برأيك ما هو الدور الذي أداه الرئيس الشهيد ياسر عرفات في عملية النضال الفلسطيني؟
رغم السنوات العشر التي مرَّت على استشهاده، لم نزل نصر على حضوره بيننا وفينا. فالشهيد القائد والرمز ياسر عرفات وقبل أن يغادرنا استكمل رسم وتحديد خارطة مستقبلنا النضالي والسياسي، بحيث أصبحت مفرداته وثوابته قانونًا ملزمًا لكل من أتى وسيأتي من بعده.
الرئيس محمود عباس اعتبر ثوابت ياسر عرفات وصايا واجبة التطبيق. كذلك فإن الاجماع الفلسطيني، على اختلاف مواقفه، لم يستطع تجاوز تلك الثوابت، نظرًا لاتصالها العميق بالحد الأقصى من الواقعية، ولأنها التتويج النهائي لدولة الاستقلال الموعودة.
قبل هذا الرجل كنا شتاتًا في مجاهل المنافي، مجرد أعداد من الجائعين والمشرّدين الذين يحتاجون إلى المأوى والغذاء. لكننا ومنذ إعلان الشهيد ياسر عرفات مع ثلة من اخوته الكبار إطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، بتنا الرقم الصعب في معادلة المنطقة وعلى قمة الثورات في العالم.
فياسر عرفات ومن خلال ثورتنا المجيدة أعاد للهوية الفلسطينية ألقها ومكانتها بين هويات دول العالم، ورغم استمرار نضالنا من اجل الحرية والاستقلال، إلا ان فلسطين في المعادلات الكيانية والوطنية باتت أكبر وأبعد من جغرافيا الكثير من الكيانات والأوطان. يكفي أن هوية ياسر عرفات أصبحت شعارًا ورمزا لكل حرٍّ في هذا الكون الواسع، ويكفينا فخرًا أنه بمجرّد رؤية تلك الكوفية يعرف القاصي والداني أنها كوفية ياسر عرفات- أي فلسطين.
إن الحديث عن أبي عمار يطول ويطول، لجهة الروح الأبوية التي تحلّى بها، ولجهة الكاريزما القيادية التي لا يمكن أن تشبهها أيه كاريزما أخرى، ولجهة الحرص على الشعب والقضية معًا، ولجهة رعايته ودعمه للتنوع وتشديده على حرمة الدم بين أبناء الشعب الواحد، ولجهة دعمه غابة البنادق وحسمه خيار الوحدة الوطنية.
فالعدو قبل الصديق يقرُّ بقوة وصلابة هذا الرجل، وبقدرته على ايصال صوت القضية إلى أعلى وأرفع المواقع. فهو لم يدّعِ مرة قدرته على ازالة الكيان الصهيوني من الوجود، إنما كان يدين الظلم الصهيوني المتجاوز لكل الخطوط والقوانين والأعراف الإنسانية. ومن خلال ذلك كان يعتبر أن الظلم الذي أصاب اليهود على أيدي النازيين لا يبرر ظلمهم لنا وتنكُّرهم من حقوقنا الواضحة غير القابلة للنفي والتصرف.

ما هو بنظركم واجبنا كأبناء أوفياء لحركة "فتح" وللرئيس الشهيد ياسر عرفات؟
بما أننا في حركة "فتح" أكثر من تشرّب أفكار هذا الرجل الكبير، فإن واجبنا الدائم هو الاقتداء برمزيته النضالية والوطنية يخفف عنا الكثير من الأعباء والارباكات التي قد تحصل هنا وهناك. وما تشدّدنا في مسألة المصالحة الوطنية وحذرنا من الوقوع في فخ معاملة الآخرين بالطريقة التي تتم معاملتهم لنا إلا دليل فهم عميق للمحاذير التي أرساها فينا الرمز الشهيد ياسر عرفات.
كذلك من واجبنا التماثل فيه في مسألة الحفاظ على حركتنا- فتح- بصفتها الطليعية وبصفتها المدرسة النضالية التي تستطيع ابتكار الأسلوب النضالي المناسب لكل مرحلة وظرف. وبذات القدر تُلزِمنا مدرسة الشهيد ياسر عرفات دعم وترسيخ منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثّل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني. فامتحان أي من القوى الفلسطينية يتوقف على مدى التزامه شرعية المنظمة واستعداده الانتساب إليها والنضال من خلال برنامجها.
أخيرًا لا بد من إشارة إلى ثقتنا بشعبنا العظيم القادر على النضال من خلال رمزية قائده التاريخي ياسر عرفات، أيًا كان اقترابه او ابتعاده عن برنامج حركة التاريخ، فتح، تلك الحركة الفريدة التي لا تحسب أنها ملك المنتسبين إليها فقط، بل هي الاختصار العملي للتنوع الفلسطيني على مساحة وجوده كلها.