لم يصدح صوت المسحراتي عرين زعانين (22 عاماً) في حارات حي وادي الجوز بمدينة القدس منذ مطلع شهر رمضان الحالي، وغابت عباراته المحببة للسحور "يا نايم وحد الدايم.. قوموا على سحوركم جاي رمضان يزوركم"، فغاب عن سكان الحي ما اعتادوا على سماعه منه منذ خمس سنوات، بسبب الحبس الفعلي ثم تحويله للحبس المنزلي بقرار من قاضي محكمة الاحتلال.

كان المسحراتي عرين زعانين يجهز نفسه لأيام شهر رمضان، لتزيين الحي وتسحير سكانه من جهة والتطوع في المسجد الأقصى ضمن فريق "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" وعمل حلويات رمضان "القطايف العصافيري" من جهة أخرى، الا أن اعتقاله خلال مسيرة المستوطنين التي نُظمت في القدس في الذكرى الـ50 لاحتلالها حال دون ذلك.
وأوضح زعانين في لقاء معه أنه بدأ بتسحير سكان حي وادي الجوز بشكل منتظم منذ 5 سنوات، مضيفا" بدأت التسحير بالدق على التنكة وهي علبة معدنية تصدر نفس الصوت القديم للمسحراتي، ثم أحضرت الطبلة وحرصت على ارتداء الزي التقليدي، وهو عبارة عن السروال والحطة والقميص الأبيض"، لافتا أنه كان قبل ذلك يقوم برفقة أصدقائه بتسحير الجيران المجاورين له بشكل غير منتظم.
وأضاف" أبدأ بالتسحير عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل وأستمر حتى آذان الفجر، وانتقل من حارة الى حارة ومن شارع الى شارع، وأتوسع سنويا في الحارات لأصل الى كامل حي وادي الجوز". وأكد زعانين على أنه يقوم بذلك تطوعاً وهجرة لله، وقال" في السحور بركة والمسحراتي من العادات والتقاليد المتوارثة، وعلينا نحن المحافظة عليها لتثبيتها عند كل الأجيال القادمة إضافة الى اضفاء الأجواء الرمضانية على الأحياء المقدسية". وعن سبب غيابه في رمضان الحالي قال زعانين" قبل بداية رمضان بيومين وتحديدا في مسيرة رقصة الاعلام للمستوطنين، كنت في منطقة باب العمود حيث اقتحمه الآف المستوطنين، وقد تم اعتقالي وتحويلي لمركز التوقيف، وعرضت مرتين على المحكمة، وقد أخلي سبيلي في ثاني أيام شهر رمضان بكفالة مالية إضافة الى ابعادي عن منطقة باب العمود لمدة 40 يوماً، والحبس المنزلي لمدة أسبوع". وقال زعانين" للأسف عشرة أيام من شهر رمضان سأحرم من تسحير أهالي الحي بسبب الحبس الفعلي ثم المنزلي الذي فرض عليّ.. لكني قمت بتجهيز طبلة جديدة هذا العام وحضرت الملابس، وفور انتهاء الحبس المنزلي سوف أباشر تسحيرهم". وأضاف زعانين أنه خلال الاعتقال وخاصة انه تصادف مع اول يومين من شهر رمضان كان يفكر" من سيقوم بتسحير سكان الحي؟؟، كنت متشوقا لبدء هذا الشهر لأرى الفرحة والابتسامة على وجوه أطفال وفتية الحي الذين يتنظرونني وبعضهم كان يتجول معي، كذلك الشبان وكبار السن الجميع كان يشجعني على الاستمرار ويفرح عند دق الطبل وترديد عبارات التسحير." وعن فترة الحبس المنزلي قال زعانين" هذه الأيام صعبة فلا أتمكن من ممارسة حياتي بشكل طبيعي خاصة في هذا الشهر، قبل اعتقالي كنت استعد مع الشبان لتزيين شوارع الحي، وخلال اعتقالي حرص الشبان على مواصلة العمل وقاموا بإضاءة الشوارع". وقال زعانين" ليست المرة الأولى التي اعتقل فيها خلال شهر رمضان، واحرم من تسحير السكان، فالعام الماضي اعتقلت آخر أيامه، ومن احدى المواقف التي حصلت معي خلال التسحير ورغم ذلك واصلت العمل محاولة دهسي عام 2014 من قبل أحد المستوطنين خلال تسحير السكان في الحي لكني استطعت تفادي ذلك وواصلت العمل بمرافقة شبان من الحي." وحث زعانين الشبان المقدسيين على الاستمرار في دور المسحراتي لأنه وجه من أوجه صمودهم، اضافة الى أنه عمل خير للقدس والأقصى، عدى عن انه يزيد من الروابط الاجتماعية بين السكان". وأضاف" تعرفت على حارات الحي وعائلاته، واستمريت لـ 5 سنوات بسبب تشجيع اهالي الحي والأصدقاء". وقال زعانين إن عمله في رمضان لا يقتصر على التسحير، فهو متطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث يتوجه يوميا بعد الافطار مباشرة الى المسجد الأقصى لتقديم المساعدة لمن يحتاج، كما يقوم باعداد "القطايف العصافيري" في الفترة الصباحية، فهو من عادته في شهر رمضان التنقل من عمل الى آخر.  أما سكان حي وادي الجوز، فأكدوا أنهم يفتقدونه منذ مطلع شهر رمضان، وبانتظار عودته لتسحيرهم وكلهم شوق لذلك.