كنت قد واكبت مراحل تأسيس السلطة الوطنية في فلسطين. يخطئ من يظن بأن تأسيس السلطة الوطنية كان عملا" بسيطا" فلقد واكب هذا المشروع الكثير من المعوقات الخــارجية التي تمثلت بالاحتلال بشكل أساس وهناك بالطبع المعوقات الداخلية التي تمثلت في معارضة البعض للسلطة وكذلك في الرفض المطلق للبعض لوجود سلطة.

المعوقات الخارجية كان هدفهـــــــا دوماً إظهار السلطة على أنها التابع الضعيف والمعوقات الداخلية السياسية كان هدفها كذلك إظهار السلطة بمظهر العاجز سياسياً الذي لا يلبي طموح أبناء شعبنا بالحرية والاستقلال والغير قادر على فرض النظام والأمن.

أخطر معارضي السلطة كانوا من (الفوضويين) و(مثيري الشغب) الذين نطلق عليهم لقب (الزعران) فهؤلاء لا يريدون للسلطة أي حضور حيث أن وجودها يشكل مساً بمصالحهم وضرراً لمكانتهم الوهمية في المجتمع .

الكثير من القصص والحكايات رافقت ذلك الزمن كان هدفها الأساس وكما أسلفت هو إضعاف السلطة حد جعلهـــا سلطة رواتب ومعاملات لا أكثر.

لم تنجح المعوقات الخارجية أمام إصرار القيادة على التمسك بمنطق الدولة الفلسطينية وعملها على تعزيز صلاحيات السلطة وتوسيعها لتشمل كل ما يهم المواطن، أما المعوقات الداخلية السياسية فلقد تم التعامل معها سياسيا" وجماهيريا"  فالمعارضة السياسية الغارقة في الكلمات واللقاءات في المقاهي هي في الغالب معارضة بدون جمهور مؤيد لها  وبدون تأثير وأغلب ما يهم هذه المعارضة هو  ما تجنيه من السلطة وهذا كان واضحا" للجمهور وأدى كل ما سبق إلى تخبط المعارضة سياسيا" فتحولت الانتخابات التشريعية كمثال من (حرام وخيانة)  إلى (واجب شرعي وضرورة وطنية) .

أما المعوقات الداخلية التي تمثلت في رفض وجود سلطة لأسباب تتعلق بالفوضى والتخريب والفلتان والإجرام فلقد تم  الحسم والتعامل معها  قانونيا" وأمنيا" . فلا مجال للتعايش مع  ظواهر الفلتان والزعرنة ولا مجال لقبولهـــا أو لغض الطرف عنهـــــــا . هذا وقد وقف الكل الفلسطيني ضد ظواهر الفلتان المسيئة للنضال الوطني الفلسطيني ووقفت أجهزة السلطة الوطنية الأمنية ومعها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ضد ظواهر الزعرنة والبلطجة فعزلتها وحاربتها.

أكرر ... وقف الجميع ضد هذه الظواهر الملعونة بلا هوادة . وبحق أقول هنــــا بأن للجميع دور في مواجهة الفلتان وإن كان بالطبع الدور الأبرز للأجهزة الأمنية الفلسطينية في ذلك.

وأهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تعاملت يومياً مع ظواهر الفلتان هو الشرطة الوطنية الفلسطينية التي تحملت عبئً خــاصاً في الحرب على الفلتان والبلطجة وعلى المخدرات والسرقة والتخريب وعلى كل ما يهدد أركان الحياة الاجتماعية .

إنّ وجود الشرطي الفلسطيني في الشارع يتعارض مع وجود البلطجي والفالت امنياً والمخرب ولهذا كان الاحتكاك يومي ولحظي وفي كل المحافظات الفلسطينية وفي كل المناطق ألف وباء وجيم كذلك .

وبحمد الله وهمــــّة الشرطة الفلسطينية وبمساندة شعبنا نجحت الشرطة، ومعها الشعب الرافض للفلتان، نجحت الشرطة ومعها الشعب الرافض لعودة البلطجة والخاوات والاعتداءات على المواطنين، نجحت الشرطة ومعها الشعب الذي وقف حامياً لشرطته مدافعاً عنها ومتقبلاً لدورها ومسامحاً لبعض الأخطاء التي تحدث أثناء العمــــــــل .

الكل فهم ووعي بأن الشعب يؤمن بدور الشرطة حيث كان ولا يزال شعبنا مع الشرطة ودورها الأمني والمجتمعي. بالمختصر  شعبنا يفهم ويعي معنى الفلتان وقد عانى المواطن من هذه الظواهر اللعينة ولهذا كان الشعب وما يزال سنداً للشرطة وسيبقى كذلك .

فشعبنا المؤمن بحقه هو شعب يتوق للحياة بكرامة وأمان على أرضه. والآن وبكل أسف تلوح في الأفق ظاهرة قديمة حديثة؛ وأعني بها (الاعتداء) على الشرطة الفلسطينية عبر ما يسمى (السيارات المشطوبة). ونشدد في هذا المقـــــــــــال على وجوب رفض هذه الاعتداءات الغاشمة، رفضها جماهيرياً وشعبياً كأبناء لفلسطين من كل الاتجاهات. رفضها بالوقوف مع الشرطة والتعاون معهم لوقف هؤلاء المعتدين على الشعب، لأن الشرطة هي شرطة الشعب وهي سلطة الشعب على الأرض.

علينا أن نشد على أيدي الشرطة الفلسطينية الممثلة باللواء حــازم عطالله ومعه أعضاء القيادة. وأن نكون معهم بلا تردد إذ أن الاعتداء على أي شرطي فلسطيني هو اعتداء على الشعب كلـــه فهذا الشرطي في موقعه الوظيفي هو الحافظ للنظام والمانع للفلتان ونحن طبعاً معهم .

بلا تردد أنا متضامن مع الشرطة الفلسطينية. أوجه لشرطتنا الفلسطينية التحية وأقول بأنكم جميعاً تمثلون عزتنا الوطنية وأنكم صمام أمننا وأماننا وسلامنا في مدننا وقرانا ومخيماتنا طبعــاً وعليكم نعوّل لحماية سلمنا الأهلي والرقي بمجتمعنا.