بقلم: حـسن بــكـير

إن الحضارة والتقدم التي تعيشها أمريكا اليوم، والديمقراطية الزائفة التي تتشدق بها، لم تقم إلّا على أشلاء وجماجم الهنود الأمريكيين (السكان الأصليين)، على أراضيهم المنهوبة، الذين تم إبادتهم ومحوهم من الوجود. فلا عجب أن تقوم أمريكا الملطخة أيديها بدماء 112 مليون إنسان ينتمون إلى أكثر من 400 قبيلة، بمساعدة ما يسمى إسرائيل لقتل الآلاف من الفلسطينيين، وتهجيرهم وقتل أطفالهم، وزجهم في السجون، واتباع كل الوسائل المحرمة دولياً وإنسانياً لإبادتهم ومحومهم من الوجود. فأمريكا قامت على إبادة السكان الأصليين، وكذلك حكام إسرائيل يبنون دولتهم على حساب الفلسطينيين (السكان الأصليين) لفلسطين. هما وجهان لسياسة واحدة "الإرهاب لحماية وجودهما".

ولكن فلسطين تختلف عن أمريكا، فالإرادة والعزيمة الفلسطينية؛ والإيمان بالدفاع عن الوطن والمقدسات، فاقت كل تصور، فمن الذي يجعل طفلاً يحمل حجراً ليواجه به دبابة؛ وهو يعلم يقيناً أن الحجر لن يصدد الدبابة؛ من الذي يجعل طفلة تصفع جندياً مدججاً بالسلاح؛ من الذي يجعل معاقاً مقطوع الرِجْلين يصعد عامود كهرباء ليعلق علم بلاده؛ ولماذا أربعون جندياً مدججين بأحدث الأسلحة يجتمعون ليقبضوا على شاب في مقتبل العمر، إنه الإنتماء للوطن والتمسك بأرض الآباء والأجداد؛ شئ لن يعرفه العدو الإسرائيلي المحتل، لأنه لا ينتمي إلى هذه الأرض، ولا إلى هذا الوطن المسمى فلسطين، إنهم في سجن، خلف أسلحتهم خائفون؛ وخلف جدرانهم يتحصنون، كما جاء في سورة الحشر، الآيه 14: بسم الله الرحمن الرحيم

"لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ". صدق الله العظيم

فتح إنطلقت في الأول من يناير 1965 بقوة وإيمان راسخ، فان أرض فلسطين لن تكون لغير الفلسطينيين وطناً، أعادت الثقة إلى شعبها بأن التهجير مهما طال أمده، فالعودة إلى الوطن أكيدة.

53 عاماً مضت على إنطلاقتها، وها هي حركة "فتح" وقيادتها التاريخية، تجدد العهد والوعد للشعب الفلسطيني، إنها على القسم باقية ومستمرة حتى تحقيق الثوابت الفلسطينية التي استشهد من أجلها الشهداء وفي مقدمهم القائد الرمز أبو عمار.

في ذكرى إنطلاقة المارد الفتحاوي، أضاءت جماهير وأهالي مخيم برج البراجنة ومعهم مخيمات بيروت، شعلة الثورة الفلسطينية، عصر الأحد 31/12/2017 ومسيرة إنطلقت من أمام جامع الفرقان باتجاه مقبرة الشهداء، بمشاركة جماهيرية حاشدة إلى جانب الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية اللبنانية؛ وممثلو الفصائل والقوى الإسلامية الفلسطينية، وعدد من أعضاء إقليم "فتح" وقيادة منطقة بيروت، وأمين سر وأعضاء الشعبة الجنوبية والمكاتب الحركية والكادر الفتحاوي، وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، ورئيس التيار الشعبي، وممثلو المؤسسات والروابط اللبنانية والفلسطينية، ومسؤول مؤسسة رعاية

أسر الجرحى والشهداء في بيروت، والأندية الرياضية والإجتماعية والثقافية والصحية في مخيم برج البراجنة، وحشد فتحاوي وشعبي، ووجهاء وأهالي مخيم برج البراجنة.

إنطلقت المسيرة من أمام جامع الفرقان باتجاه مقبرة المخيم، تقدمها الفرق الكشفية والموسيقية وأشبال وزهرات "فتح" وحملة أعلام فلسطين، ورايات حركة "فتح".

وكانت كلمة لأمين الهيئة القيادية لحركة الناصرببن المستقلين "المرابطون"، العميد مصطفى حمدان، وجّه فيها التحية إلى القائد المناضل الشهيد الرمز ياسر عرفات وإلى شهداء القوات المشتركة الفلسطينية واللبنانية والمناضلين المقاومين للعدوان الصهيوني، وحياّ عهد التميمي التي تُوجّت بتاج العزة والكرامة.

وتابع حمدان: "في الذكرى الثالثة والخمسين لإنطلاق الثورة الفلسطينية، جئناكم من بيروت المرابط، من بيروت الوطنية، يا أهلنا على أرض الشتات لنؤكد بأن فتح ديمومة الثورة الوطنية؛ وأن العاصفة شعلة الكفاح المسلح؛ وأن كتائب شهداء الأقصى هم وديعة أبو عمار حتى نعود إلى الأرض المقدسة والأرض الطاهرة الأبية فلسطين، لنرفع راية العروبة وراية فلسطين على أسوار القدس".

مضيفاً: "إن كل المؤامرات التي تهدف إلى تهويد القدس ومحاولات العدو الصهيوني جعلها عاصمة له مصيرها الفشل، فنحن نتذكر معاً الحجازي ومروان البرغوثي وفاطمة البرناوي فكل هؤلاء سوف يبقون منارة للمقاومين، فلا أحد يحق له تقرير مصير القدس إلاّ أبناء المقاومة والتحرير".

وختم حمدان كلمتهُ مؤكداً أن القدس ليست عاصمة فلسطين، بل هي عاصمة العروبة من المحيط إلى الخليج العربي. مؤكداً أن "فتح" الصمود والعزيمة، ستبقى المارد المعاصر حتى النصر.

وألقى كلمة الإنطلاقة أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير في بيروت العميد سمير أبو عفش قال فيها: "ثلاثة وخمسون عاماً على انطلاقة الثورة الفلسطينية الحديثة بقيادة المارد الفتحاوي في الأول من يناير عام ٦٥، مرت في هذة الحركة منعطفات مهمة من عيلبون إلى معركة الكرامة في العام 1968 لغاية التآمر المستمر منذ الإنطلاقة وصولاً إلى الصمود الأسطوري في لبنان، وكان قائدها الشهيد الرمز ياسر عرفات، القائد الذي كان يعيش إستراتيجة نضالية تهدف إلى رفع راية فلسطين على أسوار القدس".

وأضاف: "نحن نعيش مؤامرة يهودية تهدف إلى حرب وتهويد القدس، ونحن نؤكد بأننا صامدون، وبإسم "فتح" الطلقة الأولى والأسير الأول والحجر الأول وقادة الشهداء والأسرى، نؤكد أننا سنبقى أوفياء لفلسطين والقدس الشريف ولن نرضى سوى فلسطين وطناً نهائياً وأبدياً، شاء من شاء وأبى من أبى، وإن القدس الإسلامية والمسيحية هي عاصمتنا الأبدية، عاصمة العروبة والإسلام وأحرار العالم.

وطالب أبو عفش الدولة اللبنانية إعطاء الفلسطسنيين الحقوق المدنية بعد ما تبين من إحصائية التعداد السكاني أن عدد الفلسطينيين لم يتجاوز ال 175000 ألف.

وختم أبو عفش داعياً إلى الوحدة الوطنية النضالية لتكون مفتاحاً لتحرير القدس الشريف. لافتاً أن التخاذل العربي وصل إلى أدنى مستوياته، وأن التطبيع مع إسرائيل أصبح علناً ومن فوق الطاولة. وأكد على التمسك بالعمل الوطني لحين العودة والاستقلال المكلل بالنصر.