تقرير: ساهر عمرو

يعمل الاحتلال الإسرائيلي بشكل حثيث منذ سنوات طويلة للسيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، وإفراغه من المصلين الفلسطينيين، وإبعاد الوجود الفلسطيني عن محيطه، خاصة إغلاق شارع الشهداء الحيوي في قلب الخليل القديمة.

ومع اقتراب ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي التي تصادف غدا لا بد من التأكيد على تداعياتها، حيث عمل الاحتلال على إغلاق نحو ألفي محل تجاري في البلدة القديمة، ومنع رفع الأذان مئات المرات سنويا، واحتل عشرات البيوت بعد تهجير سكانها الفلسطينيين الأصليين، في موجة اقتلاع كبيرة لكل ما يمت لفلسطين بصلة في تلك المنطقة.

وقال مسؤول ملف البلدة القديمة والمناطق المغلقة في حركة فتح بالخليل مهند الجعبري، إن الاحتلال ومستوطنيه اعتقدوا أن مخططاتهم وإجراءاتهم لتفريغ البلدة القديمة من أصحابها، وعزل الحرم الإبراهيمي عن محيطه قد نجحت وحققت أهدافها، وان اقتحام رئيس وزراء الاحتلال للحرم الإبراهيمي وزيارته للمنطقة، في شهر أيلول من العام الماضي، أراد لها أن تكون عنوانا لنجاح مخططاته الاستيطانية في الاستيلاء على تلك المنطقة، وإنها باتت منطقة إسرائيلية بالكامل.

وأضاف الجعبري لقد كان هذا الاقتحام وما رافقه من حشود للمستوطنين من كافة مستوطنات الضفة الغربية، وقيامهم بتثبيت حجر يحمل رسومات توراتية على مدخل البلدة القديمة يعلنها منطقة إسرائيلية - قام المواطنون الفلسطينيون بإزالتها- ناقوس خطر دق فاسمع كافة المواطنين، فاستشعروا حجم الخطر المحيط بحقوقهم وبلدتهم ومقدساتهم، فانطلقت حملة جماهيرية شعبية للرد على الاحتلال ومستوطنيه، لحماية الحرم والبلدة القديمة، وتوجيه أهالي الخليل خاصة، وفلسطين عامة للزحف باتجاه الحرم الإبراهيمي والصلاة فيه، والتسوق من أسواق البلدة القديمة، لتعود الحياة إلى طبيعتها  في المكان.

وقد بدا واضحا نجاح هذا الحراك وبشكل كبير في إعادة الحياة للبلدة القديمة والحرم الإبراهيمي، على أكثر من صعيد، يقول الجعبري: "نجاح الحملة في كسر حاجز الخوف، الذي سعى الاحتلال، منذ مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994، لزرعه في عقول وقلوب سكان البلدة القديمة وزائريها من الفلسطينيين، بالقتل والاعتقال والإجراءات القمعية والوحشية المستمرة من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه، لدفعهم للابتعاد عن هذه المنطقة وعدم المخاطرة بالوصول إليها.

ولمواجهة سياسة الترهيب تطوع عدد كبير من الشبان وتشكلت منهم لجان حماية يعملون على مدار الساعة، لحفظ سلامة الزائرين وممتلكاتهم، وتامين وصولهم للحرم الإبراهيمي والأسواق في البلدة القديمة، ومراقبة المحيط أثناء تأديتهم الصلاة لحمايتهم من أي اعتداء للمستوطنين وجنود الاحتلال، حتى وصلت أعداد الزوار والمصلين في صلاة الفجر، إلى ما يزيد عن 20 ألف مصلٍ.

وانقلب السحر على الساحر، فلم يستطع جنود الاحتلال اعتراض طريق الأعداد الكبيرة من المواطنين، وأجبروا على فتح الحواجز والابتعاد عنها، فلم يبق جندي على حاجز، وكذلك تم فتح البوابة الشرقية للحرم، والتي لا تفتح أمام الفلسطينيين سوى عشرة أيام في العام فقط، بحسب توصيات لجنة "شمغار"، التي شكلها الاحتلال عقب مذبحة الحرم، وحرمت نتائجها الفلسطينيين من الوصول إلى الجزء الأكبر من الحرم الإبراهيمي.

وكذلك أٌجبر الاحتلال على فتح الساحة الخارجية للحرم أمام المواطنين، بعد إغلاق استمر أكثر من ربع قرن، وتمكن المواطنون من الوصول إليها والصلاة فيها".

وأشاد الجعبري بالدور الذي يلعبه المواطنون الذين استجابت بشكل جماعي وموحد لحماية البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي، وأطلقت المسارات باتجاه البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي.

وتابع أن الأجواء السائدة في البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الشريف مزقت الصورة الزائفة، التي حاول الاحتلال ترسيخها، فلن تكون البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي مدينة أشباح تعشش غربان المستوطنين فيها.

من جانبه اعتبر مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو اسنينة، أن ما تشهده البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي يمثل ردا واضحا على سلسلة الاعتداءات الاسرائيلية على الحق الفلسطيني في الحرم ومحاولات تهويده وتغيير حقيقته.

وأضاف، هذه الأيام تشهد ازديادا مستمرا في أعداد المصلين والزائرين تتجاوز الآلاف، خاصة في صلاة الفجر، في حين لم يكن عدد المصلين يتجاوز بضع عشرات، مطالبا المواطنين بالمزيد من الزحف نحو المنطقة، فالتواجد بأعداد كبيرة للمواطنين يعزز شعور كل زائر ومصلٍ بالأمن، ويجبر الاحتلال على فتح كافة الساحات وصولا إلى ساحة السوق والمناطق المهددة بالإزالة والاستيطان.

وأشاد أبو اسنينة، بالآثار الايجابية للأنشطة والفعاليات التي يشهدها الحرم الإبراهيمي، خاصة الأمسيات الثقافية منها، والتي تتنافس كافة مؤسسات ونقابات المحافظة، الرسمية منها وغير الرسمية على المشاركة فيها مساهمة منها في حراك حماية الحرم، ويحضرها آلاف المواطنين، مشيرا إلى اللفتة الكريمة للرئيس محمود عباس بتخصيص عدد من مقاعد الحج لرواد الحرم الإبراهيمي سيجري توزيعها بالقرعة خلال الأمسيات الثقافية.