لأن المسافة بين العراق وفلسطين، بين بغداد والقدس، كانت معبدة دوماً بالشهداء، اختار القائمون على معرض العراق الدولي للكتاب في دورته الرابعة، "فلسطين" سيدة الأرض، لتكون سيدة المعرض وثيمه الأساسي.

ينطلق المعرض مساء اليوم الأربعاء، ويستمر حتى الرابع والعشرين من شهر شباط الجاري، بمشاركة أكثر من 350 دارًا للنشر عراقية وعربية وأجنبية، من 16 بلداً.

حملت تصاميم معرض العراق الدولي للكتاب كافة، شعار "صارت تسمى فلسطين" الموشح بالكوفية الفلسطينية، وزينت أبواب أجنحته بتصاميم تحمل الكوفية الفلسطينية، فيما تضمنت الفيديوهات الدعائية للمعرض أشعاراً وكتابات فلسطينية أو عن فلسطين.

وطغت كتابات غسان كنفاني، وإميل حبيبي، ومحمود درويش، وإبراهيم نصر الله، ومي زيادة، وإدوارد سعيد، وفدوى طوقان، وإبراهيم طوقان، على الدعاية الترويجية للمعرض، عبر اختيار اقتباسات من كتاباتهم وأشعارهم حول القضية الفلسطينية.

كما كان لشجرة الزيتون نصيب في المعرض من حيث التعريف بتاريخها في فلسطين وأهميتها في الأرض المقدسة وللفلاح الفلسطيني، كرمز وطني وتاريخي وديني.

وفي المعرض الفني "لوحة من بلادي" كانت الرموز الدينية والوطنية الفلسطينية حاضرة بقوة، فرسم المسجد الأقصى وقبة الصخرة في لوحات كبيرة معبرة ولافتة لنظر الزوار، وتصادف مرور سائحة من بولندا اسمها "أولاً"، إلى المعرض قبل افتتاحه، فاستضافتها اللجنة الإعلامية للمعرض التابعة لمؤسسة "المدى" للإعلام والثقافة والفنون، لتظهر في فيديو وهي تتحدث عن فلسطين والعدوان على غزة وأمنياتها بزيارة فلسطين والحديث عنها لأولادها.

لم تقف الفعاليات عند الدعايات الإعلامية، بل شملت أيضاً مسابقات حول معلومات تخص فلسطين، وجاء أحد الأسئلة حول أكبر تجمع سكني للفلسطينيين في بغداد، وكانت جائزة الفائز كتبًا بقيمة 100 ألف دينار عراقي.

وفي أحد الفيديوهات الدعائية للمعرض، عُزفت ألحان حزينة من عازف ناي في شارع المتنبي في بغداد، في إشارة إلى الأوضاع المأساوية التي تعيشها فلسطين منذ النكبة وحتى اليوم، وفي الفيديو ذاته، قال بائع قهوة متجول كان على مقربة من العزف: اللحن الفلسطيني يصنع قشعريرة في النفس والجسد، حين تسمع فلسطين يغلي دمك، نحن نعرف اللحن الفلسطيني الحزين بمجرد سماعه.

كما بثت فيديوهات من شارع المتنبي، وهو أشهر الشوارع على مستوى العالم تخصصاً في الكتب، فيديوهات لعراقيين وعراقيات يرتدون الكوفية الفلسطينية ويروون قصصها، وكيف تحولت إلى رمز فلسطيني يعرفه العالم ويتضامن مع فلسطين بارتدائها.

كما ضمت فعاليات شارع المتنبي التسويقية لمعرض الكتاب، زوايا للكتابة عن فلسطين، وشارك أطفال ونساء وكبار في السن في الكتابة عن فلسطين على ورق صغير حملت المساندة لفلسطين وشعبها.

وبثت "المدى" فيديوهات للاجئين ولاجئات هُجروا من فلسطين خلال النكبة إلى العراق، وتحدثوا عن فلسطين قبل النكبة وتفاصيل التهجير منها، وفيديو تعريفي بشارع فلسطين في بغداد، وأحاديث لعراقيين وعراقيات عن أهمية شارع باسم فلسطين في وجدانهم وارتباطاهم بفلسطين، وفيديو تعريفي بالزي الفلسطيني التقليدي، وجولة في مخيطة عراقية ببغداد تصنع الثوب الفلسطيني، وفيديو آخر عن صناعة الفخار وعلاقته بفلسطين.

وشملت الحملة الدعائية للمعرض أيضا، الحديث عن مقاطعة منتجات أجنبية داعمة للاحتلال، وشروحات حول الأكلات الشعبية والتراثية الفلسطينية، خاصة "المسخن" وكيفية إعداده، إضافة إلى السماقية والمفتول والجريشة والمقلوبة، في تعريف بالمطبخ الفلسطيني التقليدي.

"حنظلة" لم يغب عن المعرض، بكلماته الجارحة والواقعية، ورسومات ناجي العلي المعبرة عن الواقع والحال الفلسطيني.

وأطلق المعرض بالتزامن مع فعالياته، برنامجا مصوراً على شكل حلقات فيديو قصيرة تحت اسم "فرد حكاية"، الذي يحكي عن العلاقات العراقية الفلسطينية، ودور العراق الداعم والمناصر للقضية الفلسطينية منذ عشرينيات القرن الماضي، ودوره في الثورات الفلسطينية منذ زمن الانتداب البريطاني، مرورا بمشاركة الجيش العراقي في معارك نكبة 1948 والشهداء العراقيين الذين ارتقوا دفاعاً عن أرض فلسطين.

وقال منظمو المعرض، الذي يقام بالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب، وبالتنسيق مع جمعية الناشرين والكتبيين في العراق، إنه سيتم تخصيص جلسات حوارية ونقدية عن (فلسـطين)، طوال أيام المعرض، يشارك فيها مثقفون ومختصون، كما ستكون رموز التراث الفلسـطيني حاضرة في أرجاء المعرض.

ويتضمن برنامج المعرض جلسات فكرية وثقافية عديدة يساهم فيها مثقفون وكتاب من العراق والبلدان العربية الأخرى، وجلسات شعرية، وحفلات توقيع كتب جديدة، وحفلات فنية متنوعة، إضافة إلى ندوات تتناول الحراك السياسي في العراق، وأبرز المستجدات في الوضع السياسي.