بقلم: حسن بكير

بحضور سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، نظَّمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني" فتح" قيادة منطقة بيروت؛ حفلاً تأبينيًّا للقائد الكشفي الفتحاوي البارز جمال خليل حسين "أبوربيع" في قاعة مسجد الفرقان في مخيم برج البراجنة، عقب صلاة عصر السبت 16 حزيران 2018.

وحضر إلى جانب السفير أشرف دبور: عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة، وأمين سر إقليم حركة "فتح" في لبنان حسين فياض وأعضاء لجنة الإقليم، وممثل جمعية المشاريع الخيرية فضيلة الشيخ الدكتور سامر قليلات مع لفيف من المشايخ الأجلاّء، ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة "فتح" في بيروت والشمال، وممثلو تحالف القوى والأحزاب الفلسطينية والإسلامية، وممثلو اللجان الشعبية وقوى الأمن الوطني الفلسطيني، وممثلو المؤسسات الأهلية الفلسطينية، والفرق الكشفية، وجهاء وفاعليات وأهالي مخيم برج البراجنة.

بدايةً تمَّ الوقوف دقيقة صمت مع قراءة سورة الفاتحة لروح الفقيد جمال خليل ولأرواح الشهداء، بعدها تلا القارئ الحاج معروف قرانوح ما تيسر من آيات الذكر الحكيم ، ثم قدم الكلمات عريف الحفل عبد منصورة عضو قيادة بيروت مع كلمة ترحيبية، وإشادة بمناقبية وإنجازات الفقيد على الصعيد الوطني والكشفي، ثم كانت كلمات لكل من ممثل جمعية المشاريع والحاج رفعت شناعة وكلمة لآل الفقيد.

كلمة جمعية المشاريع ألقاها الشيخ سامر قليلات جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم "كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحرح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" صدق الله العظيم

ويقول نبينا المصطفى في الحديث الشريف الذي رواه الترميذي: "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله، حديث نبوي شريف من كلام سيد العالمين محمد (صلى الله عليه وسلم) يخبرنا فيه رسول الله عن أفضل كلمة نطق بها هو وكل من كان قبله من الأنبياء والمرسلين فإنه كما تعلمون كلمة كل الأنبياء لا إله إلا الله عقيدة كل الرسل، عقيدة التوحيد، فإن أنبياء الله كما تعرفون لم يختلفوا من حيث الدين؛ ولم يختلفوا من حيث العقيدة، حيث كانوا على دين واحد من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، مرورًا بإبراهيم وإسحاق ويعقوب وداوود وسليمان وموسى وعيسى إلى خاتم النبيين نبينا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليهم أجمعين، هذا هو دينهم وهذه هي كلمتهم وهذه هي عقيدتهم عقيدة واحدة، عقيدة التوحي، توحيد الله وترك الإشراك به شيئاً، عقيدة التنزيه، تنزيه الله عما لا يليق به سبحانه عن كل ما هو من صفات الخلق عن كل ما هو من صفات البشر، فربنا سبحانه خالق كل شي؛ قادر على كل شي؛ عالم بكل شيء؛ لا يحتاج إلى شي؛ لا يعجزه شيء؛ ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، لا يشبه شيئًا؛ ولا يشبهه شيء، موجود أزلاً وأبدًا بلا مكان؛ ولا يجري عليه زمان، كلمة لا إله إلا الله لطالما تمسك بها القائد الحاج أبو ربيع رحمه الله رحمة واسعة، كلمة لطالما علمها للناشئة وللشباب والكشافة ولغيرهم من من تربوا وتتلمذوا على يديه، فعلمهم الدين، وعلمهم العقيدة، وعلمهم النضال، وعلمهم التمسك بالأرض، والتمسك بالعرض، والتمسك بالشعب، هكذا علمهم هذا القائد الحاج الفقيد الذي فقدناه جميعًا، علمهم الأخلاق الحسنة، والأخلاق النبوية التي تعلمها من الأحاديث الشريفة، أن تعفو عن من ظلمك، أن تصل من قطعك، أن تحسن إلى من أساء إليك، رحمك الله يا أيها القائد المناضل وجمعنا معك في الجنة".

كلمة فلسطين ألقها الحاج رفعت شناعة إذ قال: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً". صدق الله العظيم

نلتقي اليوم لنؤبن رجلاً من رجالات "فتح" الذي أثبت من خلال مسيرته الوطنية أنه من تلك الأعمدة الفتحاوية التي بقيت راسخة، وستظل راسخة بما حملته من قيم ومن آداب ومن أخلاق، فهو الذي تأدب بآداب القرآن الكريم، وبسيرة رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو الذي تمسك بتلك الأخلاق والسلوكيات التي تعلمها من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح "، فكان كادراً بكل ما في الكلمة من معنى، لذلك نحن اليوم نؤبن هذا النموذج الفلسطيني الذي نعتبره مثالاً ومقياساً للكادر الحقيقي في حركة "فتح" ولأبناء هذه الحركة الذين يجب عليهم أن يقرأوا سيرة هذا الرجل وأن يتمثلوا بها، فهو أمضى حياته مسالمًا مع كل أصحابه وأصدقائه، كان همه الأول الوطن فلسطين، كان جريئا في انتقاداته، لكنه كان حريصًا على جسم هذه الحركة، بأن يكون متماسكًا وصامدًا.

نعم أيها الأخوة نحن نؤبن الأخ أبو ربيع جمال حسين، وكلنا ثقة بأن من عايشوه سيتأثرون بهذه السيرة الحسنة، وأنه سيبقى موجودًا وقائمًا في كل لقاءاتنا واجتماعاتنا، وفي كل محاور عملنا، ولنؤكد لشهيدنا بأننا باسم حركة "فتح" نعاهدك أن نبقى على العهد والوعد، العهد الذي أخذناه على عاتقنا منذ الطلقة الأولى، ومنذ الشهيد الأول، نعاهدك أن نبقى في نفس المسيرة التي خطَّها الرمز ياسر عرفات وأخوته من الشهداء من كل الفصائل الفلسطينية، نعاهدك أن نبقى متمسكين بالثوابت التي أكد عليها القائد أبو مازن الذي قال: "أنا لست ياسر عرفات لكنني أعدكم بأن أظل متمسكًاً بالثوابت الفلسطينية التي أكد عليها ياسر عرفات". نعاهدك يا شهيدنا بأننا سنبقى أوفياء لثوابتنا الوطنية، لمنطلقاتنا الفلسطينية، والأبرز في ذلك هي الوحدة الوطنية، لن نتخلى ولن نتراجع عن العمل اليومي ليلاً ونهارًا لأن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي القلب النابض للنضال الفلسطيني، وعندما تموت الوحدة أو تنتكس، ينتكس كل النضال الفلسطيني، ولا يستطيع أي طرف أن يبني مجدًا وطنيًا في غياب وحدة شعبنا وأرضنا، ولذلك نقول لك أنك القرار الفلسطيني المستقل الذي تمسكنا به في هذه المسيرة ولم نتراجع ولم نخضع لكل التهديدات، ولم نخضع لأي جهة من الجهات، بقيت بوصلتنا دائمًا باتجاه فلسطين وباتجاه القدس، لذلك نحن لسنا خائفين لا من هذا، ولا من ذاك، ولا من واشنطن، ولا من إسرائيل، لأننا نحن شعب الجبارين.

نعم يا شهيدنا كن على ثقة أن هذه الحركة انطلقت وبنت كل هذه الإنجازات الوطنية الفلسطينية والتي ما زالت تقود النضال الشرس هناك على الأراضي المحتلة في فلسطين، في كل الأرض المباركة، هناك في القدس، وهناك في غزة. نعم، نحن مقبلون على مرحلة شاقة وصعبة ومدمِرة أيضًا إذا لم نحسن الخطاب، وإذا لم نحسن التعاطي الأخوي والنضالي، وكي نكون على قلب رجل واحد، ومن يفكر بأنه يستطيع أن يصنع انجازات بمفرده فهو عاجز عن معرفة الحقيقة، لذلك نقول أن ما تمَّ في قطاع غزة من المثل الهائل والضخم جماهيريَا وعطاءاً وأداءاً وشهداءاً وجرحى، كان يتم بإرادة شعبية شاملة وقيادة وطنية موحدة.

عندما نجتمع ونلتقي نصنع المعجزات، عندما ننقسم ونتفرق سنجعل القاسي والداني يوجه إلينا الكلام اللاذع، ليقول لنا كفلسطينيين: "توحدوا أولًا ثم خاطبونا كعرب أو مسلمين". نعم، اليوم الجميع يضع المشكلة عندنا كشعب فلسطيني، فهل ندرك حقيقة الصراع أن الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين وفي خارجها، مطلوب منه اليوم أن يتوحد وأن يتجمع على قرار واحد، وهذا الانقسام لم يخدم، ولن يخدم إلا العدو الإسرائيلي، فإسرائيل اليوم تبني أمجادها على هذا الإنقسام، وعندما نستطيع أن ننهي هذا الإنقسام سنكون نحن قادة المنطقة بأسرها.

اليوم، ونحن بهذه الحالة واشنطون بعدوانيتها الأولى الصهيونية والإستعمارية على فلسطين وعلى الشعب الفلسطيني، لم تستطع حتى الآن أن تحقق ما تريد ولن تستطيع، طالما هناك رجال فلسطينييون مقتنعون بأننا على حق، وبأننا مكلفون شرعاً وسياسيًا بتحرير فلسطين، وتحرير القدس، نعم أيها الأخوة إن العدو الإسرائيلي قد حسم أمره وجمّع كل أطرافه، هم اليوم متجمعون على قاعدة العداء للشعب الفلسطيني، وقتل الإنسان الفلسطيني، وإعدام الأسرى الفلسطينيين، وقتل حتى الأطفال والفتيات، والإجرام اليومي يتم في كل محافظات الوطن.

أميركا أيضًا حسمت موقفها وقالت أنها تقف إلى جانب إسرائيل لأننا عندما قدمنا مشروع لمجلس الأمن من أجل حماية الشعب الفلسطيني من الإجرام الصهيوني، اعترضت أمريكا وممثلتها في الأمم المتحدة حيث قالت وبصوت عالٍ أن إسرائيل هي التي تريد حماية من العالم ضد الإرهاب الفلسطيني، هذا هو المنطق الأمريكي والإسرائيلي، لذلك نحن اليوم قطعنا شوطاً مهما على الجبهة السياسية والدبلوماسية، وحققنا انجازات هائلة إضافة إلى الإعتراف بدولة فلسطين، اليوم أيضًا ينتصر العالم، 120 دولة يؤيدون القرار الفلسطيني بتأمين الحماية من قبل العالم، ومن قبل مجلس الأمن، مستقبلاً للشعب الفلسطيني، 120 دولة أيدت وفقط 8 دول هي التي اعترضت، انتصار هائل يقول لأمريكا أين أنتم ذاهبون ببلدكم؟ الشعب الفلسطيني هو من الأرض المباركة التي بارك الله فيها، نحن أرض الإسراء والمعراج، يبقى أمامنا الخيار الذي لا بد منه وهو أن نتوحد إكرامًا لشهدائنا الأبرار وإكراماً لأسرانا الذين ينتظرون الحرية من أجل أن يقاتلوا ويستكملوا نضالهم حتى يتم تحرير هذه الأرض المبارك، نعم المزيد من التلاقي، المزيد من وحدة الشعب للضغط أيضًا على القيادة الفلسطينية حتى نكون جميعًا على خط سياسي واحد يؤمن بالوحدة الوطنية والثوابت الوطنية الفلسطينية. الرحمة لشهدائنا والحرية لأسرانا والشفاء لجرحانا وإنها لثورة حتى النصر.

عائلة الفقيد ألقتها التلميذة بتول عسيلي جاء فيها: " نحن العائلة الكشفية للشهيد القائد جمال خليل، نعزي أنفسنا ونعزيكم بفقدانه، إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم إجعل قبره روضة من رياض الجنة، وداعًا قائدنا ومعلمنا وأنت باقٍ فينا بصوتك وكلماتك التي فجرت فينا ثورة ومواقف وقرارات الرجال، وما زلت عنوانًاً لنا، وسراجاً منيرًا يضيء بوصلة النجاح لعائلتنا الكشفية، عشت فينا أباً وقائداً، بكينا على فراقك، بكت عليك أزقة المخيم وجدرانه، وداعاً قائدنا لروحك الطيبة، ألف تحية وسلاماً، وداعاً قائدنا وداعاً أيها الأب الغالي".

ثمَّ توجه الشيخ نور بالدعاء للفقيد. وفي نهاية حفل التأبين أولمت مجموعة الكرامة الكشفية وكشافة يعبد عن روح الفقيد في مركز شهداء مخيم برج البراجنة.