تقرير: يامن نوباني

يتناسى كل من يخطط ويتآمر على فلسطين، يقيم ويدعو إلى ورشات، وصفقات، واستثمارات للنهوض (كما يزعمون) بواقع اقتصادي مزدهر للفلسطينيين، أن معدلات البطالة، والفقر، واليأس من الواقع والحال الاقتصادي المتردي والبنية التحتية المهمشة، وضعف التصدير والاستفادة من خيرات الأراضي والانتاج الزراعي والمهن المختلفة، سببه الأول والوحيد وجود الاحتلال الاسرائيلي، والعراقيل التي يضعها أمام أي محاولة فلسطينية (فردية أو جماعية) لتحقيق اكتفاء ذاتي.

ففلسطين، غنية بمواردها الطبيعية، ومياهها، وخصوبة أراضيها ومساحاتها الزراعية الشاسعة، وعقول أبنائها ومقدرتهم على بناء دولة مستقلة مكتفية ذاتيا، وقادرة حتى على التبرع ومساعدة الدول المحتاجة، لو زال الاحتلال والاستيطان عن كاهلها، وعادت الأرض لحراثيها الأصليين.

المحلل الاقتصادي هيثم دراغمة، قال: المشكلة ليست اقتصادية، بل في عدم منحنا حرية التصرف بمواردنا الطبيعية وأرضنا، وطالما لا توجد لدينا معابر وموانئ وحدود واضحة، ولنا كامل الحرية بالتصرف بمواردنا، يبقى اقتصادنا يعاني وتابع، رغم أنه لدينا من المقدرات في الأراضي الفلسطينية ما يكفي لبناء اقتصاد قوي ومنافس، ودولة لديها المقدرة على دعم الدول الأخرى المحتاجة.

وبين دراغمة: قبل وجود الاحتلال وحين كانت لدينا الحرية المطلقة، أنا أتحدث عن سنوات طويلة مضت، كانت فلسطين تقدم المساعدات لكل الدول العربية رغم انه لا يوجد لدينا نفط، نحن لدينا ما يوازي ذلك واكثر، وهو أن الاراضي الفلسطينية تتميز بتعدد المناخات من حيث امكانية الاستثمار في الجانب الزراعي بطريقة تفوق أي دولة في العالم وتغني مواردنا المالية أو تكون اهم الموارد المالية، هذا من ناحية اخرى، من ناحية اخرى لدينا الأماكن المقدسة التي من خلالها يمكن الاستثمار في الجانب السياحي الديني وتكون واجهة لكل دول العالم، حيث إنه لدينا مقدسات لكل الرسالات السماوية.

وقال خبير القانون الدولي حنا عيسى، إن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية بلغت 503 مستوطنات (474 مستوطنة في الضفة الغربية، و29 مستوطنة في القدس المحتلة).

وأوضح في بيان صحفي، أن عدد المستوطنين في هذه المستوطنات يزيد عن مليون مستوطن، مشيرا إلى أن "حركة السلام" في إسرائيل تقول إن التوسع في مستوطنات الضفة الغربية يجري بمعدل أعلى من معدل نمو السكان في إسرائيل".

وأضاف: "بناء الجدار العازل الذي تبلغ مساحته 725 كم ويمتد من غور الأردن شمالا حتى جبال الخليل جنوبا، ويمر بعمق 140 كم في مستوطنات الضفة الغربية، يبتلع نحو 20% من مساحة الضفة الغربية البالغة بالأصل 5844 كم2، وان الطرق الالتفافية التي ضمتها إسرائيل في هذه المناطق تبلغ 800 كم2".

وأظهرت معطيات تقرير دولي صادر عن "شبكة السياسات الفلسطينية"، أن المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، تخنق الاقتصاد الفلسطيني، وتحرمه من أهم الموارد المحفزة للاقتصاد المحلي، وتكبده خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر بنحو 7 مليارات دولار أميركي سنويا.

وبيّن التقرير غير الحكومي، أن مئات آلاف المستوطنين يعيشون في 43 في المئة من مساحة الضفة الغربية، ويستنزفون غالبية الثروات الطبيعية، ويكبدون الاقتصاد الفلسطيني خسائر تتجاوز 3 مليارات دولار.

وأشار التقرير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، رفع نسب البطالة والفقر للشباب والعائلات الفلسطينية، وأعاق حركة الأفراد والبضائع، وقلص من نسب النمو الاقتصادي، وتراجع المناخ الاستثماري.

وكان تقرير صادر عن البنك الدولي، العام الماضي، قدّر خسارة الاقتصاد الفلسطيني سنوياً، نتيجة عدم استغلاله للمناطق المسماة (ج)، التي تحتلها "إسرائيل"، بنحو 3.4 مليار دولار أميركي.

والمناطق المسماة (ج)، هي مناطق ومساحات في الضفة الغربية ترزح تحت الاحتلال الذي يمنع الفلسطينيين من استغلال ثرواتها الطبيعية، وتشكل مساحتها 61 في المئة من الضفة الغربية، وفق أرقام رسمية صادرة عن الحكومة الفلسطينية.

وارتفعت نسب البطالة في الأراضي الفلسطينية إلى 27.4 في المئة، حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، بحسب الإحصاء الفلسطيني (حكومي)، بينما بلغت نسبة الفقر 25 في المئة في الضفة الغربية، و80 في المئة في قطاع غزة.

وأوضح تقرير "الشبكة"، أن من بين الخسائر، التوسع الاستيطاني، وسرقة المياه والأراضي، الذي قلص من حصة الزراعة الفلسطينية من الناتج المحلي، من 13.3 في المئة، العام 1994، إلى 4 في المئة خلال العام الماضي، في الضفة الغربية.

وتطرق التقرير إلى الموارد، التي وصفها بـ"الهائلة"، في منطقة الأغوار والبحر الميت، شرقي الضفة الغربية، وهي مناطق تحت الاحتلال الإسرائيلي.

ووفق التقرير فإن القيود الإسرائيلية التي تحول دون الاستفادة من موارد البحر الميت، وإقامة صناعات مواد التجميل وصناعات قائمة على التعدين (المغنيزوم والبوتاس والبرومين)، "تفقد الخزينة الفلسطينية سنويا 918 مليون دولار أميركي"، وهو رقم أكده تقرير سابق عن البنك الدولي.

وتبلغ خسارة الاقتصاد الفلسطيني من عدم مقدرتهم على استخراج الحجارة والحصى من المناطق المسماة (ج)، بنحو 575 مليون دولار أميركي سنويا.

و"طالت السيطرة الإسرائيلية المجال الكهرومغناطيسي، الفلسطيني، بفعل وجود المستوطنات، ما يتسبب بخسائر لمشغلي الاتصالات الفلسطينيين تتراوح بين 80-100 مليون دولار سنويا"، بحسب تعبير الشبكة.