في العالم 2014 ظهرت "داعش" في العراق وسوريا، وانفصلت عن خليفة الله في الأرض أيمن الظواهري، وتمددت حتى بويعت في الشرق والغرب، ولم يشذ "أبو بكر شيكاو" عن المبايعين فأصبحت (بوكوحرام) نيجيريا فرع القاعدة هناك. فماذا تريد "داعش"؟
باعتقادي أن تنظيم ما يسمى نفسه " الدولة الاسلامية" في تمدده في ليبيا وغيرها يسعى للأمور التالية.
هو يسعى لتثبيت حكم ابراهيم بن عواد بن ابراهيم البدري السامراني الشهير بكنية أبو بكر البغدادي من خلال استراتيجية (التوسع) الجغرافي والبشري على اعتبار أن حربهم ضد المجتمع الكافر (وهو مجتمع المسلمين) وضد الصليبيين معا، لذا فإن لوصولهم الى البحر المتوسط ومقابل روما معنى تاريخي لديهم يرتبط بمعني (دابق) في التاريخ العربي الاسلامي. 
كما أن تثبيت السلطان والخلافة والاستبداد والهيلمان يرتبط أيضا (بالفكر النصوصي الجامد) الظلامي الذي ينكر التطور، وأسس الفقه الاسلامي، كما يرقص انجازات علماء المسلمين فيما توصلوا إليه من حداثة وتنور، وأيضا لتثبيت هذا الحكم المطلق لا بد من (البيعة) في كل مكان ما يتفق مع مفهومهم النصوصي الظلامي.
وبلا شك أن كثيرا من المنتمين لفكر داعش – القاعدة مؤمنين لا يختلفون البتة عن ايمان الخوارج الذين كانوا يصلون الليل بالنهار في الدرس والتلاوة وربما العبادة، لكنهم من الضحالة الفكرية وافتقاد الرؤية والمنهج، وبالتالي التعصب، وأيضا عدم التعليم لكثير منهم ما جعلهم غلاة متطرفين لا يفقهون إلا ظاهر النص وفتاوى أئمة الشر فيهم، وهذا الفكر الماضوي السلفي الأعمى هو ما يلتقطه المجندون الجدد الذين صُدموا بحضارة الغرب وتخلف الأمة وواقعهم هم، فاخترعوا كون المجتمع والآخر عدوا لهم، دون العلم والثقافة والتطور والاقتصاد ووحدة الكلمة الأوجب أن يطرقوا سبيله.
ولا يأتي تثبيت السلطان والفكر إلا بالقوة والجبر والقسوة كما يرى هؤلاء، وهم الى ذلك استعانوا بانتهازية مفرطة بعدد كبير من الحاقدين الأشداء من رجالات وجنرالات حزب البعث المنحل في العرق والذين يشكلون عصب التوحش مع أصابع لا تخفى على أحد للمخابرات العربية والغربية معا.
إن ابراهيم البدري (أبو بكر البغدادي) في صراعه المحتدم مع أيمن الظواهري على الفكرة والأرض والخلافة وصراع الأجيال بينهما، يتصارع أيضا على الناس والتجنيد والانتشار، وكأنها مباراة في التوحش تماما كما كان الحال في انشقاقات الخوارج في جسد الأمة كل منهم يتبارى بالبطش والتشدد والتطرف، تقربا الى الله من قناة القائد الأرضي ممثل الخالق جل وعلا.
بلا شك أن القاعدة وداعش وبتيارات التكفير الأخرى، التي نشأت منذ بروز مدرسة بل جامعة افغانستان عام 1979 نستند لفكر خلاصي خرافي يتوهم ويؤسطر الدين ويضعه في سلة المأمول، مستندين لما قدسوه من تراث "انساني" مليء بالغث كما السمين.
إن كل ما سبق بلا شك يشكل تساوقا سواء أكان بترتيب أو بلا ترتيب مع المطامع الغربية في الأمة لكي تكون منهزمة دوما.
إن العقلية الاستئثارية الرأسمالية الاستعمارية الغربية التي تتحكم بكثير من عقول الساسة ومواقفهم وسياسات أحزابهم تريد من امتنا العربية الاسلامية أن تظل أمة (مستهلكة) اقتصاديا وإعلاميا وأن تظل (مستنزَفة) منقوصة علميا وصناعيا وزراعيا وعسكريا وأمة (ماضوية) أسطورية لتمثل شريطا (فيلما) قديما من فجر التاريخ يشاهده الغرب الحضاري فيضحك عليه ويتجنبه ويستفيد من أرباحه فيه، وما ذلك إلا في رعب (صراع الحضارات) الذي كان الأجدر أن يكون تسامحا وحوارا وتلاقح الحضارات، لذا وقعت حالة من التلاقي المخطط لها ليتم سهولة السيطرة والاستغلال وإدامة هذا الاستكبار على الأمة.
إن التيارات المتطرفة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وكل جسد الأمة، ما هي في حقيقة الأمر إلا برغي في ترس الفكر الاستعماري الغربي وعلى رأسه الأميركي، ما يستدعي منا كأمة على رأسها مصر اليوم أن تتصدر الأمة وتقود. 
إن مصر نبض الأمة التي أراها تأخذ بيد الشعب والجماهير رويدا رويدا في طريق النهضة، في نقاط خمس:
- تبرز مصر نفسها اليوم كنموذج للدولة المدنية العلمية، للدولة الوطنية ذات الامتداد القومي والإسلامي والمتسامح.
- تعيد الاعتبار لفكر المسلمين المعتدل والوسطي والمتسامح عبر الأزهر الشريف.
- تقوم بمحاربة التطرف ومنظماته وتحاصر داعميه ومروجيه على منابر الاعلام والمساجد وفي المجتمع.
- تبني تحالف جديد عربي وعالمي مناهض للعقلية الاستعمارية الاستئثارية.
- تثبت بلا جدال أن مصر والأمة والدين لا يمكن أن تعيش وتتطور إلا بالعمل والعلم والوحدة فاللواء قد رفع ومن لم يره سيظل في ظلمته يتخبط.
إن دخول ليبيا بقوة على خط الإرهاب والتطرف قد وحد هذه الامة المنكوبة بالظلام، الذي أخذ يلفها ويأبى أن يفارقها، وكما أسهم الآخرون في إحداث حالة الإظلام هذه فينا انتصارا لمصالحهم، فلقد أسهمت بذلك -أيضا وبلا جدال- بيئتنا المريضة بالجهل والطائفية والفقر والاستبداد ونكران العقل والفكر والحوار ومخزون الفساد. 
إلا أن شمس الاسلام دوما مشرقة ومن يعمى عن رؤيتها سيعيش دوما في ظلام ما حبس ذاته فيه، وما علينا نحن الا حسن الاستفادة من سطوع الشمس.