تقرير: معن الريماوي

في جريمة ليست بالجديدة نفذت إسرائيل اليوم عملية إعدام مباشر قرب مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، ولن تكون الأخيرة طالما بقي القاتل مفلتا من العقاب، وطالما يحظى بهذا الدعم اللامحدود لجرائمه على الأقل من خلال عدم محاسبته على ارتكابها.

التصعيد الميداني الإسرائيلي صار أمرا يوميا، ففي الوقت الذي سجي فيه جثمان الشهيد محمد علي دار عدوان في مجمع فلسطين الطبي برام الله، كانت الجرافات العسكرية تهدم بناية من ثلاثة طوابق في بيت جالا وأخرى من طابقين في مخيم شعفاط، فيما تواصلت عمليات المداهمة والاعتقال وتكثيف الحواجز العسكرية في مختلف محافظات الضفة الغربية.

بعد اليوم، سيفتقد المخيم ابنه "خميس" كما كان يحب أن ينادى، الخلوق الذي عرف بتواضعه، وابتداء من هذه اللحظة، سينتهي كل شيء، وستبقى فقط الذكرى بالنسبة لوالدته ولمحبيه، وستقف على ضريحه تبكيه.

في تمام الساعة الـ3:30 فجرًا، اقتحمت قوات الاحتلال الاسرائيلي، مخيم قلنديا شمال مدينة القدس، ما أدى الى اندلاع مواجهات بين جنود الاحتلال والشبان، أطلق خلالها الجنود الرصاص الحي بكثافة تجاه الشبان.

توجه محمد (23 عاما) باتجاه منزله القريب من مكان المواجهة، هاربًا من كثافة الرصاص التي اطلقت، ولكن كان الجنود أسفل المنزل، وعلى الفور أطلقوا الرصاص عليه بشكل مباشر، أكثر من 10 رصاصات اخترقت جسده. ألقي محمد على الأرض، وهرع الجنود نحوه، وقاموا بجره وسحبه بطريقة بشعة، وتم وضعه في الجيب العسكري، حسب أحد شهود العيان.

في مستشفى رام الله الحكومي، تقف والدة الشهيد محمد "أم فادي" فوق رأس ابنها. بعد أن طبعت قبلة الوداع الأخيرة على جبين فلذة كبدها. وهي تردد "الله يرحمك يما.. الله يرحمك يا عريس".

وقالت والدة الشهيد: "سمعنا صوت رصاص قريب من بيتنا، وكان محمد خارج المنزل. بعد دقائق اتصل بي أحد الأقارب يسألني: وين محمد؟ وانهى المكالمة مباشرة، خفت كثيرًا، ناديت على ابني فادي الذي يسكن في الطابق الثاني، اخبرني أن محمد مصاب، ولا تفاصيل عن حالته الصحية".

وأضافت، "لم استطع تمالك نفسي، حاولت الخروج لأرى ماذا جرى لمحمد، ولكن منعني زوجي وابني. وفيما بعد تم اخبارنا بأن محمد قد استشهد".

وتابعت والدة الشهيد: "لا أصدق أن الشخص الذي أوقظه كل يوم للعمل في نقل البضائع، وتوزيعها للمحلات التجارية، والذي أعد له الفطور، والغداء، والعشاء، قد استشهد... كنت أحلم أن أزوجه، وأن أراه عريسًا.. لطالما ألححت عليه، وفي كل مرة يخبرني فيما بعد، للسنة القادمة. وها هو اليوم عريس الشهادة".

وقالت: "محمد كان بريئا جدا، يحب الضحك، لا يعرف الجلوس في البيت، حتى اللقمة ألحقه بها. بالأمس أخبرته بأني أريد الجلوس معه، لأني اشتقت له كثيرًا، دائما إما في العمل، وإما عند أصدقائه. وأخبرته أني اشتريت له ملابس جديدة. حينها قال سأرتدي الملابس غدا، وها هي الملابس تنتظره ليرتديها".

وأضافت "لكن لن يرتدي محمد هذه الملابس، ولن ألح عليه بالزواج، ولن ألحقه بالأكل كل صباح، لقد استشهد".

"هو شاب متواضع، بسيط جدا، محبوب في المخيم، يعرفه الجميع. اينما ذهبنا نراه أمامنا.. صديق الجميع، لم يزعل أحدا أبدا. كل المخيم ستفتقد الشاب الخلوق، المتعاون مع الجميع" يقول أحد جيران الشهيد.

وقال مسؤول الاعلام في بلدية كفر عقب رائد حمدان: "إن هذه الجريمة تضاف الى جرائم الاحتلال البشعة، ماذا يريد الاحتلال من شاب أعزل ليطلق عليه هذا العدد الكبير من الرصاص الحي القاتل، الشهيد اخترق جسده على الأقل 10-15 رصاصة، وبعدها تم جره على الارض والتراب والماء، وحملوه بالجيب إلى حاجز قلنديا. وفيما بعد تم تسليمه هناك".