الواقع بمحاذات كسارة "سلعيت" الإسرائيلية المقامة على أراضي المواطنين شمال القدس على يسار الطريق الواصل بين الخان الأحمر وبلدة عناتا، واقع الحياة في باقي التجمعات البدوية في شرق القدس المحتلة التي تعيش ظروفا صعبة ويتهدد سكانها الترحيل.

يعيش في التجمع 600 مواطن من عائلة عراعرة المنحدرة من بئر السبع ظروفًا حياتية صعبة، صحيًّا وبيئيًّا واقتصاديًّا، يضاف إليها تهديد الاحتلال لوجودهم.

تقول سارة عراعرة إنَّ أكثر من 60 طفلاً يعيشون في التجمع في ظروف صحيّة صعبة، وتزداد المعاناة لعدم وجود عيادة قريبة، ما يضطرهم للذهاب إلى العيزرية أو أريحا في بعض الحالات للحصول على العلاج.

وتضيف: تأتي كل يوم أحد عيادة متنقلة ما يخفف من المشكلة، ولكن هذا لا يكفي، خاصة في ظل انتشار الفيروسات والإصابات المتكررة للأطفال بالأمراض، ووجود حالات طارئة في بعض الأحيان.

وقالت عراعرة: "هناك نقص في الكهرباء، والماء لا يصل بعض المنازل المرتفعة وهذا يؤثر على حياة العائلات يوميًا، ناهيك عن الغبار المنبعث من كسارة "سلعيت" الإسرائيلية ومضايقات الاحتلال للسكان.

مختار التجمع ضيف الله عراعرة قال: "إنَّ الاحتلال ومضايقاته تشكل المشكلة الكبرى للمواطنين في عدم منحهم التراخيص للبناء، ويمنع توفير الخدمات الأساسية لهم، لأنه يسعى لتهجيرهم من المنطقة، بينما تتزايد أعداد المستوطنات والمستوطنين حولهم، ولم يسمح لهم إلّا بالحصول على منازل متنقلة وهي عرضة في أي وقت للإزالة.

وأضاف: "إنَّ نقص الكهرباء من أهم احتياجات المواطنين اليومية، فقد تم حل جزء من هذه المشكلة عام 2013 من خلال مشروع لتركيب خلايا طاقة شمسية، ولكنه غطى قرابة نصف الاحتياج من الكهرباء ويتم استخدام الخلايا بشكل مشترك بين عائلتين، إضافة إلى حاجة هذه الخلايا للصيانة وهذا مكلف.

أما بخصوص المياه فأوضح المختار عراعرة أن التجمع يتزود بالمياه عبر خرطوم مياه من الخط الرئيسي لشركة ميكروت الإسرائيلية، وتدفع الحكومة تكلفة المياه، إلا أنها لا تصل لبعض المنازل المرتفعة، ما يشكل مشكلة حقيقية لهم.

يعتمد سكان التجمعات البدوية في منطقة شرق القدس على تربية المواشي كمصدر رئيسي للدخل، إلا أنَّ مربي الماشية أصبح يتهددهم خطر الخسارة لانحسار المراعي والاستعاضة عنها بأعلاف مرتفعة الثمن.

وأوضح عراعرة: يمتلك سكان التجمع قرابة 3000 رأس ماشية، يعتمدون عليها بشكل رئيسي في معيشتهم، إلّا أنَّ ذلك أصبح غير مجد بسبب قلة المراعي والاعتماد على الأعلاف التي يكلف الطن الواحد منها 110 شيقل تقريبًا، يضاف إلى ذلك اعتداءات وتضييقات الاحتلال والمستوطنين على رعاة المواشي، ويقول "إنَّ المستوطنين سمموا عددًا منها قبل فترة".

المنطقة تشهد أيضًا عملية استنزاف للموار الطبيعية الفلسطينية من خلال كسارة سلعيت، التي تنهش الجرافات الجبال المحيطة بها.

وحسب تقارير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإنَّ الكسارات الإسرائيلية في الضفة تستنزف حوالي 17 مليون طن حجر سنويًا، وهذا يعتبر موردًا طبيعيًا واقتصاديًّا مهما بالنسبة للفلسطينيين، ويستخدم في بناء المستوطنات وإدخال جزء آخر لإسرائيل.

وحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإنَّه يوجد في المنطقة الواقعة بين عناتا والخان الأحمر تجمعين بدويين هما النخالة والكسارة، ويقع في محيطهما عدة مستوطنات وهي: "علمون" وعدد سكانها 1329 مستوطنًا، "كفار ادوميم"، و"نفي براك"، و"الون"، وعدد سكانها 4271 مستوطنًا، ومستوطنة حديثه اطلق عليها اسم "تل" وعدد سكانها غير معلوم حتى الآن، وبدأ إنشاؤها في عام 2015.

ويوجد شرق القدس 21 تجمعًا بدويًا، تسعى سلطات الاحتلال لتهجير سكانها وإسكانهم في تجمعات بديلة إحداها في منطقة الجبل بالعيزرية، حيث يقع جزء كبير من هذه التجمعات ضمن المنطقة المستهدفة في مخططE1 ، الذي يهدف إلى ربط مستعمرات محيط القدس مع مدينة القدس وعزل وسط الضفة عن جنوبها، وليتم تنفيذ المخطط يتعرض المواطنون في هذه التجمعات لسياسات تهجير قسري من عمليات عدم منح تراخيص بناء وهدم ودهم واعتداءات متواصلة.

وبحسب مركز أبحاث الأراضي، فإنَّ الكسارات والمحاجر الإسرائيلية تنهب 3522 دونمًاً من الأراضي الفلسطينية حتى العام 2015، كما ذكر تقرير صدر في صحيفة "هآرتس" العبرية يوم 4 كانون أول 2016، أنَّ المحاجر وسعت مساحاتها بشكل أكبر من التصاريح التي حصلت عليها من ما يسمى "الإدارة المدنية" الإسرائيلية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح مدير عام التوعية والتعليم البيئي في سلطة جودة البيئة أيمن أبو ظاهر، إنّ عملية نهب الموارد الطبيعية والصخور، يدمر النظام البيئي ويهدد الأنواع والتنوع الحيوي والغطاء النباتي في المنطقة، بحيث يقضي على الموائل الخاصة بالحيوانات والطيور، بالإضافة إلى تهديد المياه الجوفية من خلال تهريب كميات هائلة من النفايات بجميع أنواعها (الصلبة والخطرة) ودفنها في المناطق التي يتم الانتهاء من العمل بها.

ويحاول سكان تجمع الكسارة، التعايش مع الظروف الصعبة التي يعيشونها، ومع ذلك يطالبون بتعزيز صمودهم من خلال إعفائهم من ضريبة الأعلاف التي بإمكانها إن تساعدهم في الإبقاء على مواشيهم التي تعتبر مصدر رزقهم الأساسي، وتوفير الطاقة الكهربائية، والخدمات الصحية كما قال المختار عراعرة.