يطرح الوسطاء المصريون مقترح لهدنة وتبادل الأسرى، يتضمن المقترح ٣ مراحل؛ في مرحلته الأولى هدنة إنسانية مدتها عشرة أيام تقوم حماس خلالها بالإفراج عن كافة المدنيين المحتجزين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كما تتضمن المرحلة الأولى أيضا وقفا لإطلاق النار في كل أنحاء قطاع غزة من الجانبين على أن تنتشر القوات الإسرائيلية بعيداً عن التجمعات السكنية وتسمح بحركة المواطنين من جنوب القطاع إلى شماله، بما في ذلك حركة السيارات والشاحنات.


كذلك تشمل هذه المرحلة وقف كل أشكال التحليق الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك طائرات الاستطلاع، كما يضمن تكثيف إدخال المساعدات في هذه الأيام لتوفير الحاجات الإنسانية والإغاثية، بما في ذلك إلى مناطق الشمال.

أما المرحلة الثانية، فتمتد لمدة ٧ أيام، وتشمل الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حماس مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين يتفق عليه الجانبان. المقترح يشمل في مرحلته الثانية أيضا تسليم كافة الجثامين المحتجزة من الجانبين منذ السابع من أكتوبر، وفق ذات المعايير والإجراءات في المرحلة الأولى.

بينما المرحلة الثالثة من المقترح يجري خلالها التفاوض لمدة شهر حول إفراج حركة حماس عن كافة الجنود المحتجزين لديها مقابل إفراج إسرائيل عن عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين.

إذا المُقترح مدته شهر ونصف يأتي على شكل مراحل ويتمحور حول إطلاق سراح الرهائن في ظل هُدن إنسانية مؤقتة.


الموقف الفلسطيني واضح وصريح حول ضرورة وقف كامل لإطلاق النار وتبييض السجون بينما المبادرة تتلخص بهدن مؤقتة وتتمحور حوّل إطلاق سراح الرهائن مقابل عدد من الاسرى.


يدرك الوسطاء جميعاً بدءاً بمصر والولايات المتحدة وقطر ان دولة الاحتلال ونتنياهو بالتحديد تتبنى سياسة مفاوضات ميكاڤيلية حيث تماطل لشراء الوقت على حساب الدم الفلسطيني وخدمة لمشروعها الكولونيالي القائم على مصادرة الارض والضم والاستيطان.


بعد ٣٠ عام من عملية السلام، الدرس البديهي الذي يجب ان يتعلمه الفلسطينيون هو رفض الحلول الانتقالية والمجتزأة.
في حين يحاول الاسرائيليون والأمريكان التركيز على التفاصيل وهدف إطلاق سراح الاسرى، يرى المفاوض الفلسطيني ان هذه فرصة بعد ٧٥ عام من الاحتلال الاستعماري وبعد تجربة ٣٠ عام تحت اطار عملية السلام والدبلوماسية والحوار، ليس من الحكمة الضياع في التفاصيل. الحكمة اليوم تتطلب التعامل مع الإطار العام والشامل والبدء بانهاء الاحتلال العسكري الاسرائيلي ورسم حدود دولة الاحتلال، أما ما ترتكز عليه المبادرة المصرية من خطوات تفصيلية ما هو إلا انعكاس لمماطلة وسياسة مكيافيلية لن تخدم السلام في المنطقة ولن تحقق طموح الشعب الفسطيني في التحرر وتقرير المصير.
يقول البعض لمَ لا يقبل الفلسطينيون الان بهذه المبادرة، على فترات لوقف اراقة الدماء ؟


لقد عاني قطاع غزة من ٥ حروب في العقد ونصف المنصرم، عام ٢٠٠٨، ٢٠١٢، ٢٠١٤، ٢٠٢١ و٢٠٢٣، إذاً، الدم الفلسطيني مُستباح أمام الة الإجرام الاسرائيلية، دولة الاحتلال تستهدف كل ما هو مدني كل ما هو فلسطيني وتستهدف حق الشعب في السيادة والتحرر والاستقلال، تقهر المدنيين وتخنقهم وتحرمهم من ابسط حاجات الإنسان تحت اطار سياسة النيكروبوليتكس في التجويع والحرمان تريد تهجير المدنيين قسراً وتحويل الفلسطينيين لأقليات لا تتمتع بالحقوق السياسية تريد نقلهم وضم ما تبقى من الارض، في كل حرب سابقة، كانت تنتهي بمشاريع إعادة الإعمار وملايين الدولارات حتى تعود إسرائيل وتقصف وتدمر كل ما تم إعماره! تكرار هذه التجارب غير مقبول، من يريد الحديث عن اي أفق للسلام عليه ان يتبنى رؤية شمولية حوّل انهاء الاحتلال وتجنب الانصياع للحلول المؤقتة والمجتزأة التي أكسبت دولة الاحتلال الوقت والسمعة الطيبة في مشروعها الاستيطاني الذي لم يتوقف للحظة!


في الحديث عن حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، لا بد من التذكير ان هذه حقوق متفق عليها وحسب قرار مجلس الامن ٢٧٢٠ الاخير، هذا قرار مُلزم بمسؤولية أعضاء المنظومة الدولية جميعاً أخلاقياً وقانونياً لتوفير المساعدات وحماية المدنيين؛ المفاوضات للأمور السياسية، أما أمور المساعدات فهي إنسانية وبديهية متفق عليها وليست مُدعاة للتفاوض او استجداء نتنياهو!


في الوساطة نذكر ان أدوات حل الصراع السلمية متعددة منها الوساطة والمفاوضات وغيرها وهدفها تقريب وجهات النظر وإيجاد حلول وسط ترضي الطرفين على أساس قاعدة الربح ربح لطرفي النزاع وليس خدمة لمصالح طرف على حساب طرف آخر ولهذا نظرياً نتوقع ان يكون الوسيط طرفاً ثالثاً مُستقلاً قوياً محايداً بعض الشيء لا تتأثر مصالح دولته مباشرة من إحداثيات الصراع وأطرافه.