كتب الفنان الإسباني من أصل فلسطيني مروان سلمان أبو طاحون "44 عامًا"، أغنية لأطفال فلسطين ثم قرر أن يهدي حقوق الأغنية من أجل جمع التبرعات لصالح اللجنة الإسبانية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي أكد أنها تسعى جاهدة لمساعدة الناس في أحلك الظروف وتحقيق الكرامة لحياة الفلسطينيين.

ونشأ والد مروان في خيام "الأونروا" في مخيم طولكرم للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، وبعد مرور أكثر من 70 عامًا، توفر خيام مشابهة المأوى لآلاف الأطفال النازحين من القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، قرر مروان المولود في العاصمة الإسبانية مدريد سنة 1976، كتابة أغنية لأولئك الأطفال لا تعد بأحلام سعيدة، ولكنها تعكس واقعهم المروع.

تقول كلمات الأغنية: "لقد تحملتُ هدير المدافع والنار في الحضانة، ومع ذلك فأنا أقف شامخًا، لقد تغلبت على الخوف الذي أصابني بالشلل تحت الأغطية، وشعرت أن الجميع يديرون ظهورهم، ومع ذلك أقف شامخًا.

وقال مروان في حوار مع موقع أخبار الأمم المتحدة :إن "الأونروا هي شريان الحياة الذي دعم والدي منذ ولادته، لقد وُلد في مخيم للاجئين والتحق بمدرسة تابعة للأونروا، حيث تلقى كل تعليمه حتى سن 18 عامً، وكانت المدرسة موجودة دائمًا من أجله، حيث وفرت له الغذاء والدعم والتعليم".

وأضاف: أن "الوكالة تواصل دعم الملايين من الفلسطينيين وجميع سكان غزة، وكان هذا أقل ما يمكنني فعله أتمنى أن أفعل المزيد، ولكن دون حل سياسي ليس هناك الكثير الذي يمكننا القيام به سوى حشد جهودنا وتقديم المساعدة".

انتقلت عائلة والد مروان إلى الأردن، لكن أباه اختار الدراسة في إسبانيا حيث التقى بشابة إسبانية واستقر هناك، اليوم صار الزوجان والدي مروان أبو طاحون ريسيو المعروف فنيا باسم مروان، أحد أشهر كُتاب الأغاني في إسبانيا.

وقال مروان: إن "اغنيته التي تحمل اسم "هدهدة عاجلة من أجل فلسطين" تخاطب الظلم الوحشي والحرمان من الحقوق والإهمال الذي يواجهه الفلسطينيون من المجتمع الدولي، ومع ذلك فهي تتكرر في كل بيت عبارة أنهم يتحملون".

وأضاف: أنه "على الرغم من الإهمال والتخلي والتفجيرات والفظائع التي تُرتكب ضد الأطفال والموت، أريد أن أسلط الضوء على صمود الفلسطينيين وقدرتهم على المثابرة حتى في الظروف القاسية".

واستشهد نحو 28 ألف مواطن وجرح نحو 67500، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، 70% منهم هم من الأطفال والنساء، ولا يزال آلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والإنقاذ إليهم، كما استشهد منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 387 مواطنًا من بينهم 96 طفلاً على الأقل، وأصيب نحو 4450 بينهم 670 طفلاً على الأقل، في الضفة الغربية.

وزار مروان الضفة الغربية عدة مرات، حيث لا يزال أقارب والده يقيمون هناك، كما أنه سجل إحدى أغانيه أمام مدرسة والده في طولكرم.

وردًا على سؤال حول الاتهامات الإسرائيلية الموجهة للأونروا، أعرب مروان عن حزنه العميق قائلاً: "إن وصف الأونروا بأنها إشكالية أو داعمة للإرهاب هو أمر غير مسبوق وغير منطقي على الإطلاق، فهي تسعى جاهدة فقط لمساعدة الناس في أحلك الظروف وتحقيق الكرامة لحياة الفلسطينيين، هذا كل ما يهمني".

وأضاف: أنه "يركّز على دعم الأونروا بغض النظر عن الانتقادات الموجهة إلي بسبب دعمي للأونروا، أو الانتقادات الموجهة ضد الأونروا نفسها، فإن ذلك لا يزعجني"، وحث مروان أي شخص يتردد في التبرع للأونروا على "إجراء بحث شامل عما يحدث في فلسطين".

وأثناء تقديم الأغنية في متحف رينا صوفيا في مدريد يوم الثلاثاء الماضي 6 شباط/فبراير، بحضور وزيرة الشباب والطفولة الإسبانية سيرا ريغو، وصف مروان تعليق تمويل الأونروا بأنه "مفجع".

وقال مروان: "هذا ليس خطأ فحسب، بل خدعة صارخة، ومن غير المفهوم أن تمتنع العديد من الدول الغربية، في خضم الإبادة الجماعية، عن إدانة الإبادة الجماعية، ما لم تكن لديها مصالح خاصة، وقطع المساعدات هو انعكاس آخر لمصالحها".

وعبَّر مروان عن الفزع من الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، قائلاً: إنه "بعد الحرب العالمية الثانية، تم إنشاء آليات قانونية دولية لمنع مثل تلك الفظائع، ومع ذلك يتحايل الناس على القوانين الدولية".

وأضاف: أن "الدول التي تتحدث أكثر عن الدفاع عن حقوق الإنسان هي التي تدعم هذا الأمر أكثر، لكنها الدول التي لديها أكبر قوة في الأمم المتحدة لأن لديها حق النقض".

وانتقد مروان بشدة التغطية الإعلامية للعدوان الإسرائيلي على شعبنا، وطالب الأفراد بالبحث عن المعلومات عبر تويتر، أو من خلال حسابات الصحفيين الفلسطينيين، أو على إنستغرام.

وأضاف: "نحن نسمح بحدوث إبادة جماعية في وقت الذروة، حيث تساعد الصحافة مرتكبيها من الصعب فهم ذلك".

وأعرب الفنان الإسباني من أصل فلسطيني عن اعتقاده بأن الحل والمستقبل السلمي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التدخل القضائي الدولي، إنها منارة الأمل الوحيدة في الوقت الحالي.