مَضت مع الفجرِ مَن كانت تُلاطفُنا .. توثقُ الشرَّ بالإعلام والصورِ

إنا فقدنا عظيما كان يُخبرنا .. عن حالة الطقس في الأرياف والحَضَرِ

قَضى عليها غُبارٌ عند هبّته .. كانت تُراقبه بالعين والنظرِ

ما بين حرف وَنصّ في حكايتنا .. روح تُبجّل حرف الضاد في الخبرِ

مع السلامة يا روحا مكرمة .. عاشت تعظم ما في القدس من نُضَرِ

الآن هُزِّي جذوع النخل قاطبة .. يا خير من زَود الإعلام بالثمرِ

مع السلامة يا روحا معظمة .. أبقت لنا المسكَ عند المَنزِل العَطرِ

مع السلامة يا روحا مكرمة .. العدلُ لله ليس العدلُ للبشرِ

يَظلُّ ذكرك في الأكناف قاطبة .. أحلى وأجمل ما في القدس من صورِ 

بهذه الكلمات، رثى الشاعر المقدسي معتز القطب الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة التي التقى بها على مقاعد الدراسة في جامعة اليرموك الأردنية في ثمانينيات القرن الماضي.

كانت هذه الأبيات جزءا من قصيدة نظمها القطب متأثرا باغتيال مراسلة الجزيرة، تماما كما يتأثر بكل ما تمر به مدينته من أحداث تدفعه لكتابة الشعر، حتى وصل عدد القصائد التي نظمها عن مدينة القدس إلى 100 قصيدة أُدرج بعضها في 3 دواوين شعرية أطلقها حتى الآن

ومن أقرب القصائد إلى قلبه مما نظم لمدينة القدس، تلك التي كتبها تحت عنوان "رسالة من مولاتي"، واستهلها بالأبيات التالية:

من القدس الشريف ومن قراها .. تحيات أضمنها عتابا

وأكتب بعد بسم الله ربّي .. سطورا سوف أرسلها كتابا

سأبعثها بمكتوب لتمضي .. عسى يوما سأستلم الجوابا

أقول بأنني بلد جريح .. وأن الشر قد لمس الترابا

وأن الجرح في جسدي بليغ .. أصاب القيح سوري والقبابا

طغت مشاعر الحزن على معظم قصائده التي نظمها للعاصمة المقدسة التي ولد فيها عام 1968، وتلقى تعليمه المدرسي على مقاعد إحدى مدارسها، قبل أن يحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في علوم الكيمياء من جامعة اليرموك الأردنية.

حاز معتز القطب لاحقا لقب الدكتوراه في الكيمياء والبيئة من جامعة تل أبيب، وبدأ عمله في جامعة القدس الفلسطينية منذ تسعينيات القرن الماضي حتى يومنا أستاذا وباحثا في علوم البيئة والمسطحات المائية.

نُشرت له عشرات الأبحاث العلمية، وهو يشرف على العديد من رسائل الماجستير في مواضيع البيئة التي كان لها نصيب من أشعاره أيضا، وتُدرّس إحدى قصائده التي نظمها في موضوع البيئة في كتاب "العربية لغتي" للصف السادس في المنهاج الإماراتي، كما تُدرس قصيدتان من أشعاره في كل من المغرب والجزائر، بالإضافة لقصيدة "خليل الرحمن" التي تُدرس في كتاب اللغة العربية بالمنهاج الفلسطيني للصف الحادي عشر منذ سنوات.

دخول قصائده في المناهج المدرسية شجّعه على المواظبة على ممارسة هذه الهواية التي لم ينمها مبكرا بسبب انشغاله بمسيرته الأكاديمية الطويلة، فاقتصرت هوايته خلال طفولته على حفظ الشعر والتعمق في قراءة أشعار كل من أحمد شوقي والمتنبي ونزار قبّاني.

أحبّ وطنه الأكبر ونظم الشعر لكل المدن الفلسطينية، لكنه مهما تجوّل وحلّق لا تحط رحاله سوى في مسقط رأسه، مدينة القدس التي لم يكتب عن جمالها فحسب، بل نظم الشعر لشهدائها ووثق في قصائده كل الأحداث التي مرّت وتمرّ بها، من هبّات شعبية ومحاولات اقتلاع المقدسيين وتهويد المقدسات والفضاء العام.

تحت عنوان "العاصمة"، نظم القطب قصيدة مستخدما بحر البسيط، قال فيها متغزلا بالقدس:

ليلى أو القدس أو روحي وإيماني .. ماذا أناديكِ يا حبي وتحناني؟

أنتِ الجميلة ما شاهدتُ فاتنة .. أحلى وأجمل في ثوب بألوانِ

يا روح من سبقوا في الحب قد وقعوا .. فجسدوا العشق في سور وبنيانِ

مروا عظاما على المحراب وارتحلوا .. وعطروا البيت من فل وريحانِ

وأعلنوا القدس للعشاق عاصمة .. فأحضروا الورد جوريا لبستانِ