الحديث عن الانقسام الفلسطيني، بالإشارة إلى "حماس" وحدها، يبقى مبتوراً إذا لم تتم الإشارة أيضاً إلى "تحالف القوى الفلسطينية" الذي ما زالت أطرافه خارج منظمة التحرير الفلسطينية، علماً أن طرفين من التحالف، كـ"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، و"الصاعقة"، عضوان في الإطار القيادي الفلسطيني برئاسة محمود عباس، ويشاركان في مؤتمرات الحوار الوطني التي انعقدت في القاهرة على مدى السنوات الماضية.

إطار "التحالف" تشكل في الثمانينات، من القرن المنصرم، في ظروف فلسطينية وعربية شديدة التعقيد، حاول خلالها أن يوفر لنفسه "الضرورة التاريخية" لهذه الولادة. تجربته، الطويلة، شهدت تقلبات عديدة، أهمها دخول "حماس" الاطار، ثم خروجها منه، ليس بسبب خلافات فلسطينية بل في ضوء الموقف من القضية السورية، لكنها تجربة لم تنتج نموذجاً بديلاً من تجربة منظمة التحرير الفلسطينية فلم ينجح هذا الاطار، في بناء بديل من المنظمة، لانسداد الأفق العربي والدولي أمام خطوة كهذه، كذلك لم ينجح في تقديم تجربة بديلة من تجارب المنظمة، ان في بناء المؤسسة، او اتحاداتها الشعبية من عمال ومرأة وكتاب وصحافيين وغيرهم. وفي السنوات الأخيرة تقلص نفوذه ليبقى محصوراً في لبنان وسوريا، ولم ينجح في التمدد نحو الضفة الفلسطينية والقطاع، إلا لـ"القيادة العامة" و"الصاعقة" (في قطاع غزة خاصة).

الأصول العلمانية لأطراف التحالف تجعل المسافة بينه وبين منظمة التحرير الفلسطينية أقصر بكثير من تلك التي بين المنظمة و"حماس". فضلاً عن أن اثنين من أطرافه ساهما في بناء هذه المنظمة وكانت لهما فيها عضوية نشطة. أما باقي أطرافه (التحرير الفلسطينية - جبهة النضال - فتح الانتفاضة) فهي نتاج حركة انشقاقية أصابت التنظيم الأم، ما يعني أن تعقيدات "الازدواجية" في العنوان والتي ما زالت تعوق أقنية التواصل بين الفصائل بشكل واسع، يمكن معالجتها بتعديلات والبحث عن حلول هي أساساً في متناول اليد، لكنها تحتاج الى قرار من قبل الجهات المعنية.

خلاصة الكلام، ان تجربة "التحالف" والتي لم تنتج البديل من منظمة التحرير، باتت تتطلب مصارحة الذات بأن هذا الإطار فقد جدوى بقائه خارج المنظمة، خاصة أن التجربة أكدت ضرورة خوض الصراع السياسي للتصويب وتبني البدائل، من داخل المؤسسة لا من خارجها، وان كل جهد من "الخارج" هو في معظمه جهد ضائع.

هذه دعوة لأطراف "التحالف" لمراجعة نقدية جريئة، وصريحة. فإذا كان من المعيب سياسياً على "حماس"، أن تتمسك بسياستها الانقسامية، فإن الواجب الوطني يملي على "أطراف التحالف الوطني"، تجاوز العقدة التي ما زالت "حماس" تضعها في طريق توحيد الحالة السياسية الفلسطينية.