المناضل فؤاد الشوبكي (أبو حازم) المتحرر اليوم من معتقلات منظومة الاحتلال، عرفناه أخاً، مناضلاً في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومسؤولاً عن جهازها المالي، وعن المؤسسة المركزية المالية لقوات منظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد، والمجلس العسكري، وعضوًا في المجلس الثوري للحركة وكذلك في المجلس الوطني الفلسطيني، عرفناه يوم كانت صفة المناضل هي المرتبة التي يتشرف كل عضو في حركة "فتح" بنيلها، تميز بمواقف إنسانية كانت في الحقيقة تتويجا لمفاهيم وقانون المحبة الناظم للعلاقة بين المناضلين في حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، نشهد بمساندته وتقديره للمناضلين بصدق وإخلاص، والمعطائين بلا حدود، للوطن والسائرين على درب الثورة في الكفاح والنضال والتحرير والحرية.

سيتحرر اليوم المناضل فؤاد الشوبكي ليضيف إلى أنوار شمس الربيع الطبيعية المشعة على أرض الوطن (فلسطين) نورًا مشبعًا بالأمل من ماكينة العمل والنضال من أجل حرية الأسرى جميعًا، أمل وهدف عظيم لطالما كان ركنًا رئيسًا في ثوابتنا الوطنية، وشكل موقف سيادة الرئيس أبو مازن نموذجًا وطنيًا يحتذى في الانتصار لقضيتهم وعدالتها ومشروعيتها، لا نمن على أحد من الأسرى، ولا نراهم إلا أمثلة لصبر وصمود، ومواجهة دائمة بالروح المتمردة والمقاومة حتى ولو كانت مقيدة بالسلاسل الفولاذية، أو بجدران معتقلات الهمجية الفاشية وقضبان أبوابها الحديدية، وأسلاكها الشائكة.

ابنته (رنا) التي ناب عن والدها الأسير في زفافها إخوة والدها فؤاد الشوبكي على درب الحق الفلسطيني، قادة ومناضلين من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، بعد أكثر من إحدى عشرة سنة على وفاة والدتها التي كانت تدعو له بالحرية وهي على سرير العناية المركزة، كتبت أول أمس: "سيخرج والدي شامخاً منتصراً مرفوع الرأس من معتقلات الاحتلال.. بضعة أيام بيننا وبينك... بين عيوننا وعيونك وبين حضنك وقلوبنا بين أول لمسة من إيديك وأول قبلة منك لأحفادك وأول ضمّة".. إنه الصبر والتسلح بالأمل المحمول على إيمان مطلق بالحق، لا يقدر قيمته إلا من طوى السنين ينتظر إشراقة حرية بمحيا والد، أو والدة، أو أخ، أو زوج، أو إبن أو إبنة.

لم يستطع الغزاة الفاشيون تجريد الأسرى من روح العزيمة والكرامة والإيمان بإنسانيتهم وحقهم في الكفاح وحق شعبهم في التحرر والحرية، حتى هاماتهم بقيت ظلالها ممتدة من تحت أقدامهم حتى أبعد جغرافيا تستريح وراءها شمس الغروب، ولمن لا يعرف فإن للأسرى في زنازين الفاشية الصهيونية إشعاع صبر عظيمًا، يخترق الجدران والنوافذ، فيصلنا ضياء ونورًا، يجدد ذاكرتنا، ويشحذ إرادتنا، ويرفع منسوب عزيمتنا، ويبدد ظلمة يأس لفّتنا على حين غرة، ويكشف لنا ملامح الطريق.

 انتصر أبو حازم بصبره وأمله بالحرية على أمراض كادت تفتك بجسده في المعتقل، فهلك المرض وبقيت روحه قوية صامدة، روح نحن على يقين أن الفاشية الصهيونية لم تنل من شرف انتمائها للشعب العربي الفلسطيني. ونعتقد إلى حد اليقين أن الحر فؤاد الشوبكي اليوم لن يختلف عن الحر فؤاد الشوبكي بالأمس، ولعل ما كتبه المناضل خليل البلبيسي أبو سند الذي عمل مع المناضل أبو حازم في الإدارة المالية لقوات الأمن الوطني لكفيل بمنحنا شهادة إضافية على ما عرفناه بشخص المناضل أبو حازم فقد كتب:" ساعات قليلة ويتنسم شيخ الأسرى عبق الحرية، عرفناه معطاءً لا قابضاً،، مقصوداً لا قاصداً مغيثاً لا مستغيثاً،، مجيراً لا مستجيراً، مسؤولاً لا سائلاً ".

ولمن لا يعرف بعد، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المناضل فؤاد الشوبكي "أبو حازم" في الرابع عشر من شهر آذار من عام 2006 إثر هجومها على مدينة أريحا، وقررت محاكمها العسكرية حجز حريته بالمعتقل لمدة 20 سنة ثم خفضت المدة إلى 17 سنة، أمضى منها ما يزيد عن 16 سنة، تدهورت صحته مرات عدة بسبب الإهمال الطبي، وهذا الإهمال مقصده في قاموس منظومة الاحتلال إعدام ولكن ببطء، أدى إلى استشهاد أسرى في الزنازين أو في مشافي المعتقلات، بقي أبو حازم معتقلاً رغم حالته الصحية الصعبة، أما الاعتبارات الإنسانية فليست أصلاً من أبجدية لغة منظومة الاحتلال اللغوية أو العملية. فهنا أنشأت الدول الاستعمارية منظومة عنصرية خارجة على القانون الدولي، وتعتبر نفسها فوقه وخارج سياق المحاسبة والمساءلة.. ونقدر أن حياة المناضل فؤاد الشوبكي ستبقى في خطر ما دامت منظومة الاحتلال قد اعتبرته "خطرًا كبيرًا على أمنها"، منذ اتهامها له بتمويل شراء الأسلحة التي ضبطتها في عملية عسكرية في عرض البحر على السفينة (كارين A).

المصدر: الحياة الجديدة