اتسع، ويتسع زمن اللحظة التاريخية الفاصلة، التي باتت تقود إلى المعركة الأخيرة، بيننا والاحتلال الإسرائيلي، والتطورات الدراماتيكية باتت محتملة في كل الاتجاهات الميدانية، والسياسية، وربما على نحو غير متوقع، لأن واقع الأمر الفلسطيني على مختلف مستوياته النضالية، والرسمية، والشعبية، والفصائلية، أصبح هو واقع التحدي الأعظم، والذي أعلن عنه الرئيس أبو مازن في كلمته التي افتتح بها اجتماع القيادة الفلسطينية الأربعاء الماضي، وبالعبارة المكثفة "نقول لأميركا، وإسرائيل، أننا سنبقى شوكة في عيونكم، ولن نغادر وطننا، لقد طفح الكيل، ارحلوا عنا، حلوا عن صدورنا".

وطفح الكيل، وارحلوا عنا، لا تعني غير أمر واحد،  وهو أن شعبنا  بكل قواه وفصائله لن يسكت أبدًا على وجود الاحتلال، ولن يدع جرائمه تمر دون رد، وحساب، وعقاب عادل، لأجل الحل العادل، وهذا يعني بكل وضوح أن المقاومة ستتصاعد ضد الاحتلال، ومستوطنيه، بكل أشكالها ووسائلها المشروعة.

ارحلوا عنا، وحلوا عن صدورنا، عيل صبرنا، لكن صمودنا راسخ، وعزيمتنا ثابتة في قرارها النضالي، لا أمن، ولا سلام، ولا استقرار، ما لم يحظ شعبنا بحريته، واستقلاله في دولته، بعاصمتها القدس الشرقية.

اتسع، ويتسع زمن اللحظة التاريخية التي نعيش اليوم، والمعركة الأخيرة يمكن أن تصبح قاب قوسين أو أدنى، إذا ما امتثلنا لنداء القدس الموحد، وتصدينا بالفعل الوطني الواحد الموحد، لعدوان الاحتلال على قطاع غزة. المعركة الأخيرة، هي معركة الكل الوطني، معركة الوحدة، والتآلف، والتعاضد، ومعركة القرار الوطني المستقل حتى لا تتمكن تدخلات القوى الخارجية، من إخماد هذه المعركة لصالح الاحتلال، كما أخمدت ثورة العام ستة وثلاثين من القرن الماضي،  حين صدق!! الزعماء العرب "حسن نوايا الصديقة بريطانيا". وطالبوا الثوار بوقف ثورتهم ضد الانتداب البريطاني!!!  لا نعني هنا  بتدخلات القوى الخارجية، أي حراك عربي، أو إقليمي، أو دولي، لوقف العدوان الإسرائيلي العنيف على أهلنا في قطاع غزة، هذا الحراك الذي نقدره، ندعوه اليوم أن يكون أكثر فاعلية وحضورًا في عواصم القرار السياسي المؤثر، مثلما ندعو مجلس الأمن الدولي، لأن يتصدى لمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وفي احترام شرعة حقوق الإنسان، والدفاع عنها، وترجمة بنودها، وإدانة إرهاب الدولة المنظم الذي تواصله إسرائيل بحق شعبنا الفلسطيني.

دعوتنا للتصدي للتدخلات الخارجية ذات الغايات المشبوهة، هي في الأساس دعوة لكل الفصائل الفلسطينية، كي لا تسهم بحسابات المصالح الضيقة، بوأد اللحظة التاريخية الفاصلة، وكي تظل الطريق سالكة نحو خوض المعركة الأخيرة .الوحدة الوحدة تحت راية القرار الوطني المستقل، ولا بديل عن هذه الوحدة.