المسجد أو الحرم الإبراهيمي الواقع في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية هو ثاني أهم معلم إسلامي بالنسبة للفلسطينيين بعد المسجد الأقصى، ويأتي في المرتبة الرابعة بعد الحرمين المكي والمدني والمسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين عامة. ينسب المسجد إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام الذي دفن فيه قبل أربعة آلاف عام، وسميت الخليل باسمه. وتوجد داخل المسجد قباب مغطاة، تقول بعض المصادر التاريخية إنها قبور للأنبياء، إبراهيم وزوجته سارة، وإسحق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وزوجاتهم عليهم السلام.  وفي العام 1994 وفي شهر رمضان تحديدا قام باروخ غولدشتاين وهو احد المتطرفين اليهود باقتحام المسجد واطلاق النار على المصلين فسقط 29 شهيدا منهم، ومنذ ذلك الحين بدأت سلسلة من الاعتداءات الرامية الى التضييق على الفلسطينيين بهدف تهجيرهم.

 

يروي لنا الحاج عمران الستيني عن اوضاع مدينته وإجراءات الاحتلال التعسفية من داخل محله، لبيع الاقمشة والسجاد والتراثيات الفلسطينية والمطرزات، في البلدة القديمة من الخليل. 
"لم يعد هناك امان في البلدة القديمة فالاسرائيليون يمنعون الامن الفلسطيني من التواجد في البلدة القديمة فاضطر الكثير من اصحاب المحال اقفال محالهم وهجر اهل المنطقة بيوتهم الى اماكن اكثر امنا وهدوءا، فالاسرائيليون يقومون باغلاق المحال في أي لحظة ولأتفه الاسباب واعلانها منطقة عسكرية مغلقة ويقومون بمنع التجول فيها ويمكن ان يستمر منع التجول لاكثر من اسبوعين، وهذا يعني لا بيع ولا شراء ولا حياة انسانية  ولمجرد اشتكاء مستوطن ما من نظرة غير لائقة من وجهة نظره من الشبان والاطفال ليقوم الجيش بالاعتقال والاعتداء والضرب والشتم،  ونحن نتحدث هنا عن اطفال لا تتجاوز اعمارهم اثنتي عشرة سنة واقل".
يبعد منزله قرابة العشرين مترا من منزل  تم اخلاؤه بالقوة من اصحابه قبل ست عشرة سنة بحجة عدم الترخيص وتسكن فيه الآن عائلة من المستوطنين، و"بين فترة واخرى يقوم المستوطنون بالتجول في البلدة وتحت حراسة الجيش ويتم خلال هذا التجوال الاعتداء على المحال التجارية وعلى المواطنين وعلى كل ما هو فلسطيني في طريقهم، وفي كل مرة نضطر الى مغادرة منازلنا واللجوء الى منازل الاقارب بسبب قنابل الغاز التي يطلقونها على منازلنا والتي تؤدي الى حالات الاغماء وضيق التنفس والحساسية بالعيون، نقوم بفتح النوافذ ومغادرة المنازل ليومين او ثلاثة حتى تزول الرائحة ثم نعود ونبقي الرجال لحماية المنازل كي لا نعطي الفرصة للمستوطنين من احتلالها كما حصل مع بقية الجيران، بحيث تتكرر مثل هذه الحوادث مرتين واكثر كل شهر، ناهيكم عن القاذورات التي يقذفونها علينا ونحن متوجهون الى المسجد الابراهيمي للصلاة وهم يعلمون انها تفسد الوضوء".
حجز الهويات والاحتجاز لمدة ساعة وأكثر من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلية اضافة الى الخشونة في التعامل واخبارنا بضرورة مراجعة المخابرات الاسرائيلية في رام الله، هو جزء مما تعرض له الحاج عمران ويتعرض له أهلالبلدة القديمة من الخليل، في حال رغبوا في زيارة الحرم الإبراهيمي.

 

الحاجة ام رضا من سكان البلدة القديمة  أيضا (تعيش فيها منذ أكثر من خمسين عاما) تشكو لنا عن ازدياد المضايقات التي يتعرض لها السكان من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال التي تزايدت بشكل ملحوظ منذ 1994 أي بعد مجزرة الحرم التي قام بها المتطرف اليهودي. تشرح الحاجة "هم يحتلون الطابق العلوي من المنزل المجاور لمنزلنا  ويراقبون تحركاتنا ويمنعون الاقرباء والاصدقاء من زيارتنا ونتعرض للشتم والسب في كل مرة نغادر فيها المنزل"، الأمر الذي جعل الحياة اليومية لا تطاق بسبب ما يتعرضون له يوميا من إلقاء القمامة وصب المياه العادمة فوق رؤوسهم وعلى غسيلهم وفي ساحات منازلهم...  اضافة الى رمي الاوساخ والحيوانات النافقة  في خزانات المياه، "نحن نموت ونحيا يوميا الف مرة ولا نعلم باي لحظة يمكن ان يهجموا علينا ويقتلونا لاي سبب من الاسباب، لا نغادر المنزل الا للضرورة القصوى  خوفا من احتلال المستوطنين للمنزل في حال عدم وجودنا، حتى الصلاة في المسجد الابراهيمي حرمنا منها، سابقا كنت اتوجه للصلاة في المسجد يوميا، اما اليوم فلا اذهب سوى يوم الجمعة بسبب المضايقات التي يمكن ان اتعرض لها والتي لن تعجب ابنائي ما قد يدفعهم للمواجهة مع المستوطنين والجيش الأمر الذي سيؤدي الى اعتقالهم او اطلاق النار عليهم او ضربهم".

 

الحاج مصباح الحموري يملك محتجراً في البلدة القديمة منذ أربعين عاما ورثه عن أبيه الذي بدوره ورثه عن جده،  يقول "كان يطلق على هذا السوق اسم سوق الخواجات اما اليوم فيطلق عليه اسم سوق الشالين لقلة تواجد الناس فيه وعزوفهم عنه وقل المصلون والزائرون للمسجد الابراهيمي،  في الوقت الذي ازداد فيه عدد المستوطنين والزائرين اليهود للمنطقة وللحرم وازداد معهم الخناق علينا، فالاحتلال يدفع الاموال للمستوطنين ويدعمهم لكي يبقوا ويسكنوا حول المسجد ...ومع قلة الرزق وقلة دعم السلطة الفلسطينية للتجار ورؤوس الاموال، هجر الجميع البلدة الى اماكن يجدون رزقهم فيها، واقل ما على السلطة القيام به هو جلب الطلاب من المدارس لزيارة البلدة والحرم كما يفعل الاسرائيليون بدلا من اخذهم الى اريحا وقلقيلية وحدائق الحيوان ، ان ضياع المسجد منا ليس سببه اليهود والاسرائيليون فقط وانما نحن نتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية ايضا وكلما اهملنا اكثر كلما ازدادوا هم قوة اكثر".

 

السيدة ام رامي زائرة من بيت لحم لمدينة الخليل والبلدة القديمة، كانت تزور مدينة الخليل مرتين اسبوعيا للتسوق والصلاة في المسجد الابراهيمي وزيارة البلدة القديمة، اما اليوم فقد مضى على زيارتها السابقة سنة كاملة.
"في المرة الاخيرة التي زرت فيها المسجد تعرضت لمضايقات لا توصف من قبل الجيش الاسرائيلي المتمترس على البوابات المؤدية الى المسجد، فهناك ثلاث بوابات الكترونية للوصول الى المسجد وعلى كل بوابة هناك جنود ومجندات اسرائيليون يقومون بالتفتيش اللامنطقي ولا يراعون النساء ولا الاطفال ولا الشيوخ في طريقة التفتيش. في المرة الاخيرة لزيارتي للمسجد كنت برفقة شقيقتي وقد اعتدى المستوطنون على المصلين في المسجد بالضرب والشتم تحت حراسة الجيش وذلك عقب صلاة الجمعة تحولت الى مواجهات اصيبت شقيقتي خلالها بعيار مطاطي في عينها اليمنى ادت الى اقتلاعها واستبدالها بأخرى من زجاج، واصبح من الصعب العودة الى البلدة القديمة وزيارة المسجد بعد تلك الحادثة، الا انني اليوم قررت العودة لانني اولا اشتقت للمسجد والبلدة ولانه ليس من المعقول ان يتحكم 400 مستوطن صهيوني بنصف مليون فلسطيني يعيشون في الخليل فمحاولة اخافتنا من زيارة المسجد هي للسيطرة عليه وتهويده ومصادرته لتحويله الى كنيس يهودي".
في الخليل 400 مستوطن متطرف اغلبهم جاؤوا من شرق اوروبا مقابل اكثر من 4000 مواطن فلسطيني تم التحكم في تنقلهم ورزقهم ومعيشتهم واقفلت العديد من المتاجر والمحلات بسبب المضايقات التي يتعرض لها المواطنون الفلسطينيون وعلى كافة المستويات الانسانية والمعيشية والاقتصادية، 

 

صبحي عبد القادر مصلح يملك متجر حلويات الخليل في البلدة القديمة يصف لنا هذه المعاناة.
"اعمل في دكاني هذا منذ اربعين عاماً ومنذ فترة طويلة تزداد المضايقات يوما بعد يوم من قبل المستوطنين والجيش الاسرائيلي وفي الاونة الاخير اصبحت الاحوال لا تطاق بسبب خنق الاحتلال للبلدة القديمة حيث تم اغلاق البلدة من الجهة الجنوبية ومنعوا دخول المواطنين منها وبهذا فان اهالي يطا والسموع وابو اسنينة وجبل جوهر وهم يشكلون اكثر من ثلثي سكان مدينة الخليل منعوا من الدخول. ففي الماضي كانت البلدة القديمة طريقا امامهم الى المحافظات الاخرى، وبعض هذه المناطق لا تبعد سوى مئتي متر عن البلدة القديمة، اليوم يجب ان يسيروا اكثر من كيلومترين كي يتمكنوا من الحضور الى السوق القديمة والى المسجد الابراهيمي ، لذلك ومع الوقت بدأ المواطنون يفضلون التبضع والتسوق من خارج البلدة مما حول البلدة القديمة الى بلدة منكوبة، وهذا ما يحاول الاحتلال ايصالنا اليه للسيطرة على المنطقة المحيطة بالحرم خاصة بعد مجزرة عام 1994 التي قام بها الاحتلال داخل الحرم. وكلما قامت السلطة بمحاولة لتحسين الظروف التجارية والمعيشية للمنطقة قام المستوطنون اليهود باثارة المشاكل والتحرش بالمواطنين مما يبرر للجيش الاسرائيلي التواجد المستمر وزيادة اعداد جنوده ودورياته واعتقال الشبان وتفتيشهم ومضايقة النساء واطلاق النار بالهواء واستخدام القنابل الغازية والصوتية مما ادى الى عزوف المواطنين عن زيارة البلدة القديمة والحرم الابراهيمي .ورغم كل ذلك ما زال العديد منا صامدين هنا كما ترون ولن نترك ارزاقنا الا اذا تم قتلنا فعلا".
وقعت مجزرة الحرم الابراهيمي فجر الجمعة 25 -2-1994 شكلت اثرها لجنة تحقيق أسفرت عن أول قرار بتقسيم مسجد إسلامي إلى كنيس يهودي ومسجد، ووضعت على مداخله بوابات إلكترونية وفرضت قيود على دخول المسلين إليه. ومنذ ذلك الوقت توالت الاعتداءات على المسجد، وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وما زالت الأسواق القريبة منه، وبها أكثر من خمسمائة محل تجاري مغلق، كما يمنع رفع الأذان فيه عشرات المرات شهريا.  ويُحمِّل بعض المواطنين جزءاً من المسؤولية للسلطة الوطنية ويتهمها بالتقصير تجاه دعم سكان البلدة القديمة واصحاب المحال التجارية المتضررة، ومنهم المواطن

 

عبد الحفيظ البكري صاحب متجر خضراوات في البلدة القديمة في المدينة. 
"هناك مشكلة اساسية لهجر المواطنين للبلدة القديمة تكمن في عدم توفير السلطة الفلسطينية للمواصلات التي تساعد المواطنين للحضور الى هذا السوق وهذه المنطقة، وايضا هناك صعوبة في نقل البضائع والامتعة، وهذا امر مرهق جدا في ظل الظروف التي نتعرض لها من قبل الجيش الاسرائيلي في محاولة منه لترحيلنا ووضع العقبات امامنا لاجبارنا على ترك هذه الدكاكين التي ورثناها عن آبائنا واجدادنا، فهناك الكثير من المحال اغلقها اصحابها بسبب التعنت الاسرائيلي وهمجيته وشراسة المستوطنين الذين لا يتركون فرصة للاعتداء علينا وتحت حماية الجيش الاسرائيلي، واذا حاول أي منا التصدي لهم يقوم الجيش بالتدخل لصالحهم بالتاكيد ، فيقوم باعتقال الشبان واغلاق المحال التجارية ويسحبون الهويات من المواطنين ويتركوننا نتظر بالساعات رافعين الايادي ووجوهنا على الحائط بانتظار اعادة الهويات لنا، هذه الامور كلها اجتمعت لتنفير المواطنين من الدخول الى البلدة القديمة والاسواق المحيطة بها وايضا الدخول الى المسجد الابراهيمي".
 في المسجد مقامات لسيدنا ابراهيم عليه السلام ولزوجته  سارة ومقام للنبي اسحاق وزوجته رفقة، وتوجد القبور في مغارة اسفل المسجد، وفي الجهة الثانية من المسجد هناك مقامات للنبي  يعقوب عليه السلام وزوجته لائقة وهذا الجزء سيطر عليه الاسرائيليون وتقدرمساحته  ب60% من مساحة المسجد. محمد الخطيب احد حراس المسجد الابراهيمي يحدثنا عن ذلك مع حرقة لا تخلو من الدمع والعتاب:
"في اعيادنا يفتح الحرم بكامله امام المسلمين ويخلونه لنا، وفي اعيادهم يكون الحرم لهم بكامله ونخلوه لهم، أي بواقع عشرة ايام لكل منا سنويا، وغير ذلك يزورون نصيبهم ونزور نصيبنا من القسمة، ولكن الفرق بيننا وبينهم انهم يزورون باعداد هائلة تفوق اعدادنا مئات المرات، يأتون من مختلف المناطق ويتم جلب السياح على انه موقع اثري مقدس لليهود، ويتم جلب طلاب المدارس من كل المناطق لتعريفهم على ان الموقع هو موقع يهودي، والواقع ان الاسرائيليين يتعمدون تسهيل الزيارات لليهود ويضعون العقبات امام المسلمين فهناك العديد من الحواجز يقف عندها المواطنون المتوجهون الى المسجد بالساعات ناهيك عن بوابات التفتيش الالكترونية التي يضطر المواطن عندها خلع ملابسهم ويعرضوا للاهانة والشتم والسب. هذه الممارسات بمجملها ادت بالنتيجة الى نفور المواطنين والمسلمين من زيارة المسجد حتى اصبح عدد المصلين فيه لا يتعدى المئة وخمسين في احسن حالاته ليصل الى عشرة مصلين فجرا، وقد ازدادت هذه الممارسات خاصة بعد المجزرة التي قام بها المتطرف اليهودي في شهر رمضان من العام 1994 حيث تم بعدها اغلاق المسجد لمدة تسع شهور ومن ثم ادت الى تقسيمه الى قسمين احدهما لهم والاخر لنا، واليوم يعمل الاسرائيليون على تحويل كامل الحرم لليهود".      

 

عبد الرؤوف المحتسب صاحب محل تجاري يقع في شارع الشهداء والمغلق تماما امام حركة الفلسطينيين عدا عائلتين فقط هما عائلة العجلوني وعائلة الرجبي ، عرض عليه الاسرائيليون الملايين لشراء دكانه ومنزله الواقع على اول شارع الشهداء ومباشرة مقابل الحاجز الاسرائيلي يقول المحتسب واصفا معاناة عائلته بسبب موقعهم
" يتعرض اولادنا للتفتيش والتوقيف لساعات تحت اشعة الشمس كلما دخلوا او خرجوا واثناء ذهابهم وعودتهم من والى المدارس فقد قرر الاسرائيليون ان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة ووضعوا حاجزاً اول الشارع منعوا المواطنين من المرور منه، -وقد تعرضتم انتم للمضايقات والتفتيش وانتم صحافة فما بالكم ببقية المواطنين. هذه المنطقة من وجهة النظر الاسرائيلية هي منطقة يهودية يحتاج العرب الى تصريح للدخول اليها وقد حاولت السلطة مرارا وتكرارا مساعدتنا دون جدوى حتى الضغط الدولي لم يفلح مع الاسرائيليين لاعادة فتح شارع الشهداء ، وكلما طالبنا اكثر ازداد الخناق اكثر حتى توقفنا عن المطالبة لان ذلك يعني اغلاق ومشاكل ومواجهات .حتى اصبح اطفالي الخمسة بحاجة الى اطباء نفسيين للعلاج بسبب المضايقات والتوتر الدائم وهم يعانون قلة النوم وكثرة الكوابيس والتبول اللاارادي وفقر الدم " .
ويقول " في كل اول شهر يعرض الاسرائيليون علينا بيع البيت والمحل التجاري حتى وصل المبلغ المراد دفعه 100 مليون دولار وفي اكثر من مرة كانوا يحضرون معهم المبلغ نقدا في حقائب لاغرائنا بالبيع والتنازل عن حقنا في وجودنا هنا ، ونحن رغم وضعنا الاقتصادي الذي تردى بسبب الاغلاق والحصار الا اننا نرفض الفكرة من اساسها ولا نعلم الى أي حد سنستطيع تحمل هذه المعاناة وهذا الاغراء ، الا انني وفي كل مرة اضع مخافة الله امام عيني لدرجة انني فكرت بتسليم المنزل والدكان للاوقاف الاسلامية مقابل أي منزل او قطعة ارض استطيع ان اعيل عائلتي منها ، والان انا اتحدث اليكم بصوت مرتفع لكي يسمع ذلك الجندي الذي يتربص امامنا وانا اعلم بانه يفهم كلامي لانه للاسف عربي درزي وذاك الاخر بدوي من بئر السبع يعملون في الجيش الاسرائيلي ويقومون بمضايقتنا احيانا اكثر من اليهود انفسهم  واقول له وبصوت مرتفع سابقى هنا ما دمت حيا والله المستعان عليكم واقول للعرب والمسلمين كما قالها رسولنا الكريم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " وسوف تسألون يوم القيامة امام الله عن تقصيركم تجاه فلسطين واهلها .
وللوقوف عند معاناة المواطنين في مدينة الخليل والامكانيات التي يمكن ان تقدمها السلطة الوطنية للمساعدة في حالة الصمود والتصدي للمستوطنين وشراستهم ومحاولة احتلالهم البلدة تحت حماية الجيش الاسرائيلي،

 

كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور حسين الأعرج محافظ مدينة الخليل وعند سؤاله عن حالة المدينة وخاصة البلدة القديمة في ظل الانتهاكات الاسرائيلية قال
تعاني مدينة الخليل من الاغلاقات المتكررة ومنع التجول ومن الحصارالاقتصادي والسياسي والاجتماعي منذ فترة طويلة خصوصا بعد المذبحة البشعة التي وقعت في الحرم الابراهيمي عام 1994 على يد باروخ جولدشتاين المتطرف اليهودي. وقامت بعدها القوات الاسرائيلية باغلاق شارع الشهداء وهو الشارع الرئيسي في البلدة القديمة والذي يربط شمال المدينة بجنوبها الاكثر كثافة سكانية وبالتالي عزل أكبر التجمعات السكانية للمدينة عن البلدة القديمة، وهذا الامر أدى ألى حالة من الشلل في النواحي التجارية والاجتماعية أيضا للمدينة. حتى أن بعض المواطنين من الذين يسكنون مشارف البلدة القديمة والذين لا تبعد بيوتهم سوى امتار عن الحرم منعوا من الوصول مباشرة الى الحرم بسبب اغلاق الطرق والان يسلكون طريقاً بديلاً فرضته القوات الاسرائيلية يبعد حوالي كيلومترين عن الحرم الشريف.
 اضافة الى الاجراءات التعسفية التي تقوم بها هذه القوات لمنع ولدفع المواطنين والتجار والزوار بعيدا عن البلدة القديمة واستمرار اغلاق شارع الشهداء والمحطة المركزية للحافلات، يمنع وصول وسائل النقل للبلدة القديمة ذات الازقة الضيقة والتي لاتتسع الا للمشاة والمدخل الوحيد للعربات ولوسائل النقل هو من شارع الشهداء الذي أغلقته القوات الاسرائيلية، مما زاد من معاناة التجار والمواطنين عند نقل بضاعتهم. كذلك اغلاق السوق المركزي للخضار سيؤدي الى شلل تجاري واقتصادي للبلدة، وضعف في التواصل الاجتماعي لاهالي البلدة والاسرائيليون معنيون في طرد الناس ليسهل عليهم بعدها مصادرة الحرم الابراهيمي الذي هو عنوان لمدينة الخليل وللمحافظة ان لم يكن ضمن اهم العناوين المقدسة لفلسطين.
وعن سؤاله عن الاجراءات التي يمكن للسلطة الوطنية اتخاذها لمجابهة الهجمة الاستيطانية على البلدة القديمة والمسجد الابراهيمي قال الاعرج "بالنسبة للمحافظة والحكومة الفلسطينية تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية بتقديم كل ما في وسعها لبقاء المواطنين في بلدتهم ولدعم صمودهم وتواصلهم مع بقية الاهل في مدينة الخليل، بحيث تقوم الحكومة بتقديم مبلغ 200 دولارشهريا لكل صاحب محل يبقى في محله ولكل من يعاود فتح متجره في البلدة القديمة للحفاظ على الزخم في البلدة ولكن كما أسلفت، الاعاقات الإسرائيلية والبوابات الالكترونية وكثرة التفتيش واالتعسف الذي يتعرض له المواطنون عند الحواجز الاسرائيلية دفعت الكثير الى ترك المدينة ومع الايام بدات تفرغ البلدة حتى من الزوار. لذا تقوم المحافظة بالترويج السياحي والتوجيه الاعلامي للمواطنين بضرورة التوجة والتبضع والتواجد في البلدة القديمة لاحباط محاولات اليهود في تهويد الحرم ومن ثم مصادرته.
كذلك تتعمد الحكومة الفلسطينية في عقد جلساتها الرسمية في الخليل للدعم السياسي والمعنوي للبلدة، ولتأكد اهتمامها بالبلدة. هناك مجموعة من المشاريع الحكومية لأعادة انعاش المدينة تتمثل في نقل الكثير من المكاتب الحكومية مثل الصحة والتعليم والمواصلات الى قلب البلدة القديمة لاعادة الزخم والحيوية للبلدة القديمة ولحماية الحرم الابراهيمي من المصادرة، وهناك توجه لدى المحافظة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة السياحة الى توجيه الرحلات المدرسية الى البلدة القديمة في الخليل والى الحرم الابراهيمي الشريف لتعريف الاجيال الفلسطينية الشابة على أهمية الحرم ولربطهم به أكثر ولتقديم الدعم أكثر لأهلنا في البلدة القديمة من الخليل ".