تقرير: زهران معالي

تشير إحصاءات الأمم المتحدة للبيئة أن 80% من مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء العالم وفي أكثر من 95% من البلدان النامية يتم إلقائها مباشرة في المسطحات المائية دون علاج كامل، ما يؤدي إلى آثار خطيرة على النظم الإيكولوجية والصحة البشرية.

وليست مياه الصرف الصحي الخطر الوحيد الذي يواجه المسطحات المائية، بل تسرب النفط الذي ينقل غالبيته عبر المسطحات المائية يشكل خطرا آخر، فوفق ما تشير تقارير عالمية فإن ما يقارب خمسة ملايين طن من النفط الخام سنويا تمر عبر البحر المتوسط إلى جميع أنحاء العالم.

وعلى مدى السنوات الماضية دأب الباحثون على إيجاد الحلول لمواجهة مشاكل تلوث المياه بفعل التطور الصناعي والاستخدام المتزايد للنفط.

البرفسور الفلسطيني نشأت نصار، من قرية مادما جنوب نابلس، الأستاذ المشارك في جامعة "كالجاري" في قسم الهندسة الكيميائية والبترولية، كان أحد هؤلاء الباحثين الذي تمكن مؤخرا من اختراع تطبيق باستخدام تكنولوجيا النانو ستمكن العالم من التغلب على مشكلة تلوث المياه.

ويشير نصار إلى أن إنتاج وتطوير التطبيق استمر على مدار أكثر من خمس سنوات في مختبرات نشأت نصار في جامعة "كالجاري" الكندية، وتتعلق باستخدام تكنولوجيا النانو "nanotechnology" في تنظيف وتنقية المياه الملوثة، كالناتجة من المخلفات الصناعية المتعلقة باستخراج وتنقية البترول والغاز، وكذلك في تنقية المياه الناتجة من مخلفات الأدوية والصناعات المحلية كالأنسجة والدباغة.

ويعتمد التطبيق وفق نصار، على مصدر التلوث والبلد التي يكون فيها، كون لكل بلد معاييرها ومتطلباتها البيئية، مشيرا إلى أن التطبيق استخدم في تنقية المياه العادمة من الصناعة المحلية في المكسيك مع شركة "Toyota"، وكذلك جرى استخدامه في تنظيف المياه من التسرب النفطي في كولومبيا.

ويوضح نصار أن العمل يجري حاليا على تطبيق هذه التكنولوجيا في كندا لتنقية المياه الناتجة عن استخراج البترول.

ووفق مقال صدر مؤخرا بعنوان "في اليوم العالمي للمياه.. لا أمن مائيا عربيا ولا مياه آمنة فلسطينيا" لرئيس سلطة المياه السابق شداد العتيلي، فإن العالم يستهلك قرابة 3600 كم مكعب سنويا من المياه؛ ثلثاها يذهبان للزراعة، والثلث المتبقي موزع ما بين الصناعة أولا بواقع 20% والغايات المنزلية التي تنال الـ10% المتبقية.

ويشير المقال إلى أن ثلثي العالم تقريبا يشربون مياها لا تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية للشرب، وأكثر من نصف العالم (4.5 مليار نسمة) محرومون من أنظمة الصرف الصحي لمعالجة المياه، ونصف العالم (3.5 مليارات نسمة) يعانون من نقص المياه.

وتتمتع التقنية الجديدة بإمكانية استخدامها حسب طبيعة التلوث، حيث يمكن تكييف هذه التكنولوجيا لتتلاءم مع كيمياء المياه العادمة.

وقدم نصار مساهمات كبيرة في العديد من مجالات البحث العلمي، والتطبيق الصناعي، بما في ذلك تركيب الجزيئات النانوية وتطبيقاتها في تحسين ورفع مستوى استخراج النفط، وتحويل وتطوير نفايات المواد الهيدروكربونية الصلبة إلى مواد صالحة للبيئة، ومعالجة مياه الصرف الصناعية، وتكييف ومعالجة الغاز الطبيعي، وتحويل الغاز الطبيعي إلى سائل ليسهل عملية نقله.

ويشير نصار، وهو باحث وأكاديمي دولي معروف في مجال تكنولوجيا (النانو) لتطبيقات الطاقة والبيئة، أن الهدف الرئيس من التطبيق كان تحسين نوعية النفط، وتقليل الانبعاثات الغازية، وإمكانية إعادة تدوير المياه الصناعية باستخدام تقنيات مبتكرة.

ويعمل نصار على استخدام تكنولوجيا النانو في تنقية المياه الصناعية في فلسطين، حيث تم استخدام هذه التكنولوجيا في تنقية مياه مخلفات معاصر الزيتون والمدابغ والمصابغ ومناشير الحجر، ويسعى لتطبيقها في جميع أنحاء العالم ولكل أنواع المياه الملوثة، مشيرا إلى أن الفريق يعمل حاليا على إنتاج مواد صديقة للبيئة وقليلة التكلفة حتى تكون هذه التكنولوجيا متناولة ومتداولة بين الجميع.

وقدم التطبيق وفق نصار للحصول على براءتي اختراع في استخدام تلك التكنولوجيا في تنظيف المياه الناتجة من الصناعة.

وكان نصار حصل على درجة الدكتوراه عام 2008، بمجال الهندسة الكيميائية والبترولية في جامعة (كالجاري - ألبرتا / كندا)، وعلى درجة الماجستير في التخصص نفسه من جامعة "ماكجيل- مونتريال- كيبيك/ كندا عام 2003، فيما حصل على درجة البكالوريوس من جامعة النجاح الوطنية في قسم الهندسة الكيميائية عام 2000.