في مــا مضى

وأنتَ ما تزالُ مُحتشـــداً

تنصبُ شِركـــــــــــــــاً لغيمةٍ

تنبحُ مثلَ كلبٍ طوال اللّيل

وتعبّـــرُ عن الحنين

آه، فيما طريقُ العودةِ صعبٌ

لم تعرفْ بعدُ أن تهيّئَ له يوماً آخرَ

لوطنٍ ستسألُني عن اسمِه بعد قليل

حيثُ كلُّ شيءٍ يسير بمشيئةِ الخالقِ

والمدن لا تنجبُ سوى أعدادٍ غفيرةٍ من الجنودِ

والدباباتِ وشوارعَ تحت الّلسانِ

مـــــــــــــــــــــــــــاذا أفعلُ

آه من لذّة الغرقِ

تُؤلمنُي الخسارةُ والحنجرةُ وقطراتُ الدّم

نفسُ السؤال الذي ما زال موجوداً على كرسيّه

يؤدي التحيةَ جالساً في مكانهِ الى الوطنِ

والى هؤلاءِ الذين كَرِهُوني

ثم جميعُهُم لم يدخلوا من باب النّحسِ

الّذي وضَعُوني فيه

حتى إنََّ جهادَهم لا يساوي قشرةَ بصلٍ

فما جدوى أن نختصرَ الساعاتِ والسنواتِ

من أجلِ أن نعتذرَ بطريقةٍ مناسبةٍ

ما جدوى ان يكونَ شخصٌ مثلي

والى ما هنالك من جملٍ يتيمةٍ

من أجلِ أن أخفِضَ صوتي

وأنا لا أتحرّكُ إلاّ لأستُرَ الّليلَ بظلّي

وألهثَ وراء العدوِّ

في الخامسَ عشرَ من شهر أيار

ربما.. تزأر ُنشراتُ الأخبارِ كالشّاحنات

وتكذبُ رغماً عني

ماذا أفعلُ بنصوصِها المحترقةِ في رأسي

من غير المعقول أن أتركَ رأسي وشأنَهُ

ما دمتُ قادراً على نجدتِهِ مرةً واحدةً

بعد عقودٍ من الضَّنى والّلاعودةِ

تُصيبُني حمّى وتفجّرُ وجهيَ

وتلفلفُني بورق السلوفان

وتُلقِيني على وجهي تحت شجر القنّبِ

فأنشطرُ كمصاب بقذيفةٍ

في يومٍ ممطوطٍ بضعةَ أمتار ٍ

يضغط على أعصابي ويسبب لي جرحاً يُفقدُني التركيزَ على كتابةِ نصٍّ لأحدى الصحف

ألعنُ فيه الاستعمارَ وكلَّ من باعَ فلسطينَ

وأوصلني بالسرفيسِ الى السِّجنِ

وكتابةِ رسائلَ نصيّةٍ الى الفلسطينيين

أدعوهم للتوقّف عن تذوّق الزجاج

هذا ما خطر لسمائي

وأنا أشربُ كوبَ الكابوتشينو في المطبخ

لا أنظرُ الى ما تحت عينيّ من مشاهدَ وعقاقيرَ

أطبقَتْ على كلماتي وأوراقي وأقلامي

وشعبي وتاريخي ووطني وزماني

كبجعة تصرخُ بي أن اسكتْ واخرسْ

سيطمرُكَ البحرُ

ستكونُ رائعاً من دون شفاء

فلا عربَ يهبّونَ

ولا أثرياءَ ولا من يحزنون

إكذبْ بغزارةٍ حتى يتوقفَ المطر ُ إكذبْ

إحملْ نعشَكَ لو تستطيع

ولا تكترثْ للقذائف الطائشةِ التي تستهدفُ قلبكَ

ولا تكترثْ للجلطاتِ الدماغيةِ التي تصيبُ البعوضَ

في باطنِ يدكَ

لا تكفَّ عن التفكيرِ في هذا اليوم

يا الله ما أبعدَ الكواكبَ

الآن أنا خائفٌ

وغداً خائفٌ وبعد غدٍ أنا خائفٌ

الطريقُ يبدو أبعد كثيراً من الرّب.

بقلم/ محمد سعيد