ثلاثة وعشرون شهيدا فلسطينيا وأكثر من سبعين جريحا بنيران جيش منظومة تل أبيب الاحتلالية العنصرية، وحال ما يسمى (محور المقاومة) لا أرى، لا أسمع لا أتكلم إلا جعجعة!. بعد ست وثلاثين ساعة على ابتداء العدوان الاسرائيلي على شعبنا وأهلنا في قطاع غزة وحتى ساعة كتابة هذه السطور (يجاهد) مشايخ حماس للحصول على تهدئة تعفيهم من الإجابة على أسئلة كبرى تتطور بسرعة هائلة في صفوف قيادات حماس المتوسطة والدنيا وجمهورها مضمونها: أين حركة المقاومة الاسلامية حماس التي تزعم تبوؤها مركز في محور المقاومة في قطاع غزة، واين الصواريخ الدقيقة، وأين مبدأ ودعاية (سلاح المقاومة لحماية الشعب الفلسطيني من العدوان الاسرائيلي)؟!!!!

حماس ملتزمة بالوفاء لتعهدات نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري الذي قال: "إن حماس تقف في الخندق الأول للدفاع عن ايران"، أما حركة الجهاد الاسلامي فإنها تعلمت درسا نعتقد أن الشهيد بهاء أبو العطا كان يدركه قبل أن يدفع روحه ثمنا لإظهار باطن تفكير وسياسات أمراء الحرب في حماس وكشفها على حقيقتها للجماهير الفلسطينية، فالرجل كما كتب عنه خلال الساعات الماضية بدا وكأنه في موضع الضد لعقلية قادة حماس القمعية، المتاجرة بدماء البسطاء من أبناء الشعب الفلسطيني عبر التفاهمات والاتفاقات الالتفافية مع اجهزة امن سلطات منظومة الاحتلال، لمساعدتهم في ترتيب الأوضاع لصالحهم وإدامة سيطرتهم على قطاع غزة.

يحاول أمراء حماس إعطاء انطباع لدولة الاحتلال وادارة ترامب عن قدراتهم بأن يكونوا سلطة ضبط للأوضاع في قطاع غزة، وأنهم يتصرفون باعتبار أن حركة الجهاد تخرج عن ارادتهم كسلطة حاكمة للقطاع، وفي التفسير الذي يحمل نوايا سيئة اعتبر صمت حماس علامة على (تعقل بمعيار نتنياهو) الذي يحتاجه بشدة في هذه اللحظات لتبيان صواب نهجه في التعامل مع الانقلابيين في قطاع غزة، ولإقناع اقوى معارضيه وأشدهم خصومة معه افيغدور ليبرمان بالذات بأن سياسته مع امراء حماس لم تذهب هدراً والبرهان وقوفها في جادة الصمت وسعيهم الحثيث لجلب تهدئة عبر دول المنطقة.

ضربة منظومة الاحتلال الاسرائيلي المزدوجة في دمشق وغزة تندرج ضمن استراتيجية الردع التي تتبعها هذه المنظومة، ضربة نراها موجهة لنفوذ طهران مباشرة، خاصة بعد التصريحات غير المحسوبة التي صدرت عن قيادات من حركة الجهاد حول دور ايران الكبير في دعم الحركة وتطوير أسلحتها عن الصواريخ الايرانية الدقيقة، حتى إن احدهم قال إن: "حركة الجهاد باتت لاعبا اقليميا يؤخذ بعين الاعتبار ويحسب له حساب"، والمؤلم أن هذه التصريحات اللا مسؤولة بالاضافة الى تصريحات قادة من الجهاد حول الاستعداد لدخول معركة في فلسطين (كرمال عيون أسياد طهران) كانت عناصر ضعف اضافية اسقطوها على القضية الفلسطينية، وعراقيل جديدة تراها الدول التي تود رؤية سلطة وطنية واحدة وقيادة فلسطينية واحدة، ونظاما سياسيا فلسطينيا واحدا، وبرنامجا سياسيا فلسطينيا واحدا ايضا، وارض دولة فلسطينية واحدة يمكن تطبيق قانون واحد عليها.

ترتقي أرواح قادة ومقاتلين مخلصين وأبرياء من شعبنا ضحايا أخطاء وسياسات عقيمة لقادة نفترض تعلمهم من أخطاء من سبقوهم، وهنا نؤكد على ضرورة اعتبار المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وإدراك مكامنها ومفاصلها، والكف عن تغليب مصلحة التنظيم أو الجماعة على الوطن، أو الارتهان لإرادة وقرار قوى اقليمية، فأي قدرات بشرية ومادية يملكها الشعب الفلسطيني تحت عنوان الفصائل والحركات والتنظيمات ستبقى عبئا ثقيلا على قضيته العادلة، ما لم تكن في اطار وحدة وطنية، وسلطة وطنية، وقرار وطني.

قادة الجهاد الاسلامي الجدد تسرعوا في الهجوم على القيادة الفلسطينية وكيل الاتهامات، وذهبوا إلى حد منح انقلاب حماس الشرعية، لكنا بعد هذا الدرس البليغ نأمل أن الرسالة من صمت حماس وتعقلها بمعيار نتنياهو قد وصلتهم وقرأوها بلغة فلسطينية وطنية خالصة، ونأمل بلوغهم الايمان بأن تحالفهم الحقيقي يجب أن يكون مع الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير وانصهارهم في مؤسساتها، وهو التحالف والمحور الوحيد القادر على صنع انجازات وانتصارات للشعب الفلسطيني.