دعا الرئيس محمود عباس الملوك والروساء والامراء العربلعقد قمة طارئة لاتخاذ ما يلزم من القرارات ووسائل الدعم للشعب الفلسطيني لمواجهة العدوانالاسرائيلي البربري المتواصل منذ ايام سبعة خلت، واوقع اكثر من مئة شهيد وقرابة900 جريح، بالاضافة الى تدمير البنى التحتية ومنازل المواطنين والعشرات من المؤسساتالرسمية بما في ذلك ملاعب الرياضة والمستشفيات والمدارس ورياض الاطفال.

الدعوة للقمة العربية، التي كان حملها وزير الخارجية،الدكتور رياض المالكي لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية، لم تجد آذاناً صاغية، اوالتف عليها وزراء الخارجية، عندما ادعوا انهم سيناقشون الامر مع حكامهم. بمعنى ان التوجهالرسمي العربي ليس مستعدا لعقد القمة. مع ذلك تعتبر إعادة تأكيد الرئيس على عقد القمة،شكلا من اشكال الاحراج للملوك والرؤساء العرب، وهي تعكس رغبة الرئيس والقيادة الشرعيةالى الارتقاء بمستوى الفعل العربي الرسمي تجاه التطورات الخطيرة الجارية على الارضالفلسطينية، ليس فقط ما يجري من عدوان همجي على القطاع، انما التطورات في كل الارضالفلسطينية المحتلة عام 1967 في عموم الضفة وخاصة القدس، ولانتزاع موقف عربي داعم لعمليةالمصالحة الوطنية، التي اعطاها العدوان الوحشي الاسرائيلي فرصة متميزة بخلقه مناخاايجابيا داعما شعبيا ورسميا؛ وايضا موضوع التوجه للامم المتحدة لنيل العضوية غير الكاملةللدولة الفلسطينية؛ ولاعادة الاعتبار لمكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي،لا سيما ان بعض الفلسطينيين ما زال مسكونا بهواجسه الفئوية الصغيرة، كما ان بعض العربينحو باتجاه سياسات خاطئة وغير حميدة.

الدعوة للقمة تمثل خطوة سياسية لضبط ايقاع السياساتالوطنية والعربية، وعدم السماح للسياسات الصبيانية على المستويات المختلفة بالعبث فيالمصير الوطني والمؤسسة الشرعية، التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا جدا من التضحياتالجسام لتكريسها في الواقع الوطني والعربي والاممي.

ولعل الحشد الجماهيري في مدينة رام الله، الذي جمع كلالوان الطيف السياسي بما في ذلك حركتا حماس والجهاد، يعكس قوة الدفع الوطنية لتحقيقالوحدة الوطنية حتى ولو على الصعيد الميداني، كخطوة لتكريس هذا الواقع رسميا، وللردعلى كل الدعوات الخبيثة، وغير الايجابية الصادرة عن عدد من المغرضين هنا او هناك. كماان التظاهرة الشعبية التي دعت لها القوى الوطنية المختلفة بما فيها حماس والجهاد، وكذاالاطار القيادي في محافظات قطاع غزة، الذي جمع كل الوان الطيف الفلسطيني يضيف لبنةجديدة لاتجاه تعزيز اواصر الوحدة الوطنية، والخطوتان في الضفة وغزة تعطيان مصداقيةوقوة اكبر لدعوة الرئيس ابو مازن لعقد القمة العربية.

مع ذلك، فإن ما أشير إليه آنفا لا يفي بالمطلوب فلسطينيالكسر حدة الاستعصاء في ملف المصالحة الوطنية. لاكثر من اعتبار، أولاً: قد لا يستجيبالقادة العرب للدعوة الفلسطينية للتهرب من اية استحقاقات سياسية واقتصادية وديبلوماسيةتفرضها القمة تجاه العلاقة مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية او الولايات المتحدة،والعرب كما اعلن رئيس وزراء قطر، ليسوا بوارد اتخاذ اية خطوات جدية، لأنهم «نعاج» وليسلهم حول ولا قوة! ثانيا: مواصلة المفاوضات بين حركتي حماس والجهاد مع الوسيط المصري،فضلا عما تقوم به بعض قنوات حماس من خلال قطر او القنوات الخاصة مع حكومة اقصى اليمينالاسرائيلية أثر، وسيؤثر كثيرا، على مكانة القيادة الشرعية ومنظمة التحرير الفلسطينيةكممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني؛ ثالثا: لا يجوز ان تجري اية اتصالات إلا تحت القيادةالرسمية للشعب الفلسطيني، وبحيث تتحمل مسؤولياتها، ان كانت تعي دورها التاريخي، ومسؤولياتهاالوطنية الراهنة، وبالتالي عليها عدم الخشية من دخول عش الدبابير، لأن ما يجري خطر،ولا يتعلق بحسابات شخصية لهذا القائد او ذاك، بل هو مرتبط بمصير ومستقبل شعب وممثلهالشرعي.

امام الواقع القائم والمتطور في مسارب ومسارات وسيناريوهاتمختلفة في معظمها لا تخدم حماية المصالح الوطنية العليا، على الرئيس والقيادة تحملمسؤولياتهم تجاه انفسهم والممثل الشرعي والوحيد، وتجاه ما يطمحون لتحقيقه تكتيكيا فيمقبل الايام من الحصول على عضوية غير كاملة للدولة الفلسطينية، والتحرك بسرعة فائقةعلى كل الساحات والجبهات، لقطع الطريق على كل الاهداف الخبيثة والمتناقضة مع مصالحالشعب العليا. وعدم الاكتفاء باجراء الاتصالات الهاتفية وارسال المبعوثين غير المؤهلينلتحمل المسؤولية، لانها لا تفي بالغرض المطلوب.. والباقي عند صاحب القرار.