الضفة.

وفي الوقت ذاته لا ننسى أن هناك اشكالاً متعددة للمقاومة. فالصمود مقاومة، والكفاح المسلّح مقاومة، والمظاهرة وضرب الحجر والاعتصام مقاومة، والعملية النضالية عملية تراكمية وتكاملية وينبغي ان نهيّئ لها الظروف المناسبة، دون أن نتخطى مراحلها المتدرجة، ومن هذا المنطلق يغدو جمع التبرعات وإعلان المواقف السياسية والمظاهرات في أراضي الـ48 نوعًا من التكامل الضروري لنجاح أي مقاومة.

والصراع مع العدو له عدة ساحات منها السياسي الذي لا يقل اهمية وشراسة وتعقيدًا عن المعركة العسكرية وكذلك معركة المفاوضات وهي معارك لا تقل أهمية وتعقيدًا عن المعركة الميدانية علمًا اننا دائمًا كنا نؤكّد ان الخيار السياسي لم ولن يُسقِط خيار المقاومة بكافة أشكالها، فالمفاوضات والأمم المتحدة والمحكمة الجنائية كلها ساحات صراع غاية في الاهمية والحساسية.

 

ما هو الدور التكاملي الذي أدته الساحة اللبنانية في العملية النضالية؟

كما كنت قد قلت فإن التحركات التضامنية نوع من التكامل وكذلك الامر بالنسبة لترتيب الوضع الفلسطيني، وتقديم صورة راقية تليق بالقضية الفلسطينية ومكانتها. وهذا التكامل لم يحدث لحظة العدوان، بل كان نتيجة جهود بذلناها منذ فترة لأننا كنا نشعر أن الآتي أصعب وأردنا ألا يشغلنا شيء عن دعم أهلنا في الوطن.

فنحن في لبنان كنا نعيش أوضاعًا معقّدة بوجود 18 فصيلاً فلسطينيًا وفصائل اسلامية لا يجمعها شيء سوى الاختلاف، مما أوجد ارباكًا لدى الدولة اللبنانية التي كانت تلجأ لمخاطبة كل فصيل على حدة بسبب غياب المرجعية الموحّدة. ومن هنا عملنا جميعًا بجهد لقلب هذه الصورة وتبنّت حركة "فتح" هذا المشروع، فشكّلنا اطارًا فلسطينيًا موحّدًا من الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية الموجودة على الارض، وقد اكتسبت هذه الوحدة أهميتها في ظل التقسيم والانهيار الذي كانت تشهده المنطقة، وفي الوقت ذاته كان الرئيس ابو مازن دائمًا ينبهنا للحيلولة دون تكرار تجربة نهر البارد والحرص على المخيمات. ومن هنا عملنا في اطار الوحدة لتحقيق 3 اهداف اساسية هي: حماية الوجود الفلسطيني وعدم تكرار تجربة نهر البارد؛ وتعزيز العلاقات الفلسطينية واللبنانية؛ وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقد قطعنا شوطًا كبيرًا في هذا الموضوع، وتمكّنا بفضل الوحدة الفلسطينية ان نتوحّد سياسيًا ونقدِّم انفسنا بشكل راقٍ ونؤكّد أننا لسنا عبئًا أو جزءًا من الفوضى كما كان يُقال، وكرّسنا معادلة أن الفلسطيني بوجوده ووحدته يشكل احد عوامل الامن والاستقرار في البلد، وهذا ما أكّده أشقاؤنا اللبنانيون في الأحزاب والقوى على اختلافها، وأكّده الرؤساء اللبنانيون الثلاثة ووزير الداخلية لسيادة الرئيس ابو مازن خلال زيارته للبنان حيثُ قالوا له ان الفلسطينيين منعوا الفتنة في صيدا، وبدوره الأمين العام لحزب الله سماحة السيّد حسن نصر الله شكرنا كفلسطينيين في خطابه إثر اشكال حدث بين شبان من مخيم برج البراجنة وضاحية بيروت الجنوبية ذهب ضحيته عدد من الشهداء من المخيم، وثمّن رصانة موقفنا، وغيرها العديد من المواقف التي حرصنا فيها، وما زلنا، على تطويق اي فتنة قد تحدث ومنعنا استخدام او استدراج او اقحام اي فئة منا في أي شأن داخلي لا يخصنا وأرسينا سياسة الحياد الايجابي تجاه الشؤون الداخلية للدول العربية ولكننا في الآن عينه أكّدنا انحيازنا للأمن والاستقرار وإلى الدولة والمقاومة في مواجهة اي اعتداء اسرائيلي على لبنان. وبهذا أثبتنا أن الفلسطينيين ليسوا كمًا مهمّشًا في خارطة الشتات، وانما هم مناضلون أدوا دورًا مهمًا في انطلاقة الثورة وتحمّلوا العبء الاكبر في مسيرة النضال الوطني منذ بداية الانطلاقة وحتى الان. وهم حملوا الراية والآن يتناوبون في حملها بين الداخل والخارج، وأصبحنا جسر محبة ومحطة تلاقٍ بين كل الاطراف اللبنانية بفعل علاقاتنا بجميع الفصائل اللبنانية والدولة اللبنانية ومصداقيتنا في التعاطي مع المواضيع واحترام كلمتنا.

 وتكلّلت هذه الوحدة بنشر القوة الأمنية المشكّلة من الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية كافةً في مخيم عين الحلوة الذي كان يشهد توتيرات واغتيالات، وتحت غطاء قانوني وشرعي لبناني، ولسيادة الرئيس أبو مازن الشكر الكبير لما وفّره من رعاية واحتضان للقوة وتأمين الامكانيات المطلوبة وكذلك الشكر لكل من ساهم من الفصائل الفلسطينية بتنفيذ هذه القوة، ومنذُ انتشارها لم تُسجَّل اشكاليات كبرى باستثناء حوادث فردية نادرة. والآن نحن نمثّل قوة موجودة سياسية ومعنوية يُحسَب حسابها، وهذا ضمن السياسة التي رسمها الرئيس ابو مازن وتبنَّيناها وترجمناها على الأرض. وما أريد قوله هو أن هذا التكريس للعنصر الفلسطيني كعامل من عوامل الامن والاستقرار والسلم الاهلي هو ما يفسح في المجال امامنا لدعم اهلنا في غزة والأراضي الفلسطينية لئلا يُقال لنا أن الأولوية تكمن في ضبط الأمن ثم الالتفات للدعم والدعوات للتضامن.

وحاليًا نحن ننظّم العديد من التحركات التضامنية ونقوم بعدد من حملات جمع التبرعات بالتنسيق مع دار الافتاء والفصائل والأحزاب اللبنانية والقوى الاسلامية وبالتعاون مع الهلال الأحمر، فالدعم يمكن أن يكون على أكثر من صعيد منها المالي والسياسي والإعلامي. وقد شاركنا في جلسة نواب تضامنًا مع غزة وأصدرنا بيانًا تضامنيًا، وكذلك الامر في جلسة وزارية، وجلسة في السراي الحكومي، ونظّمنا فعاليات شاركت فيها الاحزاب اللبنانية امام مقرات المنظمات الدولية، وهذا كله من اشكال التضامن المهيَّأة لنا بحسب الظروف وبهذا تتكامل الجهود في ايقاع الخسائر بحق العدو الإسرائيلي بأكثر من طريقة وعلى أكثر من مستوى.

 

هل من كلمة أخيرة للشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافةً؟

أعيد وأكرر أن الوحدة عامل اساسي من عوامل الصمود والانتصار وهي تمكننا من البقاء دائمًا في قلب الحدث والتعبير عن قضيتنا افضل تعبير لأن شعبنا يستحق ان يبقى مناضلاً في الطليعة والقضية تستحق منا ذلك. وايماننا كبير بأن أحلك فترات الليل ظلامًا هي التي تسبق بزوغ الفجر، لذا فنحن على يقين أن حلم الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين المشتتين أصبح قريبا جدًا من التحقيق، وسنناله طالما نحافظ على الوحدة كما هي متجلية الآن في الاراضي الفلسطينية والميادين كافةً.