تقرير: عُلا موقدي

بعد العام 1948 سكن واد قانا على بعد 2 كيلو متر من دير استيا غرب سلفيت، ما يقارب 400 نسمة، جاءوا من مناطق فلسطينية متفرقة، إثر النكبة والتهجير الذي طال فلسطين، مثل عائلة ابو لبدة، وعائلة أبو ملوح، نقلوا معهم ثقافة زراعة الحمضيات، نظرا لوجود الينابيع ووفرة المياه.

كان هناك شجرة ليمون (أول شجرة حمضيات زرعت في الواد) عام 1952 من مدينة يافا، والتي أصبحت فيما بعد مكاناً يجتمع تحته الأفراد كالمضافة.

يوجد في الوادي 7 ينابيع ماء، مثل: عين الحية (المعقودة)، وعين المعاصر، وعين الجوزة، وعين الفوار، وعين البصة، وعين التنور، وعين ابو شحادة.

المزارع ورئيس لجنة مزارعي واد قانا سابقا بلال منصور ذكر، أن مساحة أراضي الواد تبلغ حوالي 7000 دونم، كان يزرع بالحمضيات والخضروات التي تعتمد على المياه بشكل كبير كالملوخية، والخيار، والزهرة، والملفوف، وأشجار البرتقال، والليمون، كما زرعت فيه المحاصيل الحقلية بآلاف الدونمات مثل: البيكا، والقمح، والشعير، حيث كانت "درّاسة القمح" تدخل الواد ولا تخرج منه إلا بعد شهرين متتاليين.

ويضيف، حاليا لا يزرع في الواد محصول القمح بتاتاً، ويعزى ذلك إلى قلة المياه الموجودة في الواد بعد أن جفت بعض الينابيع تماما، مثل: عين الحية، وعين أبو شحادة، بعد أن حفرت سلطات الاحتلال 8 آبار مياه ارتوازية عميقة بالقرب من المنطقة، وسرقت المياه، إضافة إلى المضايقات التي يتعرض لها المزارع الفلسطيني من قبل المستوطنين، والخنازير البرية التي تخرب هذه المحاصيل.

ويبين، في الوقت الحالي هناك 120 دونما مزروعة بالحمضيات، منها: 6 أصناف من البرتقال، وأشجار الليمون والمندلينا، تعود ملكيتها لـ7 عائلات، كما أن عين البصة وحدها تسقي 75 دونما.

وينوه منصور الى أنه بعد العام 2000 اتجه المزارع الى زراعة أشجار الزيتون بسبب شح المياه في المكان، وزرع فيها ما يزيد عن 2000 شجرة زيتون، ما بين العام 1985-1990 كانت تأتيه المياه كل 5 أيام مرة، حاليا يصله ضخ المياه كل 11 يوما.

في العام 1983 أدرجت سلطات الاحتلال واد قانا إلى محمية طبيعية اسرائيلية، وفرضت قيودا خانقة على المزارع الفلسطيني، بالمقابل خففتها على المستوطنين، حيث منعته من تسييج أرضه، أو فلاحتها، وزراعتها بأشجار جديدة، وهدمت السلاسل الحجرية، فيما سمح للمستوطنات المقامة على تلال الواد بتلويث الوادي بمجاريها.

وفي تقرير صدر عن "بيتسيلم": في عام 2010 جرف مراقبو سلطة المحميّات الطبيعيّة وأتلفوا قنوات الريّ التي حفرها السكان من أجل حرف مسار المياه من الوادي إلى أراضيهم، وبدءا من العام 2011 يمنعون المزارعين من غرس الأشجار في أراضيهم في الواد، عبر الاستيلاء على الأشتال وقلع الأشجار، وقد اُقتلع ما يزيد عن 1000 شجرة، وصدرت أوامر اقتلاع ضدّ آلاف أخرى.

مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية سلفيت أشرف زهد يشير إلى أنه "منذ 1967 عندما بدأ تطبيق القوانين العسكرية في الضفة والقطاع حولت المحميات الطبيعية الى مستوطنات والى مناطق عسكرية، وكان الهدف الأول هو السيطرة على الارض، إما لبناء المستوطنات، او جدار الفاصل، او للطرق الالتفافية، والهدف الاستراتيجي بالنسبة لهم كان السيطرة على مصادر المياه".

وبين، الحوض الغربي هو أكبر الأحواض الموجودة في فلسطين التاريخية يستهلك منه الاحتلال حوالي 500 مليون متر مكعب، أي 35% من احتياطي دولة الاحتلال يتم من خلال هذا الحوض، فكميات الضخ الهائلة التي يقوم بها الاحتلال من خلال 500 بئر ارتوازية حفرت على طول أراضي عام 1948 تستهلك معظم المياه الجوفية في المنطقة، وتحولها الى الشركة الإسرائيلية القطرية "ميكروت"، وتبعيها للفلسطينيين بأسعار غالية جدا، فمنذ العام 1967 لم تحفر بئر ارتوازية واحدة في محافظة سلفيت.

وقال: اذا عدنا إلى أربعين عاما إلى الوزراء، كانت محافظة سلفيت مليئة بالينابيع وبعد عشرة سنوات بدأت تجف، الأمر الذي انعكس على المزارع بشكل مباشر سواء في واد قانا، وواد المطوي، وعين الفوارة في كفر الديك، وجنائن ياسوف، وأصبحنا نعد المزارعين على أصابع اليد، فالمتر المكعب الذي يباع للفلسطيني يصل إلى 5 شواقل بالسعر التراكمي، حيث أصبح المزارع يفكر مائة مرة قبل أن يزرع أرضه، بينما إذا أعطيت هذه المياه له بشكل مجاني وهي حقه الطبيعي فيقوم بالزراعة بكل أريحية.

وفي بيان مشترك لجهاز الإحصاء وسلطة المياه، بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني من المياه في فلسطين خلال عام 2016 حوالي 83 لترا /يوم، ويتراوح هذا المعدل بين 82.3 لتر/ يوم في الضفة الغربية, و84 لتر/يوم في قطاع غزة.

علما بأن ما يزيد عن 97% من مياه قطاع غزة لا تنطبق عليها معايير منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، وهي من حيث الكمية أقل من الحد الأدنى الذي توصي به المنظمة ذاتها وهو (100 لتر/فرد/يوم) كحد أدنى.