كنتُ على موعدٍ للمشاركة في حلقة نقاش سياسية مع بعض قادة الفصائل في لبنان، وذلك في مركز الزيتونة التابع لحركة حماس، وأنا أكنُّ الاحترام لمديره الدكتور محسن. لكن صباحاً وأنا في طريقي إلى بيروت كنت أتصفحُ صفحات الفيس بوك، وصدمتُ عندما رأيتُ معتصمين في غزة يضعون صورة الرئيس أبو مازن على وجه حمار وهم يتحلَّقون حوله.

وقطاع غزة محكومٌ من قِبَل حركة حماس كسلطة أمر واقع، وهي تعرف الصغيرة والكبيرة، وتتحكَّم بالكبير والصغير، ولو لم تكن موافقة على ارتكاب هذه الجريمة السياسية لما تجرَّأ أحدٌ على فعل هذا الأمر المسيء. أو كانت حاسبت من فعل ذلك علناً. وسيادة الرئيس أبو مازن هو رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بإجماع كافة أعضاء المؤتمر السابع الأخير، وهو الذي يخوض معركة شعبه السياسية والدبلوماسية، ومواجهة كافة المشاريع الصهيونية، وبالتالي هو الذي ينال احترام كلِّ قادة العالم، وكلِّ شعوب العالم، إنَّه أحد أبناء مدرسة الفتح التي قادها الرمز القائد ياسر عرفات، وتسلَّم الأمانة منه صاحب الثوابت الوطنية محمود عبّاس أبو مازن.

آلمني، وجرح قلبي أن أرى هذا المشهد الذي تجرَّأ عليه إنسان فلسطيني من قطاع غزة، وهذا دليل على وجود تعبئة حاقدة سامَّة، ومُتاحٌ التعبيرُ عنها هناك بكل أشكال الإساءة، والإهانة بدون محاذير.

أنا عندما شاهدتُ هذا المشهد المعيب على صفحات "الفيس بوك" أقلعتُ عن الذهاب إلى مركز الزيتونة، واحترمتُ نفسي، ورحْتُ أفكِّر بالمستقبل الفلسطيني القادم، وفكَّرت أكثر بمستنقع الانقسام، وأدركتُ أنَّ لا أمل بالخروج من النفق المظلم، وبالتالي لن تكون هناك مصالحة في ظل هذه الأحقاد، وفي ظل تدني المستوى الأخلاقي في التعبير والتعاطي.

ترَحَّمتُ على الشيخ أحمد ياسين الذي كان يرفضُ الأحقاد والضغائن، وكان احترامه للرمز ياسر عرفات، ومحبّة ياسر عرفات له تشكِّل حصانة للواقع الفلسطيني الوطني، وضمانة للوحدة الوطنية.

ولقد بات من حقِّنا أن نسأل هل هذه الصورة هي صورة تُترجِم حقيقة العداء في قطاع غزة لأبناء حركة "فتح" الذين عانوا الأمرَّين؟!

الآن أفهمُ حقيقة الإجراءات التي اعتمدتها حكومة الوفاق، ووافق عليها الرئيس بخصوص وضع حركة حماس أمام مسؤولياتها في القطاع، وطالما هي تريد الحكم هناك، فإنَّ السلطة مسؤولة ومعنية بالمناطق التي تعمل فيها الوزارات التابعة للحكومة الفلسطينية، وليس دعم وزارات أخرى لا علاقة لها بالسلطة كوزارات حماس التي تأخذ 53% من موازنة السلطة، ودائماً تهاجم، وتخوِّن، وتحرِّض على السلطة ورجالاتها.

أنا شخصياً صرتُ خائفاً على المستقبل أكثر، وأدركتُ لماذا الإصرار على بقاء الانقسام؟ وفهمت أيضاً لماذا يُمعنُ الكيان الصهيوني أكثر في تكريس مشروعه الجهنمي؟ ولماذا يصرُّ على الاستيطان والتهجير وتدمير البيوت، وانتهاك المقدسات؟ أتمنّى أن يتغيَّر الواقع المؤلم رحمةً بالشعب الفلسطيني.

قرَّرتُ أن لا أذهب إلى مركز الزيتونة حتى أكون صادقاً مع نفسي رغم احترامي لرئيس المركز. مع التحية لشعبنا، والتحية أيضاً لسيادة الرئيس أبو مازن قائد مسيرة شعبنا.

الحاج رفعت شناعة

عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"

2017/4/19