أنهى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن زيارته للمنطقة الأسبوع الماضي، حيث زار كلاً من العراق ومصر والأردن وإسرائيل. ولم يفلح تأجيل زيارته إلى "تل أبيب" من يوم الأربعاء إلى يوم الخميس الماضي بتفادي الاضطرابات والمظاهرات التي عمت شوارع إسرائيل مطالبة بإنهاء دكتاتورية الحكومة الفاشية الإسرائيلية وإلغاء مشروع قانون الإصلاح القضائي الذي يكرس سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. وفي إطار هذه المظاهرات التي أطلق منظموها عليها اسم "يوم التشويش الكبير"، هرب نتنياهو وزوجته من مقر إقامته في طائرة هليكوبتر استقدمها من مهبط مستشفى "هداسا" وأقلته إلى مطار اللد، حيث التقى وزير الدفاع الأميركي هناك قبل أن يذهب في زيارة رسمية إلى روما بعد أن نجح في إقناع أحد الطيارين "الحريديم" بنقله إلى هناك، في حين رفض الطيارون الإسرائيليون نقله في طائراتهم. هذه التفاصيل توضح الأزمة الحقيقية التي تعانيها حكومة نتنياهو الفاشية الإرهابية، والتي لم يستطع نتنياهو تجاوزها عند حديثه مع الصحفيين في المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الدفاع الأميركي. فلقد حاول نتنياهو أن يظهر أن زيارة الوزير الأميركي أتت في إطار دعم أمن إسرائيل لا سيما في موضوعة مواجهة الخطر النووي الإيراني. الوزير الأميركي بدوره كان هادئاً ومقنعاً على عكس نتنياهو. وتحدث عن التزام بلاده بأمن إسرائيل، ولكنه لم يمنح الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر بتوجيه ضربة عسكرية لإيران. وفي السياق، تحدث أوستن عن ديمقراطية بلاده ملمحاً أن ديمقراطية إسرائيل ستكون هشة في حال استمرار الحكومة الإسرائيلية بالمضي قدماً في مشروع الإصلاح القضائي. ليس هذا فقط، وإنما وجه أوستن انتقاده علانية للإجراءات العنيفة التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني، واعتبر أن هذه الإجراءات العنيفة تدخل في إطار الإجراءات أحادية الجانب التي تؤجج العنف في المنطقة. هذه التصريحات تشير بشكل واضح إلى أن إدارة الرئيس بايدن تشعر بقلق كبير من استمرار تحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل في حال عدم التزام الأخيرة بتفاهمات العقبة أولاً، وفي حال استمرار قوانين الإصلاح القضائي المزعومة ثانياً، وهو الأمر الذي يضع مصالح الولايات المتحدة في خطر شديد في أرجاء المنطقة كافة.

في الواقع، جاءت زيارة وزير الدفاع الأميركي للمنطقة بنكهة دبلوماسية سياسية، واحتوت تصريحاته على توبيخ نتنياهو لكون سياسة حكومته تجر المنطقة إلى موجة من العنف وعدم الاستقرار، وبأن الضمان لاستمرار العلاقة الاستراتيجية بين الولايات وإسرائيل لن يستمر في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية بخطاها الفاشية والإرهابية. إنه الدرس الأول الذي حمله أوستن لنتنياهو وقد يكون الدرس الأخير في حال لم يستمع نتنياهو إليه!.

المصدر: الحياة الجديدة