حل أمس الأربعاء 17 ابريل الحالي يوم الأسير الفلسطيني في اليوم ال194 لحرب الإبادة الجماعية على أبناء شعبنا عمومًا وفي قطاع غزة خصوصًا، الذي احيته الجماهير الفلسطينية في كل التجمعات الفلسطينية داخل الوطن وفي الشتات والمغتربات وخاصة في قطاع غزة بشكل ملفت ومتميز، عكس تكامل الكل الفلسطيني في معارك الدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية، وعن الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، ورفض جرائم دولة اسبارطة الإسرائيلية، وانتهاكاتها الوحشية لحقوق الانسان وللقانون الإنساني الدولي، وفضح وتعرية حرب الإبادة الجماعية في الميادين المختلفة، ومنها ميدان الاعتقال غير المسبوق بعد 7 أكتوبر 2023، حيث انتهجت الدولة العبرية المارقة والخارجة على القانون ابشع الأساليب الاجرامية في تاريخ وجودها ضد الفلسطينيين عمومًا والأطفال والنساء والشيوخ خصوصًا، وكان إيذانا بتصعيد مجنون ضد أسرى الحرية في محاولة لكسر ارادتهم، وكي وعيهم، ونزع ابسط إنجازات الحركة الأسيرة على مدار العقود الستة الماضية، وكشفت سلطات السجون عن وجهها النازي، كما لم يسبق من قبل.  


واعترفت حكومة الحرب الإسرائيلية رسميًا أنها اعتقلت ما يزيد عن 12 ألف فلسطيني من أبناء قطاع غزة في ظروف لا إنسانية، وقامت بتعريتهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق، من الطعام والنوم بالتلازم مع عمليات تعذيب يومية وعلى مدار الساعة، وتقييد أيديهم وارجلهم وتغطية عيونهم مما أحدث عمليات كسر في أعضاء أجسادهم المختلفة، وإصابتهم بأمراض عديدة، والعزل دون تحقيق قانوني، وحرمانهم من لقاء المحامين، أو زيارة ذويهم، وقامت سلطات السجون بعدم الفصل بين الجنسين في العديد من المعتقلات التي لا تتوفر فيها ابسط معايير الاعتقال، وبعضهم زجت بهم في معسكرات الجيش، أضف إلى ذلك عمليات الاغتصاب للجنسين وخاصة للنساء، وهذا ما أكدته المنظمات الدولية ذات الاختصاص. 
فضلاً عن ذلك، قامت قوات الجيش الإسرائيلية والمرتزقة بإعدام العديد ممن تم اعتقالهم، بعضهم اعترفت به سلطات السجون، والبعض الآخر لم يكشف عن مكان اعتقالهم، وتم إعدامهم، وسجلوا في قوائم المفقودين. كما وخطفت الأطفال بالمئات، وهناك وثائق أممية دامغة على ذلك. 
كما وتضاعفت أعداد المعتقلين من محافظات الضفة الفلسطينية بما فيها العاصمة الأبدية القدس، وخضعوا لذات سياسة الانتهاكات الاجرامية على محفظات قطاع غزة، والذين بلغ عددهم وفق معطيات هيئة الاسرى والمحررين الى 9500 اسير، منهم 3661 أسيرًا محكومين إداريًا، و200 طفل، و80 امرأة، و56 صحفيَا، و27 جثامينهم محتجزة. ومازالت دورة وحملات الاعتقال مفتوحة على نار الجحيم الإسرائيلي المنفلت من عقال القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. 


ورغم كل الحراك لهيئة الأسرى والمحررين والمنظمات القانونية والحقوقية العامة والخاصة على مدار السنوات الماضية إلا أن المجتمع الدولي عمومًا والمنظمات الأممية ذات الاختصاص لم تتمكن من رفع ملف الأسرى الأبطال إلى المستوى القانوني الإنساني وفق معايير ومبادئ المعاهدات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لأكثر من اعتبار وعامل، منها أولاً تواطؤ الولايات المتحدة مع السياسات والانتهاكات الإسرائيلية، التي ترفض الاعتراف بمكانة أسرى الحرية الفلسطينيين كأسرى حرب؛ ثانيًا استباحة المعاهدات والاتفاقات الدولية ذات الصلة المتعلقة بمنع الاعتقال لأسباب سياسية، وحرمان الأسير الفلسطيني من حق الدفاع عن النفس والمقاومة المشروعة التي كفلها القانون الدولي لأبناء الشعب العربي الفلسطيني؛ ثالثًا تقاعس وعدم ارتقاء العديد من الدول في دعم قضية اسرى الحرية الفلسطينيين في المحافل الدولية، والخضوع لابتزاز دولة إسرائيل اللقيطة ومن خلفها الإدارات الأميركية المتعاقبة. 
ومع ذلك تملي الضرورة على الكل الفلسطيني مواصلة الدفاع عن أسرى الحرية وحقوقهم المكفولة وفق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وتصعيد المواجهة مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة سلطات السجون، التي انتقلت في زمن تولي الكهاني بن غفير المسؤولية عن ملف الأسرى إلى مرحلة أكثر دونية وتعسفًا ووحشية، فاقت في جرائمها وانتهاكاتها مرحلة النازية الألمانية والفاشية الأيطالية، وحتى أكثر بشاعة وفظاعة من معتقلات العصور الوسطى. 


ومن الضروري الربط العميق بين جبهات حروب الإبادة الإسرائيلية المختلفة، التي تحتل فيها حرب الاعتقالات للإنسان الفلسطيني مكانة خاصة، وأولوية مركزية في مواجهة إسرائيل اللقيطة، والدفع بملف الاسرى الأبطال إلى المكانة التي تليق بدورهم البطولي كرموز للكفاح الوطني التحرري إسوة بالشهداء الأكرم منا جميعًا، وحماية حقوقهم وحقوق أسرهم، ورفض ابتزاز الولايات المتحدة ومن لف لفها من دول الغرب الامبريالي، الذين يريدون نزع صفتهم ومكانتهم كأسرى حرب ومناضلي من أجل الحرية، وتحويل قضية رواتبهم إلى متاهات تنتقص من رمزيتهم الكفاحية.