الكولونيالية الاسرائيلية مارست ابشع اشكال القهر والتنكيل والموت ضد الصحافة والصحفيين الفلسطينيين منذ قامت دولة التطهير العرقي في فلسطين على انقاض نكبة شعبها. ونكلت بكل الاصوات الوطنية من خلال القوانين العسكرية الجائرة في العام 1948 حتى اواسط الستينيات من القرن الماضي. ولاحقت، وتلاحق حتى الآن داخل الخط الاخضر كل صوت ومنبر وطني وديمقراطي عربي او إسرائيلي بوسائل واساليب مختلفة.
وفي يوم الصحافة العالمي، الذي حرصت نقابة الصحفيين الفلسطينيين على إحيائه برفع الصوت عاليا ضد إجراءات وانتهاكات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية في مدينة بيت لحم، مهد المسيح امس الاول الجمعة، قامت قوات جيش الموت الاسرائيلي وحرس الحدود باطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز، كما استخدم ضباط وجنود الاحتلال الهراوات وابشع واقذع العبارات ضد المشاركين في الفعالية واوقعوا في صفوفهم عدداً من الاصابات من بينهم النقيب الدكتور عبد الناصر النجار. وهذا دليل جديد يضاف للسجل الاسرائيلي الاسود في قمع حرية الصحافة الفلسطينية؛ ويؤكد أن دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، ليست معنية بالالتزام بالتقيد بالقوانين والنظم الدولية، التي تكفل حرية التنقل والعمل للصحفيين، لا بل انها تقوم بتضييق الخناق على اي مؤسسة إعلامية او صحفي يود تغطية الاخبار والتطورات الجارية على الارض الفلسطينية او داخل دولة إسرائيل، ولا تعترف ببطاقاتهم الصحفية حتى لو كانت بطاقات صادرة عن الاتحاد الدولي للصحفيين، وتمنعهم من السفر من والى الوطن الفلسطيني تحت ذرائع وحجج واهية لا تمت للحقيقة بصلة.
كما انها في زمن الحروب، التي تشنها على محافظات الوطن لا تتورع عن قصف مقرات المؤسسات الاعلامية او الصحفيين، الذين يقومون بتغطية الحروب الاجرامية الاسرائيلية، رغم انهم يحملون إشارات صحفية دالة على هويتهم ومواقعهم، لكن إسرائيل لا تعبأ بذلك، وفي الحرب الاخيرة قتلت إسرائيل 17 صحفيا، ودمرت عشرات المنازل المملوكة لعائلات الاعلاميين، وقامت بتدمير الاجهزة والمعدات التابعة للصحفيين، وسطت على الترددات التابعة للمحطات المرئية او المسموعة الفلسطينية من خلال قرصنة قطعان المستوطنين في الاراض المحتلة عام 1967 خاصة في الضفة والقدس.
الحرب الاسرائيلية ضد الصحافة والصحفيين الفلسطينيين نهج ثابت في سياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، الامر الذي يفرض على المؤسسات والاتحادات الاقليمية والدولية ذات الاختصاص التصدي لجرائم دولة الابرتهايد الاسرائيلية. واتخاذ ما يلزم من القرارات والاجراءات القانونية والاعلامية بمقاطعة المؤسسات الاسرائيلية الرسمية والمتساوقة مع سياسات حكومات تل ابيب المعادية للحرية والديمقراطية، مع انها تدعي أنها «الواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط!»، لكن جرائمها المتواصلة ضد ابناء الشعب الفلسطيني عموما والصحفيين والمنابر الاعلامية عموما، تؤكد ان الديمقراطية براء من إسرائيل وسياساتها، بل انها دولة لصيقة الصلة بالارهاب والجريمة المنظمة وقمع الحريات، وانتهاك حرمات شعب يرزح تحت نير احتلالها على مدار خمسة عقود خلت، فضلا عن النكبة أس البلاء في تشريد وطرد ملايين الفلسطينيين من اراضيهم وديارهم، لذا تملي الضرورة على كل المؤسسات الاممية اتحادات ومنابر العمل رفع الصوت عاليا لتعزيز عملية العزل لها في كافة المحافل والمنابر الاقليمية والدولية، والضغط عليها كي تنصاع لخيار السلام وضمان حرية الصحافة والصحفيين في فلسطين في العمل والتنقل والسفر من والى الوطن، والاعتراف ببطاقاتهم النقابية، وعدم التعرض لهم او لمقراتهم.. معركة الحرية للصحفيين الفلسطينيين جزء لا يتجزء من حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.