من ذا الذي كان باستطاعته إطفاء نار حرب أهلية لو حصد الانفجار أرواح رئيس مجلس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج ومرافقيهما. فحماس تضع في اعتبارها وبالمقام الأول قضية الثأر كمنهج اجتماعي عند تنفيذ أي عمل إرهابي أو جريمة بحق مواطنين فلسطينيين، فرئيس الوزراء الحمد الله كرمي (طولكرم)، واللواء ماجد فرج ابو بشار (لاجئ) يشهد على خطواته الأولى مخيم الدهيشة في بيت لحم.

نعتقد إلى حد اليقين أن الذي قرر هذه العملية الإرهابية يدرك جيدا أبعاد وتداعيات جريمته، لذا نراه قد قرر ضرب الجسم الوطني وشطره، وضرب مركز عصب الوحدة الوطنية الذي هو وحدة الشعب وتماسكه، ووحدة القيم الناظمة للعلاقة بين مكوناته الاجتماعية، ونستذكر هنا مصطلحات حماس التي روجتها منذ انقلابها مثل: الشعب الغزي، كتمهيد لواقعة (الانفصال) الذي شهدنا أمس الأول الثلاثاء دخان ولهيب انفجاره، انفصال تكرسه حماس بتأجيج العداء بين مكونات الشعب الاجتماعية: عائلات وعشائر والنسب بالدم والقرابة، بعد تأسيس حالة من الصراع والتناقض بين فصائل وأحزاب سياسية، ذلك أن تحويل الانقسام إلى انفصال يحتاج إلى انفجار عظيم وضحايا يتم اختيارهم بعناية لضمان نجاح عملية الانفصال عن الوطن.

ما حدث في بيت حانون حيث سيطرة سلطة حماس الانقلابية جريمة إرهابية، وانفجار لرسم حدود (انفصال جغرافي)، بدأت مرحلته الأولى بسيطرتها بقوة السلاح على قطاع غزة، وانقلابها على المشروع الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية وقانون السلطة الوطنية، واختطاف مليوني فلسطيني، وإخضاعهم عبر استدراج الحروب والمآسي الإنسانية.

تبدو الصلة واضحة ودون أدنى شك بين مؤتمر ترامب في البيت الأبيض الذي حضرته حماس بشكل غير مباشر عبر داعمي وممولي مشروعها الانقلابي والانفصالي الذين تناوبوا على إحياء مشروعها كلما لاح في الأفق ضعف في قدراتها في استمرار القبض على قطاع غزة وخطفه، وفصله عن جغرافية دولة فلسطين التي نناضل لانجاز استقلالنا الوطني على الأراضي المحتلة منها منذ الخامس من حزيران من العام 1967 كشرط لابد منه لتمرير مؤامرة "صفقة القرن" التي تعني أولا وأخيرا إنشاء دويلة فلسطينية (مسخ) في قطاع غزة، وتمكين مشروع الاحتلال والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في القدس والضفة الفلسطينية إلى الأبد.

أجابت وردت حماس على دعوة القيادة الفلسطينية لها لحضور دورة المجلس الوطني في الثلاثين من نيسان القادم بهذا التفجير الإرهابي، وكأن قادتها المرتبطين حتى العظم بمشروع جماعة الإخوان، ومشاريع إقليمية معادية من حيث المنطلقات والأهداف لمشروع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ولمشاريع التقدم والتحرر العربية أيضا، يبلغون القيادة الفلسطينية والأشقاء العرب وتحديدا الوسيط مصر العربية بأن مشيئتهم هي العليا في تقرير مصير غزة، وإنهم ذاهبون في مشروع الانقلاب والانقسام والانفصال حتى النهاية ، حتى لو تمت التضحية بمليوني فلسطيني في غزة.

الانفجار حسم موقف المتنفذين في حماس الرافض للاتفاق التنفيذي الذي تم توقيعه العام الماضي مع حركة فتح لتطبيق اتفاق القاهرة الذي تم توقيعه في العام 2011 حيث تم وضع برنامج زمني محدد لتمكين الحكومة من أداء مهامها شاملة دونما استثناء، وبما فيها مسؤولية الأمن، وهذا ما يجعلنا نعتقد ان الصراع بين قيادات حماس قد انفجر أمس بوجه الشرعية الفلسطينية، حيث يجب التأكيد على أمر مهم وهو أن رئيس جهاز المخابرات العامة يتبع رئيس الدولة محمود عباس أبو مازن علاوة على أن قائد الجهاز قائد في حركة فتح، وكذلك التأكيد على أن التفجير قد بدد والى الأبد اعتراف حماس بحكومة الوفاق التي يرأسها الدكتور الحمد الله، إي أن حماس قد غدرت بحكومة الوفاق كغدرها بالحكومة العاشرة للسلطة الفلسطينية التي شكلتها نظرا لأغلبيتها النيابية في انتخابات المجلس التشريعي للعام 2006، عندما سيطرت بانقلاب مسلح على القطاع في صيف عام 2007.