كانت دورة المجلس الوطني الـ 23 المعنقدة ما بين 30 نيسان/ إبريل و3 مايو/ أيار لحظة انعطافية هامة ليس فقط في انعقادها، إنما في مخرجاتها السياسية والتنظيمية، وبغض النظر عن أية ملاحظات ونواقص شابت أعمال الدورة، التي سأتوقف أمامها لاحقا، كانت وستبقى محطة عظيمة من محطات مواجهة التحديات الاستعمارية الإسرائيلية والأميركية، والتحديات الفلسطينية الداخلية، وحتى في رسمها لآفاق المستقبل. لكن ليس هذا هو بيت القصيد من مقالتي اليوم، إنما أردت التوقف عند جوانب ساهمت في نجاح دورة المجلس العادية الـ 23.

كما ذكرت، لن أتحدث عن تفاصيل البيان الختامي، ولا عن الإعلان السياسي الهام، ولا عن البرنامج وتجديد الهيئات القيادية، لكني سأسلط الضوء على بعض النقاط الهامة، التي كان لها وقع وأثر هام في نفوس الأعضاء، وساهمت إسهاماً إيجابياً في نجاح المجلس الوطني، منها: أولاً إلغاء كافة الإجراءات، التي طالت الموظفين في محافظات الجنوب، التي وجدت انعكاساً مباشراً بالتصفيق والهتاف للموقف، الذي أعلنه الأخ أبو مازن بصرف كل المستحقات المالية للموظفين في قطاع غزة. وتعاظمت أهمية هذه الخطوة بتثبيتها في نص البيان الختامي؛ ثانياً إيلاء القدس العاصمة الاهتمام، الذي تستحق على كل الصعد والمستويات، وتبني توجه توحيد المؤسسات والهيئات الفلسطينية العاملة في العاصمة الأبدية؛ ثالثاً سعة المساحة الديمقراطية، التي أتيحت لأعضاء المجلس للتعبير عن أنفسهم بالشكل والطريقة، التي ارتؤوها مناسبة، حتى أن بعضهم خرج عن المألوف، ومع ذلك تعاملت رئاسة المجلس بشكل ديمقراطي وإيجابي، رغم التوتر النسبي، الذي حدث أثناء بعض المداخلات الانفعالية والتوتيرية؛ رابعاً اهتمام اللجنة الإدارية واللوجستية المشرفة على تأمين مستلزمات ومتطلبات أعضاء المجلس المشاركين في أعمال المجلس طيلة الأيام الأربعة وعلى مدار الساعة، بالإضافة لتوفير الخدمات الغذائية والتموينية وتفاصيل الضيافة، حيث بذل جميع موظفي الرئاسة من النساء والرجال جهوداً مضاعفة كل في مجال اختصاصه بهدف إنجاح أعمال الدورة. ولم ألحظ في الجانب الإداري اللوجستي ثغرة، لا بل العكس صحيح، لاحظت نجاحاً وتفوقاً في التفاني لتأمين أفضل شروط النجاح لأعمال الدورة؛ خامساً استيعاب الأعضاء للثغرات والأخطاء التفصيلية، التي وقعت هنا أو هناك في جوانب العمل طيلة أيام المجلس الوطني. وتجاوز الهنات والإرباكات، ولكنهم لم يحيدوا للحظة من اللحظات عن الدفاع المستميت عن مواقفهم ووجهات نظرهم؛ سادساً التعامل الإيجابي جداً من قبل الأعضاء وموظفي الخدمات مع المحاربين القدماء والمرضى، من جيل الرواد بكل الود والاحترام والتقدير، وتأمين كل سبل الراحة لهم داخل وأثناء انعقاد جلسات المجلس وحتى أثناء الاستراحات أو الدخول والمغادرة من وإلى مقر انعقاد المجلس؛ سابعاً كان حضور الرفيق عبد الرحيم ملوح، عضو اللجنة التنفيذية السابق للمجلس ذا أثر بالغ في نفوس الأعضاء ورئاسة المجلس الوطني، ووجد صدى إيجابياً واسعاً انعكس بالتصفيق وقوفاً للرجل المناضل، الذي لا يقوى على الوقوف أو المشي، ومع ذلك أصر على الحضور وتسليم وجهة نظره لرئاسة المجلس، التي لم يحد فيها عن موقف رفاقه في الجبهة الشعبية قيد أنملة، ثامناً التغطية الإعلامية المميزة لإعلاميي هيئة الإذاعة والتلفزيون المتواصلة على مدار الأيام الأربعة، الذين تابعوا دون كلل أو ملل مهامهم كما يليق بمهنة المتاعب، وكأنهم في معركة إثبات وجود، ونجحوا في تأكيد حضورهم المميز.

هناك الكثير من الملاحظات الإيجابية والهامة، التي يمكن الحديث عنها، وكان لها إسهام مباشر في إنجاح أعمال الدورة الـ 23 للمجلس الوطني، لكني اكتفيت بما أوردت، اعتقاداً مني أنها الأهم. الجميع تفوق على نفسه ليكون المجلس الوطني منبراً ومناخاً ملائماً لعمل ومساهمة الأعضاء، ونجاح رئاسة المجلس في تحقيق الهدف المبتغى من الدورة. شكراً لكل من أسهم في نجاح دورة المجلس الوطني العادية الـ 23 فلسطينياً أو عربياً أو أجنبياً.