رام الله 12-7-2015 - يامن نوباني / بعد 33 عاما من الاعتقال، يأتي عيد الفطر السعيد لهذا العام 2015 ليكون العيد الـ65، للأسيرين كريم يونس وابن عمه ماهر يونس، من بلدة عارة في أراضي 1948، وهما خلف قضبان وأسوار سجون الاحتلال.

ومضى الأسيران يونس في سجون الاحتلال أكثر من عمريهما بـ8 سنوات، فقد وُلدا في العام 1958، واعتقلا في كانون الثاني 1983.

وأفاد تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بأن 5840 أسيرا سيمضون عيد الفطر خلف القضبان، بعيداً عن أهلهم وأطفالهم وزوجاتهم وأصدقائهم، في 18 معتقلا ومركز توقيف احتلالي، منهم 22 أسيرة، 11 منهن متزوجات، إضافة إلى 250 طفلا قاصرا، و30 أسيرا معتقلا ما قبل اتفاق أوسلو، بينهم 16 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 25 عاما.

وأضاف التقرير أن 2680 أسيرة وأسيرا متزوجون يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي سيكونون غائبين عن مناسبة عيد الفطر، ولن يشاركوا عائلاتهم وأطفالهم بهجة العيد.

وبين رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، لـ'وفا': أن 17 أسيرا مريضا سيقضون عيدهم على أسرّة مستشفى سجن الرملة مقيدين بالسلاسل الحديدية، يعاني معظمهم من شلل وحالات إعاقة نتيجة الإصابة بالرصاص، كما توجد بينهم حالات أمراض سرطانية، وأمراض مزمنة وصعبة، بينما هناك أكثر 1500 حالة مرضية في مختلف سجون الاحتلال.

وأضاف قراقع أن العيد في داخل السجن مُر وقاسٍ، وإدارة السجون لا تراعي المناسبات الدينية والاجتماعية للأسرى، وتمنع صلاة العيد الجماعية في السجن، وتمنع إدخال الحلوى والمواد الغذائية الخاصة بالمناسبات، ورغم ذلك فإن الأسرى يحاولون التغلب على واقعهم الصعب، بالقيام بطقوس بسيطة تتمثل في صلاة العيد، وزيارات داخلية بين الغرف، وتهنئة بعضهم البعض، وصناعة الحلويات الخفيفة والبسيطة، موجهين رسالة إلى إدارة السجون بأن من حقهم الاحتفال بالعيد، ويملكون الأمل ليكون عيدهم القادم هو حريتهم.

وأضاف:، هناك الكثير من البيوت الفلسطينية يمر عليها العيد صعبا جدا، وقاسيا، كبيت الأسيرين الزوجين إبراهيم إغبارية ومنى قعدان، والأسيرة المحررة منذ أسبوعين فقط سماهر زين الدين، حيث تركت خلفها في الأسر زوجها نادر زين الدين، وأشقاءها الثلاثة: نزيه وأحمد وعبد الرحمن عثمان، إضافة إلى عائلة أبو حميد من مخيم الأمعري والتي تضم أربعة أسرى أشقاء يقضي ثلاثة منهم أحكاما بالسجن المؤبد.

 

ليلى العيساوي: عُمري 67 عاما، وقضى أبنائي في الأسر 64 عاما

بصوتٍ مرتجف وحنون، ترد على هاتفها، وتقول: نعم أنا أم الأسرى سامر ومدحت وشيرين العيساوي.. لتربكك من أين تبدأ، وماذا تقول، فتلجأ سريعا إلى تلطيف جو المكالمة بينكما بالدعوات إلى الله، وشد الهمة.

تقول أم رأفت والمشهورة بـ'أم سامر العيساوي': منذ العام 1987 وبيتي لا يجتمع فيه أبنائي الستة دفعة واحدة لثلاثة أشهر متتالية، عدا آخر مرة خرج فيها ابني سامر، ولم تدم طويلاً، والآن هناك ثلاثة داخل السجن، وهم سامر ومدحت وشيرين، وثلاثة خارجه وهم: رأفت وشادي وفراس، ومنذ يومين فقط اقتحم الاحتلال بيتنا بحثا عن شادي، بينما رأفت غائب عن البيت منذ 5 أشهر، لأنهم يريدون اعتقاله أيضا.

وتضيف: اعتقلوا رأفت في شتاء العام 1987، قالوا لي: سنأخذه ساعة فقط، فأخذوه عاما كاملا، وهو طفل في الرابعة عشرة من عمره، وكانت الأجواء باردة جدا، ومنذ ذلك الوقت ونحن في البرد، فأبنائي ولد شهيد وثلاثة في السجون واثنان مطاردان، وفقط فراس الآن مع عائلته وبيته. لم يتبقَ في البيت إلا أنا وزوجي الكبير في العمر، وكلانا مصاب بما يكفيه من الأمراض. نفتخر ببيتنا، لكننا لا ننكر كآبته الشديدة، تمضي أوقات طويلة من اليوم ونحن شاردين في التفكير بأبنائنا، ولا نملك لهم إلا الدعاء.

تصمت أم سامر قليلا، وبعد تنهيدة طويلة تقول: لا عيد لنا، لا عيد دون أبنائي وأطفالهم وزوجاتهم. العيد هو أن يملأ الضجيج بيتي، عمري الآن 67 عاما، بينما اعتقل أبنائي بما مجموعه 64 عاما، فأين العدل في الحياة، أين هي حياتي مع أبنائي بينما العمر يمر سريعا، لم أعش معهم طفولتهم ولا شبابهم، ولا حتى في كبرهم ومع زوجاتهم وأطفاله. زوّجنا مدحت ليستقر، لكن الاحتلال لم يتركه يهنأ بذلك لأكثر من ثلاثة شهور، والى اليوم يخرج شهرين ويعتقلونه عاما وعامين.

لا ضجيج للعيد في بيوت من ضجوا من الاحتلال، فقاوموه، ومن عانوا ويلاته، كبيت أم سامر العيساوي، وبيوت مئات العائلات الفلسطينية، خاصة تلك العائلات التي ودعت منذ زمن قريب، شهيدا، أو شهداء، أو اعتقل ربّ الأسرة، أو ابنا واحدا أو أكثر، عيدهم جمعتهم، وحلواهم حريتهم.