تتعالى أصوات قادة ووزراء حكومة بنيامين نتنياهو المنادية بإعدام أسرى الحرية، الذين بدؤوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى تلبية مطالبهم اللوجستية والاجتماعية والصحية والتربوية. فالوزير يسرائيل كاتس، طالب بتنفيذ حكم الإعدام بحق أسرى الحرية، وهذا ما دونه على صفحته في "تويتر" يقول " القاتل مروان البرغوثي يخوض إضراباً عن الطعام لتحسين ظروف إعتقاله، في حين أقارب الضحايا يتذكرون بألم أبناءهم.." ويضيف القاتل كاتس " الحل الوحيد، هو تنفيذ عقوبة الإعدام بالإرهابيين." ولتحقيق غايته الإجرامية والعنصرية دعا إلى "ضرورة تفعيل مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين والتصويت عليه في الكنيست." وتناغم معه ليبرمان، وزير الموت الإسرائيلي، الذي نادى "بالتعامل مع أسرى الحرية وفق سياسة تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا الأسبق مع مناضلي الجيش الإيرلندي عندما أعلنوا الإضراب لمدة 66 يوماً، إستشهد في أعقابها عشرة مناضلين منهم بوبي ساندز، ورفضت التراجع عن سياسات بريطانيا الإستعمارية آنذاك 1981." وهو ما يعني مباشرة الدعوة لإطلاق الرصاص بأشكال وأساليب أخرى على أبطال الحرية الفلسطينيين.

الحرب على أسرى الحرية من قبل حكومة اليمين المتطرف، تحتم على قيادة الإضراب وضع خطة طويلة وصعبة، والعمل على توسيع نطاق الإضراب بحيث يشمل كل أسرى الحرية في السجون المختلفة، لتتعمق عملية المواجهة، ويتم كسر جبروت الجلاد الإسرائيلي، لاسيما وان أقطاب حكومة نتنياهو، جميعهم قتلة، ولا يعنيهم حياة الأسرى نهائيا. ولا يفكروا بالتراجع بسهولة، الأمر الذي يفرض توسيع حملة المساندة والدعم لمعركة الأمعاء الخاوية، ليس في النطاق الوطني، إنما على المستويات العربية والإقليمية والدولية، وإيصال رسالتهم ومطالبهم العادلة والمحقة لجهات الإختصاص، لترفع صوتها عالياً لصالح تلك المطالب، وبما لها من ثقل وقوة في الرأي العام الدولي تساهم في الضغط على حكومة الإستعمار الإسرائيلية.

ورغم إن المرء وكل الشعب، لا يريد لأسير من أسرى الحرية إلا السلامة والإفراج الفوري عنه، لينعم بالحرية في ارض وطنه، لكن معركة التحدي، التي بدأت في السابع عشر من هذا الشهر تبدو معركة قاسية وشرسة. وتحتاج إلى براعة في التكتيك والمناورة، ووضعها لحظة بلحظة تحت الشمس والأضواء الإعلامية، لكشف جرائم مجرمي الحرب الإسرائيليين. الذين نسيوا أو تناسوا أمثال كاتس ورجل المافيا ليبرمان، عشرات ومئات الآلاف والملايين من الضحايا الفلسطينيين، الذين طردوا من ديارهم، وشردوا أو الذين ذبحوا في مجازر دامية من دير ياسين إلى كفر قاسم إلى الدوايمة إلى خانيونس وصبرا وشاتيلا وبحر البقر وحمام الشط والحروب الوحشية على قطاع غزة وجنين والأطفال الذين حرقوا وهم أحياء، أمثال محمد أبو خضير، وأولئك الذين أعدموا في الميادين عن سابق تصميم وإصرار، فضلا عن قرابة المليون معتقل منذ إستعمار الأرض الفلسطينية في الرابع من حزيران عام 1967، ونهب الأراضي والبناء الإستعماري عليها، وتخريب حياة المواطنين ... إلخ هذه الجرائم وغيرها تناساها عن سابق تصميم وإصرار قادة إسرائيل، ويتباكوا على موتاهم. وبالتالي لا يرون من معركة الأمعاء الخاوية البطولية إلا صورة المستعمرين، الذين سقطوا ضحية إرهاب الدولة الإستعمارية الإسرائيلية نفسها، لإن الإستعمار يولد المقاومة كرد طبيعي ومشروع عليه. خاصة وان أبناء الشعب العربي الفلسطيني، لا يبحثون مطلقاً عن الحرب أو العنف أو الموت، بل يسعون بكل جوارحهم من اجل السلام والتعايش، وقدموا لتحقيق ذلك تنازلات مؤلمة، ولكن غياب الشريك الإسرائيلي، ورفضه للسلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، أبقى أبواب العنف والإرهاب والإستعمار والصراع المحتدم على مصاريعه.