بقلم: بدوية السامري

ركن محمد نجار مركبته وبصحبته اثنان من أبنائه (عمرو 10 سنوات وأحمد 6 سنوات) في أحد شوارع قريته بورين جنوب نابلس، بعد اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لها يوم الاثنين الماضي، خشية أن يعترض له الجنود في طريق عودته إلى المنزل.

تلقّى اتصالاً من زوجته التي كانت ترتجف خوفًا عليهم بعد أن علمت باقتحام القرية، وأوصته بأن يبقى في مكانه حتى يغادر الاحتلال.

وبعد وقت قصير، تحرك بمركبته بعد أن لاحظ أن هناك حركة للمركبات والمواطنين، وعند وصوله إلى وسط القرية، انهمر وابل من الرصاص من عدة جهات صوب مركبته، وبذهول شديد شاهد رصاصة تخترق رأس نجله عمرو.

تنهّد محمد، وقال: رأيته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فخرجت من المركبة  وأنا أصرخ: قتلوا الولد.. قتلوا الولد.

نجله الآخر أحمد (7 سنوات) هرب باتجاه منزل قريب ليحتمي من رصاص الاحتلال الذي كان دويه قويا، فيما أن نية القتل كانت واضحة بسبب الرصاص الكثيف كما يؤكد.

يتساءل محمد، ما الذنب الذي ارتكبه عمرو ليُقتل بهذه الوحشية؟.

هبّ شبان من القرية لإنقاذ الوالد وأبنائه، غير آبهين بكمية الرصاص التي تحيط بهم، وخلال لحظات، أصيب الشاب محمد محمود عيد برصاصة في الصدر، إذ أُعلن استشهاده مساء أمس الأربعاء متأثرا بإصابته، بينما اعتدى جنود الاحتلال على ثالث بالضرب عندما حاول الاقتراب من مكان الطفل الشهيد، كما اعتقلوا طفلا آخر.

ويقول الناشط في حقوق الإنسان منير قادوس: لم يكن الرصاص عشوائيا، بل كان بهدف القتل، كل شيء تغير بعد السابع من تشرين الأول من العام الماضي، فقد أصبح الرصاص موجها وقاتلا.

ويضيف: كان الجنود التسعة مقنعين، ستة منهم بلباس الجيش، وثلاثة يلبسون زيا مختلفا، كما رأيتهم قبل دقائق من استشهاد عمرو.

وعن عمرو يتحدث والده، كان ابنا وصديقا رغم صغر سنه، وهو بكري وأول فرحتي وقبل استشهاده بيوم أهداني ورقة مكتوبا عليها "أحبك يا بابا".

تحضتن والدته الورقة وتقول، قبل أيام زرته في المدرسة، فقال لي معلمه إنه طالب مؤدب وخلوق.

كانت تنتظر أبناءها يوميا على الشارع الرئيسي خوفا عليهم من اعتداءات المستعمرين، فمنزلهم يقع قرب مستعمرة "يتسهار".

ويقول رئيس مجلس قروي بورين إبراهيم عمران، إن عمرو هو الشهيد الطفل الثاني في القرية منذ بداية العدوان على غزة، إذ سبقه استشهاد الطفل معتز عيد في الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام الماضي.

وأشار إلى أن اعتداءات المستعمرين وجنود الاحتلال أصبحت أكثر شراسة، فأصبحنا غالبا لا نفرق بين مستعمر وجندي، خصوصا بعد أن أصبح هناك تشابه كبير في الزي واللباس، محذرا من أساليب جديدة للاعتداءات.

ولفت عمران إلى أن القرية التي تتكون من 18 ألف دونم، يقع 12 ألف دونم منها في المناطق المصنفة (ج)، ومقام عليها عدد من المستعمرات والبؤر الاستعمارية، ومعسكرات الجيش، ومنذ سنوات تعاني اعتداءات المستعمرين التي تشمل مهاجمة المواطنين والمنازل، وحرق الأشجار وتقطيعها، والاستيلاء على الأراضي.